السفارات الأجنبية في ليبيا: تقارير شهرية من وراء الكواليس (مايو 2025)

مع اقتراب نهاية شهر مايو وبداية يونيو 2025، تتجلى الأبعاد المتعددة للدبلوماسية الدولية في ليبيا لم تقتصر أنشطة السفارات على الاحتفاء بالتاريخ أو التعليق على التوترات الأمنية، بل امتدت لتشمل شبكة واسعة من العلاقات السياسية، الاجتماعية الاقتصادية، وحتى الثقافية.

هذه التفاعلات ترسم صورة متكاملة لتطلعات الدول ومصالحها في ليبيا، وتكشف عن آليات تأثيرها على المشهد الداخلي، بما في ذلك خفايا الانتخابات البلدية التي تثير اهتمامنا.

1-السفارة الروسية في ليبيا: نفوذ متعدد الأوجه (مايو 2025):

شهد نشاط السفارة الروسية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 كثافة وتنوعاً ملحوظاً، مما يعكس استراتيجية روسية نشطة لترسيخ نفوذها على مختلف المستويات.

الدبلوماسية الروسية: من السياسة إلى المكونات الاجتماعية

أظهر السفير الروسي، أيدار أغانين، نشاطاً مكثفاً مع مختلف الأطراف الليبية:

حوار مع الأحزاب السياسية: عقد السفير اجتماعاً مع الحزب الديمقراطي الليبي لمناقشة “دور الحركات السياسية في الجمع بين مقاربات الجانبين الليبي”، مما يؤكد حرص روسيا على التواصل مع مختلف الأطراف ودعم الحوار الليبي-الليبي.

الوصول إلى المكونات الاجتماعية: التقى السفير بوفد من شباب شعب التبو لبحث “التفاعل في المجالين الثقافي والإنساني”، وإمكانية إرسال ممثلين عنهم للتعليم في روسيا.

هذه الخطوة تعزز النفوذ الروسي في الجنوب الليبي عبر بناء علاقات مباشرة وتقديم فرص تعليمية.

تنسيق أمني رفيع المستوى: استقبل رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية السفير الروسي لمناقشة “أعمال لجنة الهدنة المشتركة والخطوات العملية لخفض التصعيد في غرب ليبيا”، مما يؤكد دور روسيا كلاعب أمني رئيسي في ليبيا.

حوار مع القوى الإقليمية: التقى السفير الروسي نظيره التركي لمناقشة “الأحداث الأخيرة في طرابلس والوضع الراهن”، مما يعكس التنسيق المستمر بين روسيا وتركيا في الملف الليبي.

مناقشات مع الأمم المتحدة: أجرى السفير محادثة معمقة مع المقررة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة، هانا تيتيه، حول “الوضع الحالي في البلاد”، سعياً للتأثير على أجندة الأمم المتحدة.

الروابط الاقتصادية والثقافية: مد الجسور نحو المستقبل

لم يقتصر الحراك الدبلوماسي الروسي على الجانب السياسي والأمني، بل امتد ليشمل الأبعاد الاقتصادية والثقافية:

تعزيز العلاقات التجارية: زار السفير الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة ببنغازي لبحث “التحديات في القطاع التجاري الليبي وفرص التعاون المباشر”، وإمكانية إعادة بدء المشاريع المعلقة، واستغلال المنطقة الاقتصادية الحرة ببنغازي كبوابة محتملة نحو أفريقيا.

تعزيز العلاقات الثقافية والأكاديمية: زار السفير جامعة بنغازي حيث ألقى كلمة حول “تاريخ العلاقات الليبية الروسية”، وذلك في سياق المعرض الليبي الروسي بمناسبة “يوم النصر”.

هذه المبادرات تهدف إلى بناء دبلوماسية ناعمة.

معايير الحلال والسياحة: مبادرة تطوير معايير “الحلال” في السياحة الروسية تعكس استراتيجية أوسع لجذب الاستثمارات والسياح من العالم الإسلامي، وليبيا قد تكون جزءاً من هذه الرؤية المستقبلية.

