على الحدود بين الجزائر وليبيا: ناسا تكشف مشهداً "مريخياً" يروي قصة رمال عمرها ملايين السنين!
في مشهد يخطف الأنفاس، كشفت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا عن صورة مذهلة بدت للوهلة الأولى وكأنها التقطت من سطح المريخ أو أحد الكواكب البعيدة.
لكن الحقيقة أن هذا المنظر الفريد يقع هنا على كوكبنا، وتحديداً عند الحدود الفاصلة بين الجزائر وليبيا، حيث يلتقي بحر هائل من الكثبان الرملية النجمية مع تضاريس صخرية جرداء تشبه عوالم أخرى، في مشهد استثنائي يكشف اختلاف التضاريس بشكل واضح، ويعيد إلقاء الضوء على تاريخ الصحراء الكبرى عبر ملايين السنين.
من على ارتفاع مئات الكيلومترات فوق سطح الأرض، التقطت الأقمار الصناعية التابعة لمرصد الأرض في وكالة ناسا صورة استثنائية تكشف مشهداً يبدو أشبه بلوحة طبيعية مرسومة بدقة.
عند الحدود بين الجزائر وليبيا، يظهر التقاء مذهل بين عالمين جيولوجيين متناقضين، بحر من الكثبان الرملية الضخمة ذات الأشكال النجمية من جهة، وأراضٍ صخرية قاحلة تشبه تضاريس الكواكب الأخرى من جهة أخرى.
هذا المشهد لا يبرز فقط التباين البيئي والجغرافي، بل يعكس أيضاً التاريخ العميق والمتقلب لصحراء تُعد الأكبر في العالم.
🌟 بحر الرمال العظيم في الجزائر: كثبان النجوم
تمتد الكثبان الرملية الهائلة، المعروفة باسم العرق الشرقي الكبير، عبر شمال الجزائر بمساحة تقارب 55 ألف ميل مربع. هذه الكثبان ليست عادية، بل هي من نوع خاص يُعرف بـ “كثبان النجوم“.
تتخذ هذه التشكيلات الرملية شكل نجمة متعددة الأذرع، وتتشكل في البيئات التي تتغير فيها اتجاهات الرياح باستمرار.
يصل ارتفاع بعضها إلى 300 قدم (أكثر من 90 متراً)، أي ما يعادل بناية من ثلاثين طابقاً. ومن الجو، تبدو الكثبان وكأنها أمواج متجمدة وسط محيط من الرمال الذهبية، تشهد على ديناميكية غير مرئية تتحكم بها الرياح منذ آلاف السنين.
ويُعتقد أن هذه الرمال هي نتيجة عمليات جيولوجية ممتدة عبر ملايين السنين، حيث تفتتت الصخور بفعل الأمطار القديمة، قبل أن تبدأ الرياح في إعادة توزيعها وتشكيلها تدريجياً.
🪨 صحراء صخرية كالكواكب الأخرى في ليبيا
على الضفة الأخرى من الحدود، يختفي هذا الامتداد الرملي الهائل فجأة ليترك مكانه لتضاريس صخرية قاحلة داخل ليبيا.
هنا، المشهد مختلف تماماً، أرض سوداء وبنية تآكلت بفعل الرياح منذ أزمنة سحيقة، لا نبات فيها تقريباً. وتُظهر الصور الفضائية أن هذه الصخور حُفرت بفعل رياح أحادية الاتجاه، صنعت أخاديد طويلة مستقيمة، أشبه بما قد يتخيله العلماء لسطح المريخ أو عطارد.
وسط هذا الامتداد الصخري، تظهر بقعة بيضاء لامعة، وهي ليست سوى قاع بحيرة قديمة جفت منذ زمن بعيد.
هذا السطح المتشقق المقفر هو بقايا نظام بيئي مائي كان يزدهر في الماضي، قبل أن يتحول بفعل تغيّر المناخ إلى أرض قاحلة. يمثل هذا القاع الجاف شاهداً على فترات كانت فيها الصحراء الكبرى أكثر رطوبة.
🗺️ الطبيعة تلتقي بالحدود السياسية
اللافت في الصورة أن خط الحدود السياسية بين الجزائر وليبيا يتطابق تقريباً مع خط التقاء الرمال بالصخور. وكأن الطبيعة نفسها رسمت هذا الحد الفاصل قبل أن يعترف به الإنسان.
فالكثبان الرملية تقع كلها داخل الجزائر، بينما تغطي التضاريس الصخرية الجانب الليبي. هذا التوازي بين المعالم الطبيعية والانقسامات السياسية يبرز كيف أن الحدود التي صنعها البشر أحياناً ما تجد انعكاساً مذهلاً في الطبيعة.
ما تكشفه صورة ناسا ليس مجرد منظر طبيعي مبهر، بل شهادة على التاريخ الطويل والمعقد لأكبر صحراء في العالم.
إن لقاء “كثبان النجوم” مع التضاريس الصخرية في هذه البقعة الحدودية يذكّرنا بأن الأرض ليست مجرد خرائط وحدود، بل كائن حي يعيد تشكيل نفسه باستمرار.
