المنفي يستقبل الهيئة التأسيسية للدستور: تأكيد على “الملكية الوطنية” ورفض للتدخلات الأممية في المسار الدستوري

المنفي يستقبل الهيئة التأسيسية للدستور: تأكيد على "الملكية الوطنية" ورفض للتدخلات الأممية في المسار الدستوري

طرابلس، ليبيا – 22 مايو 2025

في خطوة ذات دلالة عميقة في خضم التوترات السياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، التقى رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، اليوم الخميس، وفداً من الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور.

هذا اللقاء، الذي يأتي بالتزامن مع دعوات شعبية متزايدة لإجراء استفتاء على الدستور يُسلط الضوء على استراتيجية المنفي الرامية لتأكيد الشرعية الوطنية للمسار الدستوري ورفض أي محاولات للالتفاف عليه من خارج الأطر المنتخبة.

ماذا يحاول المنفي أن يفعله؟ تأكيد الشرعية الدستورية في مواجهة الضغوط

يسعى الرئيس محمد المنفي من خلال هذا اللقاء إلى تعزيز موقف المجلس الرئاسي كراعٍ للمسار الدستوري الوطني، وذلك بتحقيق الأهداف التالية:

1-تأكيد الأولوية للمسار الدستوري: في خضم المطالبات الشعبية بإسقاط الأجسام السياسية الحالية وإجراء انتخابات، يعيد المنفي التأكيد على أن المسار الدستوري هو البوابة الشرعية لأي حل سياسي دائم.

لقاؤه مع الهيئة التأسيسية يعطي إشارة واضحة بأن استكمال هذا المسار، عبر الاستفتاء على الدستور، يظل في صدارة أولوياته.

2-دعم “العملية الدستورية ذات الملكية الوطنية“: هذا هو جوهر اللقاء. أكد وفد الهيئة التأسيسية على “الملكية الوطنية للعملية الدستورية، وفقاً للمرجعيات الوطنية، وضرورة احترام مخرجات الهيئة التأسيسية باعتبارها هيئة منتخبة من قبل الشعب.” المنفي، باستقباله الوفد، يتبنى هذا الموقف، مما يعزز شرعية الهيئة ومخرجاتها في مواجهة أي تشكيك. هذا يشير إلى أن استراتيجيته تقوم على تحصين المسار الدستوري من التدخلات الخارجية أو محاولات التجاوز.

3-رفض التدخلات الأممية “غير القانونية“: جاء في البيان انتقاد صريح لمقترحات اللجنة الاستشارية التابعة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا، والتي اعتُبرت “تخالف الواقع والقانون” فيما يتعلق بالمسار الدستوري. هذا الموقف يعكس محاولة المنفي لـ تحديد صلاحيات البعثة الأممية والتأكيد على أن القرارات السيادية المتعلقة بالدستور هي حق حصري للمؤسسات الليبية المنتخبة.

إنها رسالة قوية بأن هناك خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها في ملف السيادة الليبية.

4-حشد الدعم لمشروع الدستور المنجز: يؤكد البيان أن مشروع الدستور المنجز “صدر وفق أحكام الإعلان الدستوري المؤقت… وبنسبة تصويت فاقت النسبة المشترطة دستورياً، مما أكسبه الشرعية الدستورية.” كما أنه “يحظى بقبول كافة المؤسسات المعنية”.

هذا يشير إلى أن المنفي يسعى لحشد أقصى دعم ممكن للمشروع الحالي للدستور، لتمهيد الطريق أمام الاستفتاء عليه، ويبرز شرعيته كوثيقة جاهزة للانتقال بالبلاد إلى مرحلة الاستقرار.

تحليل اللقاء: رسائل سيادية في توقيت حرج

يُعد هذا اللقاء ذا أهمية قصوى في ظل الأوضاع الراهنة لعدة أسباب:

تأكيد على السيادة الوطنية: في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية لحل الأزمة الليبية، يأتي هذا اللقاء ليؤكد على أن الشعب الليبي، عبر مؤسساته المنتخبة (مثل الهيئة التأسيسية)، هو صاحب الحق والقرار في تحديد مصير دستوره.

هذا يعزز موقف المنفي الرافض لأي إملاءات خارجية قد تهدف إلى تغيير مسار الدستور أو الالتفاف عليه.

تصاعد الضغط على الحكومة: بينما تدعو الاحتجاجات الشعبية لإسقاط حكومة الوحدة الوطنية، يواصل المنفي التأكيد على المسار الدستوري والانتخابات كحل، وهو ما قد يضع الحكومة في موقف حرج، خاصة إذا لم تتمكن من تحقيق تقدم ملموس في هذا الاتجاه.

رسالة للداخل والخارج: اللقاء يرسل رسالة للداخل الليبي مفادها أن المجلس الرئاسي ملتزم بالمسار الدستوري الذي انطلقت به العملية السياسية، ويرسل للخارج رسالة بأن الليبيين قادرون على حل مشاكلهم الدستورية بأنفسهم وفقاً لقوانينهم.

تعزيز شرعية الهيئة التأسيسية: في مواجهة أي محاولات لتهميش دور الهيئة التأسيسية أو التشكيك في مشروع الدستور الذي أنجزته، يأتي هذا اللقاء ليمنح الهيئة دعماً سياسياً قوياً من رأس الدولة.

في المحصلة، يعكس لقاء المنفي مع وفد الهيئة التأسيسية للدستور محاولة استراتيجية لـ تحصين المسار الدستوري الوطني من التجاذبات الداخلية والخارجية، وتأكيد على أن الحل الدائم للأزمة الليبية يمر عبر إرادة الشعب الليبي ومرجعياته الدستورية الأصيلة.

إنها خطوة تؤكد أن السلطة الرئاسية تسعى للحفاظ على وحدة الدولة الليبية وسيادتها في ظل التحديات الجسام.

المزيد من الكاتب

المنفي يلتقي أعيان وحكماء سوق الجمعة والمنطقة الغربية: محاولة لاحتواء الغضب الشعبي وتهدئة الشارع

المنفي يبحث “المستجدات الأمنية والمساعي السياسية” مع السفير القطري: تحركات رئاسية لاحتواء الأزمة وجمع الدعم الدولي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *