كاليفورنيا في قلب عاصفة أمريكا السياسية والاقتصادية
تُعد كاليفورنيا اليوم، في 9 يونيو 2025، مركزاً لعاصفة تضرب المشهد السياسي الأمريكي، مدفوعة بتصاعد حدة التوترات بين الإدارة الفيدرالية وحكومة الولاية.
هذه الأزمة ليست مجرد حادثة منعزلة، بل هي تتويج لسلسلة من العوامل الاقتصادية، الديموغرافية، والسياسية التي تجعل كاليفورنيا في طليعة التحديات التي تواجه الولايات المتحدة.
اقتصادياً، تقف كاليفورنيا شامخة كـ رابع أكبر اقتصاد في العالم، متجاوزة اليابان، وتقدم مساهمة هائلة للاقتصاد الوطني، حيث تُعد أكبر “ولاية مانحة” للحكومة الفيدرالية، بإرسالها 83 مليار دولار أكثر مما تتلقاه في عام 2022.
هذه القوة الاقتصادية، التي يدعمها قطاع التكنولوجيا المتقدمة، الزراعة، والصناعة، جعلت الولاية محركاً رئيسياً للنمو، ولكنها أيضاً عرضتها لسياسات التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب، مما دفع حاكم الولاية لرفع دعوى قضائية في وقت مبكر.
ديموغرافياً، تحتضن كاليفورنيا أكثر من مليوني مهاجر غير موثق، يشكلون جزءاً لا يتجزأ من القوى العاملة والاقتصاد، ويساهمون بمليارات الدولارات في الضرائب
إن سياسات الهجرة الصارمة التي تتبعها الإدارة الفيدرالية، والتي تستهدف هؤلاء المهاجرين، تخلق “تأثيراً مخيفًا” يُعيق وصول العائلات إلى الخدمات الأساسية ويهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للولاية.
هذا التركيز الكبير على الهجرة يجعل كاليفورنيا نقطة اشتعال رئيسية في الصراع الفيدرالي-الولائي.
على الصعيد السياسي، أدت هذه العوامل إلى تنامي حركة مثل “كاليكست” (CalExit)، التي تدعو إلى استقلال كاليفورنيا كدولة مستقلة.
هذه الحركة، التي اكتسبت زخماً خاصاً بعد انتخاب دونالد ترامب في عام 2016، تستند إلى حجة أن كاليفورنيا تمتلك القوة الاقتصادية والثقافية للبقاء بمفردها، وأن سياساتها تختلف جوهرياً عن سياسات الحكومة الفيدرالية، مما يجعل فكرة الاستقلال “فكرة لا يمكن أن تموت

في هذا السياق، فإن الأحداث الجارية في لوس أنجلوس، والتي تشمل مواجهة مراسلي CNN وتخريب سيارات Waymo ذاتية القيادة، تُبرز طبيعة هذا الصراع المتعدد الأوجه.

فبينما يُقارن البعض الوضع بأحداث 1992 في لوس أنجلوس، فإن الواقع يختلف جذرياً: فالنشر الحالي للحرس الوطني يتم دون موافقة الولاية وفي ظل احتجاجات لم تصل إلى مستوى العنف والتدمير الذي شهدته المدينة قبل ثلاثة عقود.

هذا التعقيد، المصحوب بردود أفعال دولية كرئيس وزراء أستراليا، يؤكد أن لوس أنجلوس ليست مجرد ساحة لاضطرابات محلية، بل هي نقطة اختبار حاسمة للديمقراطية الأمريكية وحدود السلطة في زمن الاستقطاب الشديد.
ديكتاتواً " متهماً
واشنطن العاصمة، 9 يونيو 2025 – في تطور درامي يهدد بتأجيج نيران الصراع السياسي في قلب الولايات المتحدة، أصبحت شوارع لوس أنجلوس مسرحاً لمواجهة غير مسبوقة بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وقيادة ولاية كاليفورنيا الديمقراطية.

الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو في مورستاون، نيوجيرسي، في 8 يونيو/حزيران 2025. أندرو كاباليرو-رينولدز/وكالة الصحافة الفرنسية عبر صور جيتي
مع تصاعد حدة الاحتجاجات ضد سياسات الهجرة الفيدرالية، اتخذ ترامب خطوة جريئة ومثيرة للجدل: نشر الحرس الوطني الفيدرالي دون موافقة حاكم الولاية، مُطلقاً بذلك شرارة معركة قانونية وسياسية قد تُحدد ملامح الصراعات المستقبلية في أمريكا.
شرارة الصراع: مذكرة رئاسية تُشعل فتيل الغضب

الجمعة، 6 يونيو 2025، كانت بداية الانفجار. بعد حملات تفتيش مكثفة وغير مسبوقة نفذتها إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) في لوس أنجلوس، أسفرت عن اعتقال ما لا يقل عن 44 مهاجراً، وتحدثت تقارير عن احتجاز معتقلين في أقبية مبانٍ فيدرالية – وهي مزاعم نفتها ICE لاحقاً – خرجت حشود غاضبة إلى الشوارع.
سرعان ما تصاعدت الاحتجاجات، لتشمل إلقاء الحجارة، وزجاجات المولوتوف، وإحراق مركبات ذاتية القيادة، في مشهد فوضوي أرعب المدينة.

لم ينتظر الرئيس ترامب طويلاً للرد. ففي مساء السبت، 7 يونيو، وقّع مذكرة رئاسية تُجيز نشر 2000 جندي من الحرس الوطني في لوس أنجلوس للخدمة الفيدرالية لمدة 60٠ يوماً.
لم يُشِر الأمر تحديداً إلى كاليفورنيا، لكنه تحدث عن “حوادث عنف وفوضى عديدة” و”احتجاجات عنيفة”.
كانت هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب من البيت الأبيض، وتُعد الأولى من نوعها منذ عام 1965، عندما أرسل الرئيس ليندون جونسون قوات لحماية مسيرة الحقوق المدنية في ألاباما دون إذن حاكم الولاية.
ردود الفعل تتوالى: تصعيد غير مسبوق في الخطاب السياسي
بسرعة البرق، تحولت الأزمة في لوس أنجلوس إلى معركة كلامية حامية الوطيس بين ترامب وحلفائه من جهة، والديمقراطيين في كاليفورنيا والقيادات الليبرالية من جهة أخرى.
من البيت الأبيض: وصفت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، المتظاهرين بـ “حشود عنيفة هاجمت ضباط ICE ووكلاء إنفاذ القانون الفيدراليين”.
اتهمت القيادة الديمقراطية في كاليفورنيا بـ “التخلي تماماً عن مسؤوليتها في حماية مواطنيها”، مؤكدة أن “الرئيس ترامب تدخل للحفاظ على القانون والنظام وحماية المباني الفيدرالية”.
من جانبها، ألقت أبيجيل جاكسون، المتحدثة باسم البيت الأبيض، اللوم مباشرة على حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، قائلة إن “قيادته المتهورة مسؤولة مباشرة عن أعمال الشغب الخارجة عن القانون… بدلاً من رفع دعاوى قضائية لا أساس لها من الصحة… ينبغي على نيوسوم التركيز على حماية الأمريكيين“.

من كاليفورنيا، المعركة تشتعل: لم يتأخر رد الحاكم جافين نيوسوم، الذي صرح يوم الأحد بأن كاليفورنيا ستقاضي ترامب بتهمة “التصرف بشكل غير قانوني”.

في منشور على موقع “X” يوم الاثنين، كتب نيوسوم أن الرئيس “أشعل الحرائق”، مضيفًا: “الأمر الذي وقّعه لا ينطبق فقط على كاليفورنيا.
سيسمح له بالدخول إلى أي ولاية والقيام بالشيء نفسه. نحن نقاضيه”.
في ذروة الغضب، اتهم نيوسوم ترامب بـ “التحريض على العنف، وإحداث فوضى عارمة، وعسكرة المدن، واعتقال المعارضين.
هذه أفعال ديكتاتور، وليست رئيساً

عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، انضمت إلى نيوسوم، معتبرة نشر الحرس الوطني “تصعيداً غير ضروري” و”فوضى تُثيرها الإدارة”.
وأكدت باس أن “سلطات لوس أنجلوس قادرة على الحصول على مساعدة من جهات إنفاذ القانون في أي لحظة. نحن على تنسيق وثيق مع المدينة والمقاطعة، ولا توجد حالياً أي احتياجات غير مُلباة”.

كما انتقدت رئيسة البلدية لاحقاً نشر القوات، وقالت إن المدينة “تُستَخدَم لتجربة” من قِبل الحكومة الفيدرالية، و”اختباراً” لسلب السلطة من السلطات المحلية، رافضةً التعليقات التي تفيد بأن لوس أنجلوس “تتعرض للغزو والاحتلال من قِبل مهاجرين غير شرعيين ومجرمين”، ومؤكدةً أن الأمور كانت سلمية حتى تدخلت الحكومة الفيدرالية.

تهديدات ومناوشات شخصية: أحد أبرز نقاط التصعيد كان تصريح توم هومان، مسؤول الحدود السابق، في مقابلة مع شبكة إن بي سي نيوز، بأنه لم يستبعد اعتقال مسؤولين ديمقراطيين في الولاية إذا عرقلوا إنفاذ القانون أو آووا مهاجرين غير شرعيين.

رد نيوسوم على الفور عبر “X” بتحدٍ صارخ: “تعال واقبض عليّ يا رجل”.
هذا التحدي الفردي رفع مستوى الدراما إلى ذروتها، مُظهراً تصميم نيوسوم على عدم الانصياع لما اعتبره تجاوزاً لسلطة الولاية.
الأساس القانوني والاعتراضات:
استخدم ترامب المادة 12406 من العنوان العاشر من القانون الأميركي لنشر الحرس الوطني، والتي تسمح للرئيس باستدعاء الحرس في حالات لا تستطيع فيها السلطات تنفيذ قوانين البلاد باستخدام “القوات النظامية”، أو في حال وقوع غزو أو تمرد أو وجود تهديد بوقوعهما.