خفايا الانتخابات البلدية: هل تُغير السفارات مسارها؟

تظل الانتخابات البلدية ملفاً حساساً، وتثير هذه الأنشطة الروسية تساؤلات حول مدى عمق اطلاع السفارات الأجنبية على خفاياها ومحاولات التأثير المحتملة.

السفارات تدرك جيداً أن “العزوف من المواطنين المقيمين” ليس مجرد ظاهرة عابرة، وقد تستخدم نفوذها لضمان بيئة مواتية لمرشحين معينين في مناطق نفوذ استراتيجية.

معايير الحلال والسياحة: مبادرة تطوير معايير “الحلال” في السياحة الروسية تعكس استراتيجية أوسع لجذب الاستثمارات والسياح من العالم الإسلامي، وليبيا قد تكون جزءاً من هذه الرؤية المستقبلية.

تقييم الأداء الشهري لسفارة روسيا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن تقييم أداء السفارة الروسية في مايو 2025 بأنه “نشط جداً وفعال من منظور تحقيق الأهداف الروسية:

الكفاءة في إدارة الأزمات: تعاملت السفارة ببراعة مع التصعيد الأمني في طرابلس، مما يدل على متابعة دقيقة ووعي بالواقع الأمني.

توسيع قاعدة النفوذ: نجحت السفارة في مد جسور التواصل مع طيف واسع من الفاعلين الليبيين، مما يعزز قدرة روسيا على فهم المشهد الليبي والتأثير فيه.

الدبلوماسية الثقافية والاقتصادية: يُعد التركيز على الروابط الثقافية والاقتصادية استثماراً طويل الأمد لترسيخ الوجود الروسي.

فعالية الخطاب الجيوسياسي: استخدمت السفارة وموسكو المنصات الدولية لتعزيز روايتها المناهضة للغرب.

2-السفارة الفرنسية في ليبيا: تركيز على الاستقرار وحقوق الإنسان (مايو 2025)

شهد نشاط السفارة الفرنسية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 زخماً ملحوظاً، خاصة في ظل التوترات الأمنية التي شهدتها طرابلس، مع تركيز واضح على الاستقرار، العملية السياسية، وحقوق الإنسان.

محاور النشاط الفرنسي:

التركيز على الملف الأمني والسياسي: أظهرت السفارة اهتمامًا بالغًا بالأوضاع الأمنية في طرابلس، وأصدرت بيانات تدعو لوقف إطلاق النار، ودعمت جهود الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية.

كما تواصلت مع المجلس الاجتماعي لسوق الجمعة والنواحي الأربعة لفهم الوضع على الأرض.

دعم حقوق الإنسان والحريات: ذكّرت السفارة بحق المواطنين في التظاهر السلمي، وشاركت في بيان الاتحاد الأوروبي بخصوص الاحتجاز غير القانوني لعضو مجلس النواب، وأكدت تمسكها بحرية الصحافة.

الدبلوماسية العامة والاحتفالات: احتفلت السفارة بيوم أوروبا، وأحيت ذكرى انتصار 8 مايو 1945، مما يربط الوجود الفرنسي الحالي بتاريخ مشترك مع ليبيا.

تقييم الأداء الشهري لسفارة فرنسا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط السفارة الفرنسية بأنه “استباقي، متعدد الأوجه، ومركز على الاستقرار والعملية السياسية وحقوق الإنسان.

الإيجابيات: استجابتها السريعة للأحداث الأمنية، تنسيقها الفعال مع الشركاء الدوليين، تركيزها على القيم الأساسية، وتواصلها المتنوع مع الأطراف الليبية.

التحديات: غياب المبادرات الاقتصادية أو الثقافية الكبرى المستقلة يشير إلى أولوية قصوى للجانب الأمني والسياسي في ظل الاشتباكات الأخيرة.

الدعوات المتكررة لوقف العنف تعكس هشاشة الوضع.

3-السفارة البريطانية في ليبيا: استجابة سريعة وواقعية (مايو 2025)

شهد نشاط السفارة البريطانية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 زخماً كبيراً، تميز بالتركيز على التطورات الأمنية والسياسية المباشرة، وتأكيد الحضور الدبلوماسي، وتقديم المشورة للمواطنين.

محاور النشاط البريطاني:

التركيز على الملف الأمني والسياسي: استجابت السفارة بسرعة ووضوح للاشتباكات المسلحة في طرابلس، ودعمت جهود الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية.

قام السفير بلقاءات رفيعة المستوى مع القيادات الليبية لخفض التوترات وتجاوز الانقسامات.

تأكيد الوجود الدبلوماسي ومواجهة الشائعات: نفت السفارة بشكل حاسم الشائعات حول إغلاقها، مؤكدة استمرارية العمل رغم تقليص مؤقت لعدد الموظفين.

توفير الإرشادات الأمنية للمواطنين: حرصت السفارة على تحديث نصائح السفر لمواطنيها، وتحديد مناطق الخطر، وتوضيح حدود الدعم الحكومي.

تقييم الأداء الشهري لسفارة بريطانيا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط السفارة البريطانية بأنه “نشط، متجاوب، وواقعي، مع تركيز مكثف على الاستقرار السياسي والأمني وحماية المواطنين.

الإيجابيات: الاستجابة السريعة للأزمات، الحضور الدبلوماسي القوي، الشفافية في المشورة الأمنية والعمل المتكامل.

التحديات: الحاجة المتكررة لإصدار تحذيرات السفر وتقليص عدد الموظفين تبرز التحديات الأمنية المستمرة.

غياب أنشطة كبيرة في التعاون الاقتصادي أو الثقافي يشير إلى أولوية التركيز على الاستقرار أولًا.

4-أنشطة السفارتين الفرنسية والبريطانية: تقارب في مواجهة الأزمة مع تفوق بريطاني

بينما تُظهر كل سفارة نهجها الخاص في ليبيا، يمكن ملاحظة تقارب كبير في التوجهات والتركيز بين أنشطة السفارتين الفرنسية والبريطانية خلال شهر مايو 2025، خاصة فيما يتعلق بالاستجابة للأوضاع الأمنية والسياسية الملحة.

كلتا السفيرتين ركزتا بشكل مكثف على:

الاستجابة السريعة للأزمات الأمنية: أصدرتا بيانات متكررة تعبر عن القلق من الاشتباكات في طرابلس ودعتا إلى وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، غالباً بالتنسيق المشترك مع الشركاء الدوليين.

دعم العملية السياسية: أكدت كلتا السفيرتين التزامهما بدعم جهود الأمم المتحدة لدفع العملية السياسية نحو الانتخابات.

التواصل رفيع المستوى: السفير البريطاني أجرى سلسلة من اللقاءات مع القيادات الليبية الرئيسية، وكذلك السفير الفرنسي الذي تواصل مع أطراف سياسية واجتماعية.

تأكيد الوجود والالتزام: حرصت كلتا السفارتين على تأكيد حضورهما المستمر في ليبيا، ونفي أي شائعات حول الإغلاق.

التركيز على القيم الأساسية: دعمت كلتا السفيرتين حقوق الإنسان وحرية التعبير والتظاهر السلمي، وشاركتا في بيانات أوروبية مشتركة تدين الانتهاكات.

مع ذلك، تبرز السفارة البريطانية كأكثر قوة وفعالية ضمن هذا التقارب، حيث عكس نشاطها تفاعلاً أكثر ديناميكية وسرعة في الاستجابة للأحداث، بالإضافة إلى التركيز البارز على تقديم المشورة الواقعية لمواطنيها وتأكيد الحضور الدبلوماسي القوي في وجه التحديات.

