بقلم أسامة محمد الإثنين، 19 مايو 2025، 14:15
بعد خمس سنوات من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، أعلنت الحكومتان البريطانية والأوروبية عن اتفاقيات جديدة تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني وتسهيل حركة التجارة، وذلك في أول قمة رسمية تجمع الطرفين منذ بريكست.
هذا التطور يمثل نقطة تحول في العلاقات بين الجانبين، التي شابها التوتر منذ استفتاء عام 2016.
إعادة ضبط العلاقات وتعزيز التعاون
التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن برئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ومسؤولين كبار آخرين في الاتحاد الأوروبي.
وصف ستارمر هذه الاتفاقيات بأنها خطوة مهمة لتقليل البيروقراطية، دعم النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة، وإعادة ضبط العلاقات مع الكتلة التجارية المكونة من 27 دولة.
تشمل أبرز ملامح هذه الاتفاقيات ما يلي:
. شراكة دفاعية وأمنية جديدة: تتيح للمملكة المتحدة الوصول إلى برنامج قروض دفاعية تابع للاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو (170 مليار دولار)، مما يعزز من قدرة المملكة المتحدة على شراء المعدات العسكرية، خاصة لدعم أوكرانيا.
. تسهيل التجارة الغذائية: إزالة بعض الضوابط المفروضة على المنتجات الحيوانية والنباتية، مما يهدف إلى تسهيل حركة التجارة الغذائية عبر الحدود.
هذا يعني إمكانية بيع منتجات بريطانية مثل البرجر والنقانق في أسواق الاتحاد الأوروبي مرة أخرى.
. اتفاقية مصايد الأسماك: تمديد اتفاقية لمدة 12 عاماً تسمح لسفن الصيد التابعة للاتحاد الأوروبي بالتواجد في المياه البريطانية حتى عام 2038.
محادثات حول تنقل الشباب: خطة تسمح للشباب البريطانيين والأوروبيين بالعيش والعمل مؤقتاً في أراضي بعضهم البعض، على الرغم من حساسيتها السياسية في المملكة المتحدة.
تجاوز “الجدل القديم” نحو حلول عملية
علق رئيس الوزراء ستارمر على هذه الاتفاقيات قائلاً: “لقد حان الوقت للتطلع إلى الأمام.
لنتجاوز الجدل القديم والمعارك السياسية المملة، ونبحث عن حلول عملية ومنطقية تحقق الأفضل للشعب البريطاني”.
وأضاف أن الاتفاقيات “جيدة للوظائف وجيدة للفواتير وجيدة لحدودنا”.
لطالما كان الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة. ومع ذلك، شهدت الصادرات البريطانية انخفاضاً بنسبة 21% منذ بريكست بسبب الإجراءات الحدودية الصارمة والبيروقراطية. كما أدت قيود التأشيرات إلى عرقلة الأنشطة العابرة للحدود للمهنيين والتبادلات الثقافية.
منذ توليه منصبه في يوليو/تموز، يسعى ستارمر إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، مؤكداً على إمكانية تحسين الاتفاقية التجارية التي تفاوض عليها رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون لتعزيز التجارة ودعم الأمن.
تحديات المعارضة والآفاق المستقبلية
على الرغم من الإشادة بهذه الاتفاقيات، يواجه ستارمر تحديات من الداخل. وصف حزب الإصلاح البريطاني وحزب المحافظين المعارض الاتفاق بأنه “استسلام” للاتحاد الأوروبي، مما يشير إلى أن بعض التسويات قد تكون صعبة سياسياً على حكومة ستارمر، خاصة مع تنامي نفوذ الأحزاب المناهضة للهجرة والمؤيدة لبريكست.
كما أشار جانيك واتشوياك، الباحث المشارك في شؤون المملكة المتحدة في مؤسسة “أوروبا المتغيرة”، إلى أن عملية إعادة الضبط هذه قد تنحرف عن مسارها بسبب الخلافات القائمة أو العوامل الخارجية، مثل رد الفعل السلبي المحتمل من الولايات المتحدة تجاه سعي المملكة المتحدة لعلاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، أكد ستارمر أن المملكة المتحدة لن تعود إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الجمركي، ولن توافق على حرية تنقل الأشخاص، مما يحدد بوضوح حدود هذه العلاقات المتجددة.