ومع ذلك، ينص القانون أيضاً على أن “الأوامر لهذه الأغراض تصدر من خلال حكام الولايات”.
هذا التناقض هو جوهر الدعوى القضائية التي رفعها نيوسوم ضد ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث يوم الاثنين، مدعياً أن هذا القانون يتجاوز سلطة الحكومة الفيدرالية وينتهك التعديل العاشر.

حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم (على اليمين)، والمدعي العام لولاية كاليفورنيا، روب بونتا، يتابعان المؤتمر الصحفي في ١٦ أبريل ٢٠٢٥، في سيريس، كاليفورنيا.
صرح المدعي العام لولاية كاليفورنيا، روب بونتا، في بيان يوم الاثنين: “دعوني أكون واضحاً: لا يوجد غزو.
لا يوجد تمرد.
الرئيس يحاول افتعال الفوضى والأزمات على الأرض لتحقيق مآرب سياسية خاصة به“.
ساحة المعركة: الحرس الوطني ينزل، والنيران تشتعل
مع دخول مذكرة ترامب حيز التنفيذ، نزل حوالي 300 فرد من الحرس الوطني إلى شوارع لوس أنجلوس يوم الأحد، ٨ يونيو، في مشهد أثار الرعب والغضب على حد سواء.

تصاعدت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات إنفاذ القانون، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وقنابل الصوت لتفريق الحشود.
أُصيب مصور صحفي بريطاني ومراسلة أسترالية بالرصاص المطاطي، مما سلط الضوء على وحشية التعامل مع الموقف.

شهدت الشوارع مشاهد فوضوية: المحتجون يغلقون الطريق السريع ١٠١ الرئيسي، يُشعلون النيران في سيارات ذاتية القيادة، ويُوجهون هتافات “العار” و”ارجعوا إلى دياركم” إلى أفراد الحرس الوطني المدججين بالسلاح.

المتظاهرون يغلقون الطريق السريع 101 في وسط مدينة لوس أنجلوس في 8 يونيو 2025.
في المقابل، انتشرت دوريات الشرطة على ظهور الخيل، بينما اصطف ضباط مكافحة الشغب خلف قوات الحرس الوطني لحماية المنشآت الفيدرالية، خاصة مركز احتجاز المهاجرين.
وقالت النائبة نانيت باراغان (ديمقراطية عن كاليفورنيا) أن إدارة الهجرة والجمارك “جلبت أساليبها الإرهابية وعملاءها الملثمين إلى باراماونت هذا الصباح – في منطقتي.
هذا أمر غير مقبول”.
بينما أكد قائد شرطة مقاطعة لوس أنجلوس، روبرت لونا، أن إدارته لا تشارك في عمليات التفتيش الجماعية، وحث الجميع على التزام الهدوء.
الوضع على الأرض: تفريق واعتقالات: مع حلول الليل، اندلعت مواجهات بين المتظاهرين والشرطة في منطقة وسط المدينة.
احتُجز الضباط المتظاهرين بالقرب من ليتل طوكيو ومنطقة الفنون، حيث يُقتادون إلى حافلات الشرطة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.

أطلقت شرطة مكافحة الشغب قنابل صوتية ورصاصاً مطاطياً لتفريق الحشود، وأظهرت مقاطع فيديو المتظاهرين وهم يرشقون الشرطة بأشياء.

أعلن الضباط “إنذاراً هائياً” للمتظاهرين بالتفرق أو المخاطرة بالاعتقال، وامتلأت حافلات الشرطة بالمعتقلين.

استهداف الإعلام:
في تطور مقلق، أخرجت الشرطة طاقم CNN من منطقة الاحتجاج في وسط مدينة لوس أنجلوس، وتم اصطحاب المراسل جيسون كارول وأعضاء آخرين من الطاقم بعيدًا عن المنطقة، بينما تم احتجاز اثنين من أفراد الأمن يعملان مع طاقم CNN لفترة وجيزة، وأُطلق سراحهما لاحقاً دون توجيه اتهامات.

وصف كارول التفاعل بأنه مفاجئ، مشيراً إلى أن الضباط عادةً ما يدركون أن الصحافة موجودة لأداء عملها.
يأتي هذا بعد إصابة المراسلة الأسترالية لورين توماسي من قناة ناين نيوز برصاصة مطاطية أثناء تغطيتها، وهو ما وصفه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز بـ “المروع”، مؤكداً أنه أثار المسألة مع إدارة ترامب.

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز
لماذا استهداف سيارات Waymo؟ برزت سيارات Waymo ذاتية القيادة كهدف لافت للمتظاهرين في لوس أنجلوس، حيث تم تحطيم نوافذها، وتمزيق إطاراتها، ورسم شعارات مناهضة لدائرة الهجرة والجمارك عليها، وإضرام النيران فيها.

حذرت شرطة لوس أنجلوس من أن احتراق بطاريات الليثيوم أيون في هذه السيارات يُطلق غازات سامة.

يعزو البعض استهدافها إلى عرقلة حركة المرور، بينما يرى آخرون أنها جزء من “دولة مراقبة الشرطة” نظراً لكاميراتها التي تستخدمها جهات إنفاذ القانون كأدلة.
كما يرى بعض النشطاء أن حرق هذه السيارات الباهظة، التي تُستخدم كذريعة لسحب التمويل من النقل العام، لا يُقلل من تعاطف الجمهور مع الاحتجاجات.
أدان حاكم كاليفورنيا وعمدة لوس أنجلوس هذه الأعمال، ووصفتها القيادة السياسية بأنها أعمال تخريبية من قبل “جماعات متمردة” أو “فوضويين”.
احتجاجات على مستوى البلاد: اندلعت احتجاجات مماثلة مناهضة لإدارة الهجرة والجمارك في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك سان فرانسيسكو ونيويورك وأتلانتا وسياتل ودالاس ولويسفيل وغيرها، وشهدت اعتقالات واسعة النطاق.
خلف الكواليس: دوافع سياسية خطيرة وتجاوزات دستورية
التحليل العميق لموقف ترامب يُشير إلى أهداف سياسية أوسع تتجاوز مجرد “استعادة النظام” في لوس أنجلوس.
استعراض قوة ورسالة تهديد: يُنظر إلى نشر الحرس الوطني كـ “استعراض قوة عسكرية” يهدف إلى تعزيز صورة ترامب كرجل قوي يُجيد فرض القانون والنظام، وهو ما يُعزز جاذبيته لدى قاعدته الانتخابية.
كما أنها رسالة تحذير واضحة لولايات “زرقاء” أخرى قد تُعارض سياسات الهجرة الفيدرالية، مُلمحًا إلى إمكانية “عسكرة برنامج الترحيل” إذا لم تتعاون.

التحليل العميق لموقف ترامب يُشير إلى أهداف سياسية أوسع تتجاوز مجرد “استعادة النظام” في لوس أنجلوس.
استعراض قوة ورسالة تهديد: يُنظر إلى نشر الحرس الوطني كـ “استعراض قوة عسكرية” يهدف إلى تعزيز صورة ترامب كرجل قوي يُجيد فرض القانون والنظام، وهو ما يُعزز جاذبيته لدى قاعدته الانتخابية.
كما أنها رسالة تحذير واضحة لولايات “زرقاء” أخرى قد تُعارض سياسات الهجرة الفيدرالية، مُلمحاً إلى إمكانية “عسكرة برنامج الترحيل” إذا لم تتعاون.
استغلال الأزمة للتشتيت: في لحظة سياسية متوترة، تضمنت انفصاله العلني عن إيلون ماسك والشكوك المُحيطة بمشروع قانون الإنفاق المحلي الضخم، يُسهم تصعيد الجدل حول الهجرة في تغيير مسار ترامب وتشتيت الانتباه عن قضايا أخرى.
نزعات استبدادية وتجاوز الدستور: يُشير النقاد إلى أن خطوة ترامب يوم السبت تُشير إلى استعداده لتجاوز التقاليد، وربما القيود الدستورية.
لم تُفعّل الإدارة حتى الآن قانون التمرد، الذي يسمح للرئيس في بعض الحالات باستخدام الجيش لإنهاء تمرد أو عصيان على السلطة الفيدرالية.
إن عدم تفعيل هذا القانون يجعل نشر الحرس الوطني بهذه الطريقة محل شك دستوري، وربما ينتهك قانون “بوس كوميتاتوس” الذي يحظر على القوات الفيدرالية المشاركة في إنفاذ القانون ما لم يُصرح به القانون أو الكونغرس صراحةً.
خطر تسييس الجيش: أدانت منظمة “الدفاع المشترك”، وهي أكبر منظمة شعبية للمحاربين القدامى في البلاد، نشر الحرس الوطني، واصفةً إياه بـ “تصعيد خطير يقوض الحقوق المدنية ويخالف المبادئ التي أقسمنا على التمسك بها”.
مقارنة مع أحداث عام 1992: اختلاف جوهري في السياق
قارن بعض الجمهوريين بين إرسال الرئيس ترامب لقوات الحرس الوطني إلى لوس أنجلوس يوم السبت وما حدث عام 1992، عندما أُرسل جنود ومشاة البحرية إلى منطقة لوس أنجلوس لاستعادة النظام بعد أعمال شغب رودني كينغ.
لكن الوضع كان مختلفاً تماماً.

ففي عام 1992، اندلعت أعمال شغب واسعة النطاق بعد تبرئة ضباط الشرطة المتورطين في الاعتداء على رودني كينغ. أدت هذه الأحداث إلى مقتل 63 شخصاً وإصابة 2000 آخرين، وتدمير أكثر من 1000 مبنى بأضرار بلغت قيمتها مليار دولار.
جاء نشر الحرس الوطني آنذاك بناءً على طلب حاكم ولاية كاليفورنيا آنذاك، بيت ويلسون، وعمدة الولاية، توم برادلي، وحشد الرئيس جورج بوش الأب القوات بموجب قانون التمرد.
على النقيض من ذلك، فإن المظاهرات الحالية ضد إدارة الهجرة والجمارك وصفتها عمدة المدينة كارين باس، وشرطة لوس أنجلوس بأنها “سلمية” في الأساس، على الرغم من تصاعد بعضها.