يُظهر هذا التقارب أن كلتا الدولتين تتبنيان نهجاً عملياً يركز على التدخل الدبلوماسي المباشر والاستجابة للأحداث الجارية، مع التشديد على ضرورة إيجاد حل سياسي يحقق الاستقرار، ويعكس هذا التنسيق عمق الشراكة الأوروبية في التعامل مع الملف الليبي.

5-السفارة الألمانية في ليبيا: بناء شراكات تنموية طويلة الأمد (مايو 2025)

أظهر نشاط السفارة الألمانية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 تركيزاً واضحاً على التعاون الاقتصادي والتنموي والثقافي، بالإضافة إلى الدبلوماسية العامة ومتابعة الشأن الداخلي الألماني.

محاور النشاط الألماني:

الأولوية الاقتصادية والتنموية: نظمت السفارة المنتدى الليبي الألماني الرابع للأعمال، ودعمت مشروع STEP لتحول الطاقة والطاقة المتجددة في ليبيا، مما يدل على اهتمام ألمانيا بتعزيز الاستثمار والشراكة طويلة الأمد.

الدبلوماسية العامة والثقافية: احتفلت السفارة بيوم أوروبا، واختتمت سلسلة حلقات بودكاست “قنديل” مع فنانة ليبية، مما يعزز القوة الناعمة لألمانيا وبناء جسور التواصل الثقافي.

متابعة الشأن الداخلي الألماني: نشرت السفارة أخبار تعيين وزير الخارجية والمستشار الجديدين، مما يعزز الشفافية والتعريف بالقيادات الألمانية.

تقييم الأداء الشهري لسفارة ألمانيا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط السفارة الألمانية بأنه “تنموي المنحى ومركز على بناء الشراكات طويلة الأمد.

الإيجابيات: تركيز استراتيجي على الاقتصاد والطاقة المتجددة، دعم التنمية المستدامة، دبلوماسية ثقافية هادفة، وشفافية في التعريف بالقيادات.

التحديات: تركيز أقل على القضايا الأمنية المباشرة أو التدخلات السياسية اليومية مقارنة ببعض السفارات الأخرى، مما يعكس دوراً أكثر تخصصًا لألمانيا في ليبيا.

6-السفارة الهولندية في ليبيا: دبلوماسية ناعمة وبناء علاقات (مايو 2025)

يُظهر نشاط سفارة هولندا في ليبيا خلال شهر مايو 2025، وبالتحديد الفعالية الوحيدة المعلنة وهي الاحتفال بيوم الملك، تركيزًا واضحًا على الدبلوماسية العامة وبناء العلاقات الناعمة.

محاور النشاط الهولندي:

التركيز على الدبلوماسية العامة وبناء العلاقات: استخدمت السفارة الاحتفال بيوم الملك لتعزيز الروابط الثقافية والشخصية مع الليبيين، والتعبير عن متانة العلاقات والصداقة، ولقاء الأفراد الملهمين الذين يساهمون في الحوار والتفاهم المشترك.

تقييم الأداء الشهري لسفارة هولندا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط سفارة هولندا بأنه “مركز على الدبلوماسية الناعمة وتعزيز العلاقات الثقافية والشعبية.

الإيجابيات: بناء الثقة والتفاهم بين الشعوب، التركيز على الجوانب الإيجابية للعلاقة، وفعالية التكلفة.

التحديات: محدودية النطاق إلى نشاط واحد فقط، وغياب الأجندة السياسية أو الأمنية المعلنة، مما قد يشير إلى دور أكثر تحفظًا أو تخصصًا.

7-السفارة الإيطالية في ليبيا: توازن بين السياسة والتراث (مايو 2025)

يُظهر نشاط السفارة الإيطالية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 مزيجاً من الدبلوماسية السياسية والتواصل الثقافي، والتأكيد على الاستمرارية التشغيلية، مع التركيز على دعم الاستقرار والعملية السياسية.

محاور النشاط الإيطالي:

الدبلوماسية السياسية والأمنية: تواصل السفارة العمل الدبلوماسي لدعم الاستقرار والعملية السياسية من خلال لقاءات مع الأطراف الليبية الفاعلة. شاركت في بيانات مشتركة للتعبير عن القلق إزاء العنف والدعوة إلى حماية المدنيين.

التعاون الثقافي وحماية التراث: أبرزت فعاليات المنتدى الحضري ويوم التصميم الإيطالي تركيزاً فريداً على التعاون في مجال العمارة والتخطيط العمراني وحماية التراث الثقافي، مما يعكس روابط تاريخية وثقافية عميقة.

الاستمرارية التشغيلية: أكدت السفارة عملها بكامل طاقتها وجميع موظفيها، مما يرسل رسالة طمأنة حول حضور إيطاليا المستمر.

تقييم الأداء الشهري لسفارة إيطاليا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط السفارة الإيطالية بأنه “متوازن يجمع بين الدبلوماسية السياسية الاستباقية، والتعاون الثقافي عميق الجذور، مع تأكيد على الحضور التشغيلي الدائم.

الإيجابيات: شمولية النهج، التركيز على الاستقرار، الاستثمار في الروابط الثقافية، والشفافية حول العمليات.

التحديات: استمرار التحديات الأمنية واللوجستية في طرابلس، والحاجة إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على الجوانب الاقتصادية الأخرى.

8-السفارة الأمريكية في ليبيا: ديناميكية واستثمار في المستقبل (مايو 2025)

يُظهر نشاط السفارة الأمريكية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 مزيجاً من الدبلوماسية السياسية والأمنية المكثفة، والتركيز على التبادل التعليمي، وتقديم الدعم القنصلي، بالإضافة إلى تغييرات في القيادة الدبلوماسية العليا.

محاور النشاط الأمريكي:

التركيز على الملف الأمني والسياسي: أظهرت السفارة قلقًا عميقاً وتفاعلاً سريعًا مع أعمال العنف في طرابلس، وشاركت في بيانات مشتركة تدعو لوقف إطلاق النار.

كما أكدت دعمها لليبيا الموحدة والمزدهرة.

التبادل التعليمي والثقافي: ركزت السفارة على برنامج فولبرايت للطلاب الليبيين، وأعلنت عن ندوة لمدرسي اللغة الإنجليزية، مما يدل على التزامها بالاستثمار في رأس المال البشري وتطوير القدرات التعليمية.

الجانب القنصلي وتغيير القيادة: قدمت السفارة معلومات حول التأشيرات، وأعلنت عن تقاعد المبعوث الخاص السفير ريتشارد نورلاند، مما يشير إلى نهاية مرحلة وبداية أخرى في الدبلوماسية الأمريكية.

الإيجابيات: شمولية النهج، التركيز على الاستقرار، الاستثمار في الروابط الثقافية، والشفافية حول العمليات.

التحديات: استمرار التحديات الأمنية واللوجستية في طرابلس، والحاجة إلى تسليط الضوء بشكل أكبر على الجوانب الاقتصادية الأخرى.

تقييم الأداء الشهري لسفارة أمريكا في ليبيا (مايو 2025)

يمكن وصف نشاط السفارة الأمريكية بأنه “ديناميكي، متعدد المحاور، ويركز على الاستقرار، بناء القدرات، وتعزيز الروابط طويلة الأمد.

الإيجابيات: الاستجابة الفعالة للأزمات، الاستثمار في المستقبل من خلال برامج تعليمية، الدعم الشامل والتواصل الفعال.

التحديات: غياب تفاصيل حول مبادرات أمريكية محددة لدفع العملية السياسية بخلاف بيانات القلق المشتركة.

تقاعد السفير نورلاند يثير تساؤلات حول استمرارية الدبلوماسية.

9-استشراف نشاط السفارة الصينية في ليبيا: معايير التقييم المستقبلي

إعادة افتتاح السفارة الصينية في طرابلس حدث مهم، ويمكن تقييم نشاطها المستقبلي بناءً على عدة محاور رئيسية، مع الأخذ في الاعتبار الأهداف المعلنة للتعاون بين البلدين:

تعزيز الاستقرار السياسي والأمني: مدى فعالية السفارة في الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة ودعم الحلول السلمية، وتقديم الدعم التقني والاستشاري للمؤسسات الليبية، ومشاركتها في المبادرات الدولية.

