في خطوة جريئة ومستقبلية تضع ليبيا على خارطة الدول الساعية نحو الاستدامة، أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشركة الليبية للحديد والصلب عن تعاون استراتيجي يهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الصناعي في البلاد.
هذه الشراكة الطموحة ترتكز على تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، دمج مصادر الطاقة المتجددة، وتقليل بصمة الكربون العملاقة لأكبر منشأة صناعية في ليبيا، مما يبشر بمستقبل أكثر إشراقًا وازدهاراً لجميع الليبيين.
عملاق الصناعة يقود التحول الأخضر:
تستهلك الشركة الليبية للحديد والصلب، بوصفها أكبر مرفق صناعي في البلاد، ما يقارب 4-5% من إجمالي الغاز والكهرباء في ليبيا.
وتُعد عمليات إنتاج الحديد والصلب والأسمنت من بين الصناعات الأكثر إطلاقًا للغازات الدفيئة على مستوى العالم.
لذا، فإن قرار الشركة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يمثل نقطة تحول حاسمة في مساعي ليبيا لتحقيق أهدافها المناخية والمساهمة بفعالية في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
رؤية مشتركة لمستقبل مستدام:
وقعت المؤسستان مذكرة تفاهم تاريخية في طرابلس، تجسد التزامهما المشترك بتحقيق مستقبل صناعي مستدام في ليبيا.
وتهدف هذه الشراكة إلى خفض معدلات الانبعاثات من خلال تبني حلول مبتكرة تشمل تحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف العمليات الصناعية، ودمج مصادر الطاقة المتجددة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مزيج الطاقة الخاص بالشركة، وتطبيق أحدث الممارسات العالمية المُخفضة للانبعاثات الكربونية.
دعم فني وبناء للقدرات من أجل ليبيا الغد:
سيوفر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الدعم الفني اللازم ويساهم في بناء قدرات الكوادر العاملة في الشركة الليبية للحديد والصلب، مما يمهد الطريق أمام الشركة نحو مستقبل أكثر تنافسية وكفاءة وإنتاجية مع تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ذات البصمة الكربونية العالية.
وتتوافق هذه الجهود مع الأهداف الوطنية لليبيا المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية وتستجيب للمعايير الدولية المتزايدة، بما في ذلك آلية تعديل حدود الكربون التابعة للاتحاد الأوروبي، مما يضمن الحفاظ على قدرة ليبيا التنافسية في الأسواق العالمية.
تصريحات قيادية تعكس الطموح:
أكد الدكتور محمد الفقيه، رئيس مجلس إدارة الشركة الليبية للحديد والصلب، على أهمية هذه الشراكة، قائلاً: “تتطلع الشركة إلى شراكة مثمرة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتعزيز كفاءة الطاقة وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
يمثل هذا التعاون خطوة هامة نحو تحقيق أهدافنا البيئية والاقتصادية، مع دعم استدامة وأداء صناعة الحديد والصلب من خلال التحول إلى الطاقة النظيفة وتحسين ممارسات الطاقة.”
من جانبها، أشارت الدكتورة صوفي كيمخدزه، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إلى أن: “تحسين كفاءة الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون في القطاع الصناعي الليبي هو أولوية مناخية واقتصادية في آنٍ واحد.
هذا التعاون خطوة مهمة نحو تعزيز الممارسات المستدامة وتعزيز قدرة ليبيا على الصمود.”
تأثير مباشر على المجتمع والاقتصاد:
من المتوقع أن يسهم هذا التعاون في إطلاق برنامج مشترك يركز على تحسين إدارة الطاقة في الشركة الليبية للحديد والصلب بشكل شامل.
وسيكون لهذا البرنامج تأثير مباشر على الحفاظ على الأسواق الرئيسية لتصدير الحديد الليبي وتوسيعها، مما يعزز من دور ليبيا كلاعب رئيسي في صناعة الصلب العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، سيستفيد بشكل مباشر ما يقارب 7,000 موظف في الشركة، وستمتد الآثار الإيجابية بشكل غير مباشر لتشمل المجتمعات المحلية والاقتصاد الليبي ككل من خلال تقليل الانبعاثات الملوثة وتعزيز أمن الطاقة في البلاد.
ليبيا في طليعة التغيير:
يأتي هذا التعاون الحيوي في إطار الجهود الأوسع التي يبذلها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا لتعزيز التخفيف من آثار تغير المناخ، وتحسين كفاءة الطاقة، ودعم الانتعاش الاقتصادي الشامل، وتقوية المؤسسات، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إن هذه المبادرة الرائدة تضع ليبيا في موقع متقدم في تبني حلول الطاقة النظيفة وتؤكد التزامها ببناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة.