الأضرار الناجمة كانت طفيفة مقارنة بدمار عام 1992.
والأهم من ذلك، أن الرئيس دونالد ترامب نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس ضد رغبة حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ ستة عقود، باستخدام مادة قانونية مختلفة لا تعادل قانون التمرد.
هذا الاختلاف الجوهري في السياق يثير تساؤلات جدية حول شرعية قرار ترامب ودوافعه.
الحلفاء ينتقدون، والجمهوريون يُبررون
انتقد الديمقراطيون البارزون تصرفات ترامب بشدة. وصفت نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس الاحتجاجات بأنها “سلمية للغاية”، بينما انتقدت نشر الحرس الوطني ووصفته بأنه “تصعيد خطير” و”قاسٍ” وجزء من “أجندة قاسية ومدروسة لنشر الذعر والانقسام”.

كما حذّر السيناتور بيرني ساندرز من أن “لدينا رئيساً يدفع البلاد بسرعة نحو الاستبداد”، وأنه “يغتصب سلطات الكونغرس الأمريكي” و”لا يؤمن بالدستور، ولا بسيادة القانون“.

على الجانب الجمهوري، سارع كبار المشرعين إلى دعم ترامب. قال السيناتور ماركوين مولين من أوكلاهوما: “لديك حاكم ضعيف للغاية… وهو الحاكم نيوسوم، الذي لا يُطبّق قوانين البلاد”.
وأضاف أن “الرئيس سيفعل ذلك” إذا لم يكن الحاكم أو العمدة مستعدين لحماية مواطني ولايتهم.
وحاول السيناتور جيمس لانكفورد تبرير الموقف بالقول إن ترامب يحاول “تهدئة جميع التوترات” بإرسال قوات.
وقد زعمت حاكمة ساوث داكوتا، كريستي نويم، أن المتظاهرين يتقاضون رواتب وأن الاحتجاجات “مُدبّرة باحترافية”، لكنها لم تقدم أي دليل على ذلك.
لكن القلق الأكبر جاء من وزير الدفاع بيت هيغسيث، الذي هدد بنشر مشاة البحرية في الخدمة الفعلية “إذا استمر العنف” في لوس أنجلوس.
هذه التصريحات أثارت مخاوف من أن هيغسيث قد يكون مستعداً لتنفيذ أوامر غير دستورية من ترامب، خلافاً لأسلافه.

إن وجود 500 من مشاة البحرية في “حالة تأهب قصوى” ووصول 700 جندي إضافي من مشاة البحرية، بالإضافة إلى مضاعفة عدد قوات الحرس الوطني المنتشرة (حوالي 1700 فرد الآن)، يُشير إلى مدى جدية الإدارة في تصعيد المواجهة.
رد نيوسوم على نشر مشاة البحرية في منشور على “X” واصفًا ترامب بـ “الديكتاتوري” وقال: “لقد خدم مشاة البحرية الأمريكية بشرف عبر حروب متعددة دفاعاً عن الديمقراطية. إنهم أبطال.
لا ينبغي نشرهم على الأراضي الأمريكية لمواجهة مواطنيهم لتحقيق حلم رئيس ديكتاتوري مجنون.
هذا ليس من قيم أمريكا“.
الديناميكية المستمرة للصراع: من 1992 إلى 2025 وما بعدها
إن ما تشهده كاليفورنيا اليوم ليس مجرد حدث عابر، بل هو حلقة جديدة في سلسلة طويلة من ردود الفعل المتبادلة بين السلطة الفيدرالية وحكومة الولاية، وبين الدولة والمواطنين، والتي تمتد جذورها إلى أحداث تاريخية.
مقارنة الوضع الحالي بما حدث في عام 1992 تُظهر أن ديناميكية الفعل ورد الفعل قد تغيرت بشكل جذري، مما ينذر بتداعيات واسعة النطاق على جميع الأطراف.

فعل ترامب ودوافعه المتوقعة: عندما أصدر ترامب أمر نشر الحرس الوطني دون موافقة حاكم كاليفورنيا، كان يعلم تماماً أنه يكسر سابقة تاريخية ويُقدم على خطوة استفزازية.
من المرجح أن دوافعه لم تكن مقتصرة على “استعادة النظام” الظاهر، بل كانت أبعد من ذلك بكثير:
. استعراض القوة وإعادة التأكيد على السلطة الفيدرالية: في ولاية تُعرف بمعارضتها لسياساته، كان ترامب يسعى لتأكيد سلطة الحكومة الفيدرالية وكسر شوكة الولايات “الزرقاء” التي تُقاوم أجندته، خاصة فيما يتعلق بالهجرة.
. إرضاء القاعدة الشعبية: تُعد سياسة الهجرة المتشددة وقضايا “القانون والنظام” ركيزة أساسية لشعبية ترامب.
من خلال تصوير لوس أنجلوس على أنها “مدينة خارجة عن السيطرة” وتدخل الإدارة لفرض “النظام”، يهدف إلى إرسال رسالة قوية لناخبيه بأن ترامب هو الرئيس الذي سيتصدى للفوضى.
. خلق “عدو مشترك” وتوحيد الصفوف: بتحويل الأزمة إلى صراع بين “الفوضويين” و”المتمردين المأجورين” (كما وصفهم) وبين الإدارة الفيدرالية، يسعى ترامب إلى توحيد قاعدته الجمهورية ضد “التهديدات الداخلية” التي يزعم أنها تُمثلها الاحتجاجات والسياسات الليبرالية.
. التشتيت وصرف الانتباه: في خضم التحديات السياسية والقانونية التي تواجه إدارته، يُعد خلق أزمة علنية حول القانون والنظام وسيلة فعالة لصرف الانتباه عن قضايا أخرى قد تكون أقل شعبية.

هل توقع ترامب رد الفعل ونتائجه؟ من المرجح أن ترامب توقع رد فعل عنيفاً من الديمقراطيين في كاليفورنيا ومن الشارع، بل وربما كان يُخطط له. بالنسبة لترامب، فإن النتائج “الوخيمة” على السطح، مثل الغضب الديمقراطي والدعاوى القضائية وحتى بعض أعمال التخريب، قد تُعتبر “نتائج إيجابية” من منظور استراتيجيته السياسية:

. تأجيج الاستقطاب: هذا يخدم أجندته في تعميق الانقسام بين “نحن” و”هم”، مما يُعزز الولاء لقاعدته.
. تغذية الرواية الإعلامية: الصراع العلني يضمن له تغطية إعلامية واسعة، حتى لو كانت سلبية في نظر خصومه، وهي تغطية يعتبرها ترامب دائماً مفيدة.
. إظهار “الحزم“: حتى لو أدى ذلك إلى شرخ كبير في العلاقة بين الفيدرالية والولايات، فإن ترامب يرى أن إظهار الحزم هو مفتاح الحفاظ على شعبيته.

ردود الفعل المتوقعة من كافة الأجسام:
الحكومة الفيدرالية (إدارة ترامب): ستواصل التصعيد، وتبرير أفعالها بضرورة “الحفاظ على القانون والنظام” وحماية الممتلكات الفيدرالية.
قد نرى المزيد من التهديدات بفرض سلطة مركزية أكبر، وربما محاولات لفرض عقوبات مالية على الولايات التي لا تُطيع.

حاكم كاليفورنيا والقيادات الديمقراطية: سيستمرون في المقاومة القانونية والسياسية الشرسة. الدعاوى القضائية ستتصاعد، والخطاب ضد ترامب سيصبح أكثر حدة، مع التأكيد على انتهاكه للدستور وتجاوزه للسلطات.
سيُصوّرون هذا الفعل على أنه اعتداء مباشر على سيادة الولاية وقيمها الديمقراطية.

الشارع والمحتجون: من المرجح أن تتصاعد الاحتجاجات، خاصة في لوس أنجلوس والمدن الكبرى الأخرى. النشر العسكري والاستهداف الإعلامي سيُزيد من الغضب ويدفع بالمزيد من الناس إلى الشارع. قد نرى تزايداً في أعمال التخريب الرمزية أو التي تستهدف رموزاً رأسمالية أو حكومية، كما حدث مع سيارات Waymo.

منظمة “كاليكست“: هذا الفعل سيعزز بالتأكيد تأييدها الشعبي لمطالب الاستقلال.

فالأحداث الحالية تُقدم دليلًا ملموسًا على أن “كاليفورنيا تخسر كونها جزءًا من الولايات المتحدة الأمريكية” وأن “الضغوط على كاليفورنيا للخروج، والفرص المتاحة بمجرد استقلالنا، لا تزال قائمة”.

ستقوم المنظمة باستغلال هذا الشرخ الكبير في العلاقة الفيدرالية-الولائية كحجة قوية لضرورة الانفصال لتحقيق “السيطرة الكاملة على اقتصادها وسياساتها ومستقبلها”.

يمكننا أن نتوقع حملات توقيع أقوى، ونشاطاً إعلامياً مكثفاً، ومحاولات لتنظيم المجتمعات المحلية حول فكرة الاستقلال.
شركات مثل Waymo: ستواجه هذه الشركات تحدياً مزدوجاً: من جهة، المخاطر الأمنية على ممتلكاتها وموظفيها، ومن جهة أخرى، تزايد النظرة السلبية لها كجزء من “دولة المراقبة” أو رمز للرأسمالية التي تُسحب التمويل من الخدمات العامة.

قد تُجبر على تعليق أو تقليص عملياتها في المناطق المتأثرة، وربما إعادة تقييم استراتيجياتها للتفاعل مع المجتمعات المحلية.
كيف سيستغل الديمقراطيون هذا الفعل؟
هذه فرصة كبيرة للديمقراطيين لتعبئة قاعدتهم وتوحيد صفوفهم ضد ما يرونه “تجاوزاً استبدادياً” من ترامب.
. التركيز على انتهاكات الحقوق المدنية والدستورية: سيُبرز الديمقراطيون النشر غير القانوني للحرس الوطني، واستهداف الصحفيين، والتهديدات بالاعتقال كدليل على أن ترامب يهدد أسس الديمقراطية الأمريكية.

