ترامب يُصارع حقائق المخابرات: هل النفط يُغني عن النووي؟

في تطور يُعيد رسم خريطة العلاقة المعقدة بين السياسة والاستخبارات، أطلق الرئيس دونالد ترامب تصريحات مثيرة للجدل، مؤكداً أن مديرة المخابرات الوطنية، تولسي غابارد، ووكالات التجسس الأمريكية برمتها، مخطئون بشأن خطط إيران النووية.

وكأننا نشاهد حلقة جديدة من مسلسل “من يصدق من؟”، ترامب يضع رأيه الشخصي في كفة، وتقييمات أجهزة المخابرات في كفة أخرى، مرجحًا كفته بكل ثقة.

إنها مخطئة”… وبقية الأجهزة أيضاً!

بدأت القصة عندما صرحت غابارد في مارس الماضي للمشرعين بأن وكالات التجسس الأمريكية تعتقد أن إيران لم تتخذ قراراً ببناء سلاح نووي.

وهو تقييم قد يبدو منطقياً للكثيرين، لكنه على ما يبدو لم يرق لذوق الرئيس.

عندما سُئل ترامب عن هذا التقييم فور وصوله إلى نيوجيرسي، أتى الرد سريعاً ومباشراً، وكأنه نكتة لم يفهمها سواه: “إذن، كانت أجهزتي الاستخباراتية مخطئة”.

وعندما تم توضيح أن غابارد هي من صرحت بذلك، جاء الرد القاطع الذي لا يحتمل الجدل: إنها مخطئة.” وكأن ترامب يملك “كرة بلورية” أو “بصيرة” تتفوق على تحليل آلاف المحللين والعملاء السريين. ربما علينا أن نعتبر هذا “مدرسة ترامب الجديدة” في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية: إذا لم تتفق معي، فأنت مخطئ!

النفط مقابل اليورانيوم: هل إيران لا تعرف ما لديها؟

لم يتوقف ترامب عند حد التشكيك في نوايا إيران النووية العسكرية، بل ذهب أبعد من ذلك ليشمل حتى الأغراض المدنية للبرنامج النووي الإيراني.

في حديثه للصحفيين، تساءل ترامب بنبرة أقرب إلى السخرية: “إنهم يقبعون فوق أحد أكبر حقول النفط في العالم.

لا أعرف لماذا يحتاجون إلى ذلك لأغراض مدنية.

” وأضاف: “أنت تقبع فوق أحد أكبر حقول النفط في العالم. من الصعب فهم سبب حاجتك إلى ذلك.”

هنا يطرح الرئيس ترامب سؤالاً يبدو بديهياً في ظاهره، لكنه يتجاهل الحقائق المعقدة للطاقة النووية وأهميتها للدول، حتى تلك الغنية بالنفط. فهل يعتقد الرئيس أن إيران تخلط بين النفط الخام واليورانيوم المخصب؟

أم أنه يرى أن مجرد امتلاك النفط يجب أن يكون كافيًا لإرضاء جميع الطموحات التنموية؟ يبدو أن ترامب يعتقد أن إيران ببساطة لا تعرف ما لديها من كنوز تحت الأرض، أو أنها تفضل اللعب بـ “اليورانيوم” بدلاً من ضخ “البترول” كأي دولة عادية!

هذه التصريحات تضعنا أمام سيناريو مثير، حيث يبدو أننا في حاجة إلى قاموس جديد للمصطلحات السياسية والاستخباراتية، قاموس يكتبه الرئيس بنفسه.

فهل سنرى في المستقبل وكالات استخبارات “على خط ترامب”؟

وهل ستصبح “النفط يغني عن النووي” هي العقيدة الجديدة في الطاقة؟

الأيام القادمة وحدها كفيلة بكشف المزيد من الفصول في هذه الكوميديا السياسية.

 

المزيد من الكاتب

صدمة في دمشق: رئيس سوريا الجديد يغازل إسرائيل بعبارة “لدينا أعداء مشتركون” – إلى أين يتجه محور المقاومة؟

تصعيد خطير: إسرائيل تلوح بالتحرك المنفرد ضد منشأة فوردو النووية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *