تصعيد وتخوف: المشهد الدراماتيكي بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا.. ودهاء بوتين ورهانات ترامب الخفية
الجمعة 23 مايو 2025، 15:00 غرينتش / 17:00 بتوقيت ليبيا
في ذروة صراع جيوسياسي متصاعد، تتكشف فصول درامية جديدة بين روسيا وأوكرانيا وحلفائهما الغربيين.
فبينما يُمعن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تعزيز قبضته على الأرض ويمسك بخيوط المفاوضات بحنكة، تُحاول أوروبا تجاوز انقساماتها الداخلية، وتظهر الولايات المتحدة، عبر أصوات كدونالد ترامب، في دور قد يُغير من موازين اللعبة.
إنه مشهد مُعقد، تُشعل فيه التصريحات نيران الدبلوماسية، وتُلوح فيه العقوبات، ويبقى مصير ملايين البشر معلقاً على كف المجهول.
المحور الأول: دهاء بوتين وحركة “لا” الروسية على جبهات متعددة
أ. “المنطقة الآمنة”: ترسيخ الحقائق على الأرض واستنزاف الخصم
(الجمعة 23 مايو 2025، 12:13 غرينتش / 14:13 بتوقيت ليبيا)
يُعلن الكرملين عن سيطرة قوات الدفاع الروسية على بلدة رادكيفكا في منطقة خاركيف الأوكرانية. هذا التقدم، وإن كان محدوداً في نطاقه الجغرافي، يُعد خطوة تكتيكية تُسهم في تعزيز “المنطقة الأمنية العازلة” التي أعلن عنها الرئيس بوتين.
تُشير حقيقة أن خرائط وزارة الدفاع الأوكرانية لم تُسجل تغييراً في هذا القطاع منذ أسابيع إلى استراتيجية روسية للزحف البطيء والثابت، تهدف إلى إقامة منطقة عازلة فعلية تمنع الهجمات الأوكرانية المتكررة على الأراضي الروسية وتُجبر كييف على تشتيت مواردها الدفاعية.
التخطيطات وما وراء التصريح: يرى المحللون أن هذه الخطوة هي جزء من دهاء بوتين لإملاء حقائق عسكرية جديدة على الأرض، ما يُعزز موقفه التفاوضي مستقبلاً.
الهدف المعلن هو حماية الحدود الروسية، لكن الهدف الخفي قد يكون استنزاف أوكرانيا وإجبارها على القبول بـ”أمر واقع” جغرافي يُبعد التهديدات عن الأراضي الروسية.
ب. تجميد المفاوضات: “لا” للفاتيكان و”لا” لـ”مجلس” زيلينسكي
(الجمعة 23 مايو 2025، آخر تحديث: 39 دقيقة قبل 15:00 غرينتش / 17:00 بتوقيت ليبيا، أي حوالي 14:21 غرينتش / 16:21 بتوقيت ليبيا)
تصدر تصريحات نارية من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تُجمد أي آمال قريبة لمفاوضات سلام شاملة.
يُعلن لافروف، بلهجة حاسمة، أن “من غير اللائق” أن تناقش دولتان أرثوذكسيتان (روسيا وأوكرانيا) قضايا جوهرية “على أرض كاثوليكية” (في إشارة إلى الفاتيكان).
هذا الرفض لا يعكس تحفظاً بروتوكولياً فحسب، بل يُشير إلى رفض روسي قوي لأي وساطة قد لا تكون مواتية لشروطها.
كما يذهب لافروف أبعد من ذلك، واصفاً حكومة الرئيس زيلينسكي بـ”هونتا” أو “المجلس العسكري” (مصطلح يُستخدم في اللغة الروسية حصراً للأنظمة الديكتاتورية)، ويُعلن بصراحة أن “وضع ملايين الأشخاص الذين يتحدثون الروسية لغتهم الأم تحت هذا المجلس العسكري الذي حظر حتى التحدث بالروسية، سيكون جريمة كبرى، ولا يمكن السماح بذلك تحت أي ظرف من الظروف”.
هذا يُشير إلى شرط روسي ضمني لإزاحة زيلينسكي وحكومته كخطوة أساسية لأي تسوية، مما يُصعّب أي اختراق دبلوماسي.
(الجمعة 23 مايو 2025، 11:56 غرينتش / 13:56 بتوقيت ليبيا) يُعزز المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، هذا الموقف بالقول إن مكان المفاوضات القادمة “لم يُحدد بعد”، وإن أي قرار “يتطلب موافقة الطرفين”، ما يُبقي الكرة في ملعب روسيا لتحديد شروطها.
التخطيطات وما وراء التصريحات:
استغلال البعد الديني: استخدام حجة “الأرض الكاثوليكية” هو تكتيك لافروف لرفض الفاتيكان كمنصة تفاوض، وقد يكون الهدف هو البحث عن منصة أكثر حيادية أو مواتية لروسيا.