تنمية الشراكة الاقتصادية والاستثمارية: هذا هو المحور الأبرز.

يمكن تقييمها من خلال تسهيل الاستثمارات (عدد ونوعية المشروعات، إعادة إحياء المشروعات المتوقفة مثل السكك الحديدية، توفير الضمانات والحوافز)، وزيادة حجم التبادل التجاري (تنويع السلع، المعارض والفعاليات التجارية)، والتعاون في قطاعات حيوية كالاتصالات والطاقة.

الدعم الثقافي والإنساني: هل ستنظم السفارة فعاليات ثقافية أو برامج تبادل طلابي، وتقديم مساعدات إنسانية في حال الحاجة.

التواصل والشفافية: مدى توفير السفارة للمعلومات حول نشاطاتها وبرامجها، واستعدادها للتعامل مع الاستفسارات.

خاتمة شاملة ومقارنة: ليبيا... ساحة للنفوذ والدبلوماسية المعقدة

تُقدم هذه التقييمات صورة واضحة ومفصلة لعمل السفارات الأجنبية في ليبيا خلال شهر مايو 2025، مع تسليط الضوء على مقاربات متباينة وإن كانت تتشارك في هدف دعم الاستقرار، كلٌ من منظور مصالحه.

روسيا: تتبنى مقاربة شاملة ومتعددة الأوجه، تجمع بين الدبلوماسية الرسمية، التواصل مع الفاعلين غير الرسميين، والدبلوماسية الثقافية، ونقد المؤسسات الدولية، والتركيز على المصالح الاقتصادية والأمنية الاستراتيجية.

الدول الغربية (فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، الولايات المتحدة، ألمانيا، هولندا): تظهر تركيزاً أكبر على دعم العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان، والاستجابة للأزمات الأمنية المباشرة.

تبرز إيطاليا بتركيزها على التعاون الثقافي والتراثي، بينما تبرز ألمانيا بتركيزها على التنمية الاقتصادية والطاقة المتجددة.

الولايات المتحدة توازن بين الاستجابة للأزمات والاستثمار في رأس المال البشري، بينما تركز هولندا على الدبلوماسية الناعمة.

الصين: تتجه نحو تركيز اقتصادي واستثماري كبير مع دبلوماسية “عدم التدخل”، مع توقع دور حيوي في إعادة الإعمار والبنية التحتية.

إن هذه الأنشطة المتنوعة تُلقي بظلالها على قضايا داخلية حساسة كالانتخابات البلدية، حيث تدرك السفارات الأجنبية جيدًا أن هذه الانتخابات، حتى وإن بدت صحيحة ظاهرياً، قد تكون محاطة بـ”خفايا وكواليس” تؤثر على نزاهتها ومشاركة المواطنين. إن عزوف المواطنين، الذي قد يكون نتيجة لغياب الثقة في العملية أو شعوراً بالتدخل الخارجي، يمثل تحدياً كبيراً أمام أي جهود لبناء مؤسسات ديمقراطية مستقرة في ليبيا.

الاستراتيجيات والانعكاسات:

تُشير هذه المقارنات إلى أن كل سفارة تحاول ترسيخ نفوذها عبر القنوات التي تتناسب مع أولوياتها وقوتها الناعمة والصلبة:

روسيا تسعى لاستعادة مكانتها كقوة عظمى لها مصالح ونفوذ ثابتين في شمال أفريقيا عبر تعزيز الروابط التاريخية والاجتماعية والاقتصادية، وتحدي الروايات الغربية.

القوى الأوروبية الرئيسية تهدف إلى المساهمة في استقرار ليبيا للحفاظ على مصالحها الأمنية (خاصة الهجرة) والاقتصادية، مع التأكيد على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الولايات المتحدة تسعى لدعم وحدة ليبيا واستقرارها كجزء من أهدافها الاستراتيجية الأوسع في المنطقة، مع التركيز على بناء القدرات.