. التأكيد على سوء الإدارة: سيُلقون اللوم على ترامب على تصعيد الوضع وتأجيج الفوضى، خاصة مع شهادة عمدة لوس أنجلوس بأن الأمور كانت سلمية حتى التدخل الفيدرالي.
. حشد الدعم للانتخابات النصفية 2026: سيُصوّرون هذه الأحداث كضرورة للتصويت للديمقراطيين لحماية الحريات الدستورية وسيادة الولايات.
قد ينجحون في تعبئة الناخبين الليبراليين والمستقلين الذين يُعبرون عن قلقهم من نزعات ترامب السلطوية.
تأثيره على شعبية ترامب والانتخابات النصفية:
. على شعبية ترامب: قد تُعزز هذه الأحداث شعبيته بين قاعدته المتشددة التي تُرحب بموقفه “القوي” تجاه الهجرة و”القانون والنظام”. ومع ذلك، قد تُنفّر هذه الأساليب الاستفزازية الناخبين المستقلين والمعتدلين الذين يفضلون الاستقرار والحلول الدستورية. الشرخ الكبير الذي أحدثته هذه الأحداث قد يقلل من قدرته على كسب أصوات تتجاوز قاعدته الأساسية.

الانتخابات النصفية 2026: هذه الأحداث ستكون قضية محورية في الحملات الانتخابية.
الديمقراطيون سيُقدمونها كدليل على أن ترامب يهدد الديمقراطية، بينما سيُقدمها الجمهوريون كدليل على أن ترامب هو الوحيد القادر على “استعادة النظام” في مواجهة الفوضى.
يعتمد التأثير النهائي على مدى قدرة كل طرف على صياغة الرواية وإقناع الناخبين بأن وجهة نظرهم هي الصحيحة.
ومع تزايد الاستقطاب، قد تؤدي هذه الأحداث إلى ارتفاع نسبة المشاركة من كلا الجانبين.
رؤية إيلون ماسك وتصور الشارع الأمريكي:
هل ما حدث سيعزز رؤية إيلون ماسك بإنشاء حزب وسطي من الفقراء؟ إيلون ماسك، المعروف بآرائه الصريحة والمثيرة للجدل، غالبًا ما يُعرب عن خيبة أمله من الانقسام الحزبي الحالي في الولايات المتحدة.
فكرته عن حزب وسطي، ربما يرتكز على قاعدة شعبية واسعة أو “الفقراء” كما ذكرت، قد تجد في هذه الأحداث أرضاً خصبة. فالاضطرابات العنيفة، وتزايد القمع الحكومي، واستغلال الطبقات الدنيا في الصراعات السياسية، كلها أمور قد تدفع شريحة من الشارع الأمريكي للشعور بأن كلا الحزبين الرئيسيين لا يمثلانهم.
ماسك قد يستغل هذه الأزمة لتعزيز رؤيته من عدة زوايا:

. فشل النخبة السياسية: يمكنه أن يُشير إلى أن الأزمة في لوس أنجلوس هي دليل على فشل الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تقديم حلول حقيقية لمشاكل المجتمع، وأنهم بدلاً من ذلك يُفاقمون الانقسام والعنف.
. التركيز على القضايا الاقتصادية والمعيشية: بما أن الاحتجاجات وإن بدأت بسبب الهجرة، إلا أن خلفيتها الاقتصادية (مثل تأثير المهاجرين على سوق العمل أو دعمهم للاقتصاد) تُشكل جزءاً من الحوار.
ماسك يمكنه أن يُجادل بأن حزبه سيهتم بالمشاكل الاقتصادية للفقراء والطبقة العاملة، والتي تتجاهلها النخب السياسية.
. التكنولوجيا كحل: بالنظر إلى تركيز ماسك على التكنولوجيا، قد يُقدم حلولاً تكنولوجية مبتكرة للمشاكل الاجتماعية، مثل تحسين البنية التحتية، توفير فرص عمل جديدة، أو تعزيز الحوكمة الشفافة، والتي قد تجذب بعض الساخطين.
. “الوسطية” ورفض الاستقطاب: فكرة الحزب الوسطي ستُقدم كبديل للاستقطاب الحالي الذي أدى إلى مثل هذه الأزمات.
كيف ينظر الشارع الأمريكي لما حصل؟
الشارع الأمريكي ليس كتلة واحدة، وستتباين آراؤه حول الأحداث بشكل كبير وفقاً للانتماءات السياسية والخلفيات الاجتماعية والمناطق الجغرافية:
. المؤيدون لترامب: سَيرون تدخله كخطوة ضرورية وشجاعة لإعادة القانون والنظام وحماية الأمن القومي.
سيعتبرون المحتجين “فوضويين” يستحقون القمع، وسيُشددون على ضرورة الحفاظ على سلطة الحكومة الفيدرالية.

. المعارضون لترامب (خاصة في الولايات الليبرالية): سينظرون إلى الأمر على أنه انتهاك صارخ للحقوق المدنية وتجاوز للسلطة الرئاسية، واعتداء على الديمقراطية.
سيُدينون العنف ضد المتظاهرين والصحفيين، وسيشعرون بقلق عميق إزاء “عسكرة” الحكومة.
. الناخبون المستقلون والمتأرجحون: قد ينقسمون في آرائهم. بعضهم قد يدعمون فكرة “القانون والنظام” إذا رأوا صوراً للعنف والفوضى، بينما قد يُنفّر آخرون من قمع الاحتجاجات والتدخل الفيدرالي القسري، وربما يُفضلون نهجاً أكثر اعتدالاً.
المهاجرون ومجتمعات الأقليات: سيشعرون بقلق وخوف عميقين من تصاعد سياسات الهجرة القاسية.
الأحداث ستُعزز لديهم الشعور بالتهديد وانعدام الأمان، وستدفعهم نحو مزيد من التعبئة والمقاومة.
المناطق الريفية والمدن الكبرى: قد تختلف النظرة بشكل كبير. ففي المناطق الريفية، قد يميل الناس إلى دعم ترامب وسياساته “القوية”.
بينما في المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس، حيث تتركز الاحتجاجات والمعارضة، سيكون هناك غضب واسع النطاق من التدخل الفيدرالي.

. المعارضون لترامب (خاصة في الولايات الليبرالية): سينظرون إلى الأمر على أنه انتهاك صارخ للحقوق المدنية وتجاوز للسلطة الرئاسية، واعتداء على الديمقراطية.
سيُدينون العنف ضد المتظاهرين والصحفيين، وسيشعرون بقلق عميق إزاء “عسكرة” الحكومة.
. الناخبون المستقلون والمتأرجحون: قد ينقسمون في آرائهم. بعضهم قد يدعمون فكرة “القانون والنظام” إذا رأوا صوراً للعنف والفوضى، بينما قد يُنفّر آخرون من قمع الاحتجاجات والتدخل الفيدرالي القسري، وربما يُفضلون نهجاً أكثر اعتدالاً.
المهاجرون ومجتمعات الأقليات: سيشعرون بقلق وخوف عميقين من تصاعد سياسات الهجرة القاسية.
الأحداث ستُعزز لديهم الشعور بالتهديد وانعدام الأمان، وستدفعهم نحو مزيد من التعبئة والمقاومة.
المناطق الريفية والمدن الكبرى: قد تختلف النظرة بشكل كبير. ففي المناطق الريفية، قد يميل الناس إلى دعم ترامب وسياساته “القوية”.
بينما في المدن الكبرى مثل لوس أنجلوس، حيث تتركز الاحتجاجات والمعارضة، سيكون هناك غضب واسع النطاق من التدخل الفيدرالي.
بشكل عام، ستُساهم هذه الأحداث في تعميق الانقسامات القائمة في المجتمع الأمريكي، ولكنها قد تُفتح أيضًا الباب أمام ظهور أصوات وحركات سياسية جديدة، مثل تلك التي قد يدعو إليها إيلون ماسك تُحاول تقديم بديل للثنائية الحزبية التي يبدو أنها تُفاقم الأزمات بدلاً من حلها.
توقعات المستقبل: إلى أين تتجه لوس أنجلوس؟
تستعد لوس أنجلوس لليوم الرابع على التوالي من الاشتباكات، مع دعوات لاحتجاجات مُخطط لها في أكثر من اثنتي عشرة مدينة أخرى في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك سكرامنتو.

الصراع الحالي يُبرز ليس فقط الاختلافات السياسية حول الهجرة، بل أيضاً انقساماً أعمق حول الأدوار الدستورية للحكومة الفيدرالية والولايات، وحدود السلطة الرئاسية في التعامل مع الاضطرابات المحلية.
المخاطر كبيرة: استمرار الاحتجاجات العنيفة قد يؤدي إلى مزيد من الإصابات، وربما خسائر في الأرواح.
التصعيد الفيدرالي قد يُعقد الوضع القانوني ويثير تساؤلات جدية حول الشرعية الدستورية لأوامر ترامب.
على المدى الأقصر والأطول، فإن أي ترحيلات جماعية أو اضطرابات مستمرة ستُهدد بتعطيل قطاعات كاليفورنيا الحيوية مثل الزراعة والبناء والتصنيع، التي تعتمد بشكل كبير على العمالة المهاجرة، مما قد يؤدي إلى نقص في الأيدي العاملة وارتفاع التكاليف.
في المقابل، يرى الجمهوريون في هذه الأزمة فرصة لتعزيز صورتهم كحماة للقانون والنظام قبيل انتخابات 2026.
المشهد في لوس أنجلوس ليس مجرد احتجاجات محلية؛ إنه اختبار حاسم للديمقراطية الأمريكية، وصراع على تعريف السلطة في زمن الاستقطاب السياسي الشديد.
الأصوات تتعالى، والرصاص المطاطي يُطلق، والمستقبل السياسي لأمريكا معلق على خيط رفيع بين القانون والفوضى.