تشويه شرعية حكومة كييف: وصف حكومة زيلينسكي بـ”الهونتا” هو محاولة لافروف لتجريد كييف من الشرعية الدولية والتمهيد لموقف روسي متشدد يتطلب “تغيير النظام” كشرط للسلام.
إملاء شروط السلام: هذه التصريحات تُظهر أن روسيا تُصر على شروطها الجذرية (مثل “القضاء على الأسباب الجذرية للصراع” و”التسوية المرضية للطرفين” – من منظورها) قبل أي وقف لإطلاق النار.
ج. حرب المعلومات والضغط على المعارضة: حظر منظمة العفو الدولية وقمع الاحتجاجات
(الجمعة 23 مايو 2025، آخر تحديث: 39 دقيقة قبل 15:00 غرينتش / 17:00 بتوقيت ليبيا) تُعلن روسيا عن حظر منظمة العفو الدولية وتصنيفها كـ”منظمة غير مرغوب فيها”، ما يُعرض أي شخص يتعامل معها للمحاكمة.
هذه الخطوة تُعزز من قبضة الكرملين على حرية التعبير وتُشير إلى تضييق الخناق على أي صوت معارض أو مراقب دولي يُسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان.
(الجمعة 23 مايو 2025، 13:49 غرينتش / 15:49 بتوقيت ليبيا) في مثال صارخ على هذا القمع، غرّمت محكمة في سانت بطرسبرغ امرأة تبلغ من العمر 84 عاماً، ناجية من حصار لينينغراد، مبلغ 10 آلاف روبل (حوالي 110 يورو) لتظاهرها حاملة لافتة كُتب عليها: “أيها الناس، أوقفوا الحرب! نحن مسؤولون عن السلام على كوكب الأرض”.
هذا الحادث يُظهر إصرار الكرملين على إسكات أي معارضة، حتى لو كانت من قيل مواطنين مسنين، ويُؤكد على التخوف الروسي من أي رأي عام معارض للحرب.
المحور الثاني: أوروبا وأوكرانيا: تناقضات وتحديات مستمرة
أ. تبادل الأسرى: بصيص أمل معلق
(الجمعة 23 مايو 2025، 12:33 غرينتش / 14:33 بتوقيت ليبيا) بينما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن “اكتمال عملية تبادل أسرى كبيرة” بين روسيا وأوكرانيا، نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول أوكراني لم يُكشف عن هويته أن “عملية التبادل جارية لكنها لم تكتمل بعد”.
هذا التضارب يُشير إلى حساسية العملية، وأن الأطراف لا تزال تتحسس طريقها بحذر.
ب. الفاتيكان: عرض وساطة لم يُستجب له بعد
(الجمعة 23 مايو 2025، 12:30 غرينتش / 14:30 بتوقيت ليبيا) يُؤكد وزير خارجية الفاتيكان، الكاردينال بيترو بارولين، أن عرض الكرسي الرسولي لاستضافة مفاوضات سلام بين روسيا وأوكرانيا لا يزال سارياً، لكن “لا توجد أي مؤشرات على انفتاح بشأن اجتماع محتمل في يونيو”. ويعلق بارولين، الذي وصف الحرب بأنها “مأساوية” وأن “نهايتها لم تلوح بعد”، قائلاً: “الأب الأقدس أعرب عن استعداده لتسهيل الحوار بين الطرفين، لكنني لم أتلقَّ أي ردود فعل في هذا الصدد”.
هذا الموقف الفاتيكاني يعكس استعداداً للعب دور الوسيط، لكنه يُسلط الضوء على رفض روسيا الواضح لأي مبادرة قد لا تتوافق مع شروطها.
ج. المجر: إسفين في الوحدة الأوروبية
(الجمعة 23 مايو 2025، 11:33 غرينتش / 13:33 بتوقيت ليبيا) تُكشف اتهامات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لأوكرانيا بـ”التجسس” عن شقوق عميقة داخل جبهة الاتحاد الأوروبي الموحدة. ادعاءات أوربان بتدخل عملاء أوكرانيين للتأثير على الرأي العام والاستفتاء حول انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي تُعقد من موقف بروكسل.
ويُشير تعليق الكرملين حول نية المجلس الأوروبي حرمان المجر من حقها في التصويت إلى اتجاه أوروبي نحو سياسات أكثر استقلالية وسيادة، وهي تناقضات تُحاول روسيا استغلالها لتقويض الدماج الأوروبي.
د. أزمة التعليم والدواء في لوغانسك المحتلة
(الجمعة 23 مايو 2025، 06:16 غرينتش / 08:16 بتوقيت ليبيا) تُشير التقارير من لوغانسك المحتلة إلى تداعيات إنسانية واجتماعية عميقة للحرب، حيث تُخطط السلطات الروسية لإغلاق أكثر من 100 مدرسة بسبب “نقص الطلاب”، ما يُشير إلى حركة نزوح واسعة للسكان.
كما أن العديد من المستوطنات لا تزال تعاني من نقص الأدوية الأساسية منذ احتلالها عام 2022، بسبب رفض سلاسل الصيدليات فتح فروع لأسباب أمنية.
هذه الأوضاع تُبرز حجم الكارثة الإنسانية وتأثيرها على الحياة اليومية للمدنيين.
أهداف أوكرانيا وأوروبا:
أوكرانيا: الحفاظ على السيادة، ومقاومة التخريب الداخلي، والسعي لأي دعم دولي لتبادل الأسرى.
أوروبا: السعي للسلام مع الحفاظ على وحدة الموقف ضد روسيا، لكنها تواجه تحديات داخلية تُمثلها دول مثل المجر.
المحور الثالث: واشنطن وألمانيا: جهود خافتة ودبلوماسية “ناقصة”
أ. ترامب: بصيص أمل بلمسة أمريكية
(الجمعة 23 مايو 2025، 11:43 غرينتش / 13:43 بتوقيت ليبيا) لا يزال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يمارس تأثيراً في الساحة الدولية. إعلانه عن “اكتمال عملية تبادل أسرى كبيرة” بين روسيا وأوكرانيا، وتهنئته للجانبين، يُشير إلى وجود قنوات اتصال خلفية، وأن الولايات المتحدة، حتى لو من خلال شخصيات غير رسمية، لا تزال تُحاول تسهيل الجوانب الإنسانية من الأزمة. هذه التصريحات قد تُشير إلى رهان ترامب على حل دبلوماسي يُمكنه أن ينسبه لنفسه في حال عودته للرئاسة.
(الجمعة 23 مايو 2025، آخر تحديث: 39 دقيقة قبل 15:00 غرينتش / 17:00 بتوقيت ليبيا) يُعزز لافروف من هذا التكهن بقوله إن “ترامب أظهر فهماً مختلفاً للوضع، فهو دائماً ما يؤكد أن هذه ليست حربه، بل حرب بايدن”.
ويُشير لافروف إلى أن موقف ترامب “القائل بأن الولايات المتحدة تسترشد بالمصالح الوطنية ينطبق أيضاً على الوضع الأوكراني”.
هذا يُلمح إلى قناعة روسية بأن ترامب قد يكون شريكاً أكثر مرونة في المفاوضات مقارنة بإدارة بايدن التي يعتبرها الكرملين تُحاول “احتواء روسيا ومحاصرتها”.
ب. ألمانيا والصين: دعوة للسلام في أول اتصال
(الجمعة 23 مايو 2025، 13:08 غرينتش / 15:08 بتوقيت ليبيا) في أول اتصال هاتفي له مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، حثّ المستشار الألماني فريدريش ميرز بكين على دعم جهود السلام في أوكرانيا. أكد الزعيمان “استعدادهما للعمل بشراكة لمواجهة التحديات العالمية”، ما يُشير إلى مساعٍ ألمانية لاستمالة الصين للضغط على روسيا، في محاولة لإيجاد حل دبلوماسي للصراع.
هذه الخطوة تُعكس اعتماد أوروبا على الدور الصيني المحتمل كوسيط أو ضاغط في الأزمة.
أهداف الولايات المتحدة وألمانيا:
الولايات المتحدة (عبر ترامب): إظهار القدرة على التأثير في الأزمات الدولية، وربما تمهيد الطريق لدور أكبر في حال عودته للرئاسة، مع التركيز على حلول عملية قد تفتح آفاقاً دبلوماسية.
ألمانيا: استمالة الصين للضغط على روسيا، والبحث عن سبل لإنهاء الحرب، وتوحيد الجبهة الغربية في مواجهة التهديدات.
المشهد الدراماتيكي: إلى أين تتجه بوصلة الحرب؟
يُشير المشهد الحالي إلى حرب متعددة الأوجه: على الأرض، تُواصل روسيا تقدمها البطيء وتُنشئ مناطق عازلة؛ وفي الكواليس الدبلوماسية، تُجمد روسيا المفاوضات وتُصر على شروط جذرية تُقوض أي حل سريع، بينما تُظهر أوروبا انقسامات وتُعاني من التداعيات الإنسانية.
وفي هذه الأثناء، تُحاول واشنطن وبرلين فتح قنوات دبلوماسية، ولو بخجل، عبر قضايا إنسانية أو استمالة قوى عالمية كالصين.
الوضع يزداد تعقيداً، حيث تتداخل التكتيكات العسكرية مع الدبلوماسية المعقدة وحرب المعلومات.
بوصلة السلام تبدو ضبابية، والمشهد الدراماتيكي بين القوى الكبرى يُبقي العالم في حالة ترقب وقلق بشأن مصير أوكرانيا والمنطقة بأسرها.