هولندا تركز على بناء الثقة الشعبية من خلال الدبلوماسية الثقافية.

الصين تتطلع إلى تعزيز شراكتها الاقتصادية الضخمة بعد عودة الاستقرار.

أفضل تقييم شهري لأفضل سفارة: السفارة الروسية في ليبيا (مايو 2025)

ملاحظة هامة: يعتمد هذا التقييم على الأنشطة العلنية والمُعلنة للسفارات خلال شهر مايو 2025 من وجهة نظرنا التحليلية.

قد تكون هناك أنشطة دبلوماسية خلف الكواليس أو استراتيجيات أطول أمدًا لا تظهر في البيانات المتاحة.

تُظهر الأنشطة الدبلوماسية في ليبيا خلال شهر مايو 2025 أن السفارة الروسية قدمت الأداء الأكثر شمولية وعمقاً وفعالية، مما يجعلها تستحق لقب “أفضل تقييم شهري” من بين السفارات التي تم تحليلها.

لماذا تبرز السفارة الروسية؟

1-النهج الشمولي والمتعدد الأوجه: بينما ركزت العديد من السفارات الأخرى على جوانب محددة (كالاستجابة للأزمات أو التنمية الاقتصادية)، فإن السفارة الروسية وحدت هذه الجوانب وأضافت إليها أبعاداً فريدة، متغلغلة في النسيج الاجتماعي والشعبي الليبي من خلال التواصل المباشر وتقديم فرص تعليمية وثقافية.

2-التركيز الاقتصادي الاستراتيجي: أظهرت السفارة اهتماماً عملياً بتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية من خلال زيارة غرف التجارة ومناقشة إعادة إطلاق مشاريع كبرى معلقة، مما يشير إلى رؤية اقتصادية طويلة الأمد.

3-الدبلوماسية الثقافية الفعالة: تعزيز الروابط الثقافية والأكاديمية من خلال فعاليات في الجامعات يعزز القوة الناعمة الروسية ويبني جسور تواصل شعبية عميقة، وهي أداة قوية لبناء النفوذ المستقبلي.

4-الاستجابة الأمنية والدبلوماسية النشطة: شاركت السفارة بفاعلية في مناقشات تخفيض التصعيد الأمني، وأجرت لقاءات مع قيادات عسكرية وسياسيين ومع ممثلة الأمم المتحدة، مما يؤكد دورها كلاعب أساسي وفعال في المشهد الأمني والسياسي الليبي.

5-تحدي الروايات القائمة: تميز الخطاب الروسي ببعد جيوسياسي يعبر عن نقد المؤسسات الدولية والرواية الغربية، مما قد يجد صدى لدى بعض الأطراف في ليبيا ويضع روسيا كبديل أو موازن للنفوذ الغربي.

فرصة التعاطف والثقة الشعبية:

ما يعزز فرص السفارة الروسية في المستقبل هو وجود رصيد تاريخي من التعاطف والثقة الشعبية الليبية تجاه روسيا في بعض الأوساط.

يمكن للسفارة الروسية أن تطور أنشطتها بشكل أكبر باستثمار هذا الرصيد عبر:

توسيع برامج التبادل الثقافي والتعليمي: بما يتجاوز النخب ليشمل شرائح أوسع من الشباب والطلاب.

التركيز على المساعدات الإنسانية والتنموية: التي تلامس حياة المواطن الليبي بشكل مباشر، مما يعزز الثقة على الأرض.

المشاركة في مبادرات المصالحة الوطنية: لدعم الوحدة الليبية من منظور حيادي قدر الإمكان، مع التأكيد على عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

في الختام، بينما أظهرت السفارات الأخرى نقاط قوة في مجالات محددة، فإن النهج الروسي المتكامل والمتعدد الأوجه، الذي يجمع بين الدبلوماسية السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والشعبية، إلى جانب فرصة استثمار التعاطف الشعبي، منحها الأفضلية في التأثير والتعمق في الساحة الليبية خلال شهر مايو 2025.

نماذج جديدة لسياسات السفارات في ليبيا: التكيف مع الواقع المعقد

الوضع الليبي الحالي، الذي يتسم بالانقسام السياسي، الهشاشة الأمنية، وتداخل المصالح الدولية، يدفع بعض الدول إلى إعادة تقييم مقارباتها التقليدية وتقديم نماذج جديدة لسياساتها الدبلوماسية.

هذه النماذج لا تركز فقط على الاستجابة للأزمات، بل تتجه نحو بناء شراكات أعمق وأكثر استدامة تتجاوز الأطر السياسية أو الأمنية الضيقة.

الفائدة لكل دولة من تطوير نماذج سياساتها:

1- روسيا (نموذج “التغلغل الشامل” و”القوة الناعمة“):

. الفائدة: ترسيخ نفوذ طويل الأمد من خلال بناء علاقات مع الأجيال الشابة والمكونات الاجتماعية، وتنويع المصالح الاقتصادية بعيداً عن النفط، وزيادة القبول الشعبي عبر الدبلوماسية الثقافية والإنسانية.

هذا يعزز مكانتها كقوة عظمى قادرة على التأثير بأدوات متنوعة.

2-ألمانيا (نموذج “التنمية المستدامة” و”الخبرة التقنية“):

. الفائدة: بناء شراكات اقتصادية مستدامة من خلال استغلال خبراتها العالمية في قطاعات حيوية مثل الطاقة المتجددة، مما يفتح أسواقًا لشركاتها ويعزز صورتها كشريك تنموي موثوق. هذا يساهم في الاستقرار الليبي بشكل غير مباشر وفعال.

3-هولندا (نموذج “الدبلوماسية الناعمة” و”بناء العلاقات“):

.الفائدة: إنشاء “رأس مال اجتماعي” ودبلوماسي من خلال التركيز على المناسبات الثقافية والاجتماعية التي تبني الثقة والعلاقات الإنسانية بعيداً عن تعقيدات السياسة.

هذا يضمن خطوط اتصال مفتوحة ويعزز صورة البلد المسالم.

4-الصين (نموذج “الفرص الاقتصادية” و”عدم التدخل“):

.الفائدة: تأمين مصالح اقتصادية ضخمة من خلال عقود إعادة الإعمار والبنية التحتية، وتعزيز نفوذها الاقتصادي عالمياً كجزء من مبادراتها الكبرى.

هذا النموذج يمكنها من العمل مع جميع الأطراف الليبية دون التورط في نزاعاتهم الداخلية.

إن هذه النماذج الجديدة تعكس فهماً عميقاً للواقع الليبي المعقد، حيث لم تعد الدبلوماسية التقليدية كافية.

الدول التي تستثمر في هذه النماذج تتطلع إلى تحقيق مكاسب استراتيجية أوسع وأكثر استدامة، تتجاوز مجرد الاستجابة للأزمات إلى بناء علاقات مستقبلية متينة مع الشعب والمؤسسات الليبية.

لقد قمت بتعديل الفقرة الخاصة بالتقارب بين السفارتين الفرنسية والبريطانية (القسم 4) لتسليط الضوء على أن السفارة البريطانية كانت أقوى وأكثر فعالية ضمن هذا التقارب، مع ذكر الأسباب المحددة.

أتمنى أن تكون هذه النسخة النهائية مرضية وتعكس كل النقاط التي أثرتها.

هل هناك أي تعديلات أخرى ترغب بها؟

المزيد من الكاتب

تصعيد دبلوماسي: إيطاليا تهاجم “مجلس أوروبا” وتصفه بـ”عديم الفائدة” بعد اتهامات بـ”التنميط العنصري”

افتتاحية مدوية: اختبار ذوبان الجليد في روما: هل تنتهي “رقصة الزيت والنار” بين ميلوني وماكرون حول ليبيا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *