في ليلة من ليالي الأحلام الخالدة، وعلى أرضية ملعب بارك دي برانس الذي اكتسى بحلة البهجة والترقب، حقق باريس سان جيرمان إنجازاً تاريخياً، مُطيحاً بفريق أرسنال الإنجليزي العتيد بنتيجة 2-1 ليحجز عن جدارة مقعداً في نهائي دوري أبطال أوروبا المنتظر.
الانتصار لم يكن مجرد نتيجة؛ بل كان سمفونية من الشجاعة، والروعة الفنية، والإصرار الذي لا يلين ليُعلن نادي العاصمة الفرنسية عن نفسه كقوة كروية عظمى تسعى بكل جوارحها لتحقيق الحلم الأغلى.

رقصة الساراباند نحو المجد: باريس يُشعل الحماس قبل النهائي الحلم
ها هو باريس سان جيرمان يُعيد بريق دوري أبطال أوروبا إلى الأذهان، ويُحيي الآمال في قلوب جماهيره المتعطشة للألقاب. لم يعد مجرد فريق؛ بل أصبح أيقونة تُجسد الطموح والإصرار.
وبينما تدق عقارب الزمن معلنة العد التنازلي حتى 31 مايو، يتأهب عشاق كرة القدم لنهائي الأحلام الذي سيجمع باريس سان جيرمان بإنتر ميلان الإيطالي على أرضية ملعب ميونيخ الأسطوري.
الصدفة وحدها هي التي شاءت أن يكون النهائي بمثابة تذكير ساخر بفوز مارسيليا الوحيد في دوري الأبطال على ميلان في ذات التاريخ قبل أكثر من ثلاثة عقود.
لكن هذه المرة، التاريخ على موعد مع فصل جديد، حيث يسعى باريس، الذي لم يعرف الهزيمة طوال الأشهر الخمسة الماضية، لكتابة اسمه بأحرف من ذهب في سجل الأبطال للمرة الأولى.
أما إنتر ميلان، فيطمح لرفع الكأس ذات الأذنين للمرة الرابعة في تاريخه، والأولى منذ 15 عاماً.

دوناروما.. الحارس الأمين.. ورويز وحكيمي.. ثنائي يكتب التاريخ بأقدامه
رحلة باريس نحو هذا النهائي الثاني في غضون خمس سنوات لم تكن مفروشة بالورود. فبعد الهزيمة المريرة أمام بايرن ميونيخ في نهائي لشبونة في زمن الجائحة، عاد الفريق الباريسي في عام 2025 أكثر قوة وعزيمة.
جيانلويجي دوناروما، الحارس الذي تحول إلى حصن منيع لا يُقهر، كان صمام الأمان الذي ارتكز عليه الفريق في أصعب اللحظات.
وفي ليلة التأهل، كان فابيان رويز هو الشرارة الأولى التي أضاءت طريق النصر، حيث أطلق تسديدة رائعة هزت شباك أرسنال (1-0، الدقيقة 28).
ثم جاء الدور على النجم المغربي المتألق أشرف حكيمي ليُضيف لمسة فنية ساحرة، مُسجلاً هدفاً ثانياً بتسديدة لولبية لا تُصد ولا تُرد (2-0، الدقيقة 72). وحتى إهدار فيتينيا لركلة جزاء لم يُنقص من فرحة الجماهير، خاصة مع عدم احتساب لمسة يد لصالح أرسنال بعد تدخل تقنية الفيديو.

متعة كرة القدم في أبهى صورها: فريق يُجسد الروح القتالية والإبداع
هكذا هي كرة القدم، هذا العلم الجميل الذي يُثير النقاش والجدل. فمن كان يظن أن فابيان رويز سيُصبح بطل باريس في ليلة التأهل التاريخية؟
هذا اللاعب الإسباني الذي أثبت في اللحظات الحاسمة أنه يمتلك الجودة والإصرار اللازمين لقيادة فريقه نحو المجد الأوروبي.
وقبل وبعد كل هذه التحديات، قاتل فريق المدرب لويس إنريكي بشراسة غير مسبوقة ليُحقق هذا الحلم الذي طال انتظاره.

باريس يصمد أمام طوفان أرسنال ويُنهي المباراة ببراعة
لم تكن بداية المباراة سهلة على باريس، حيث فرض أرسنال سيطرة شبه كاملة في العشرين دقيقة الأولى، مُهدداً مرمى دوناروما بشتى الطرق. الضغط الإنجليزي المتواصل، والعرضيات الخطيرة، ورميات التماس الطويلة، كلها شكلت خطراً حقيقياً على دفاعات باريس. لكن براعة دوناروما وتماسُك الخط الخلفي حال دون اهتزاز الشباك.
الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن باريس، رغم معاناته، كاد أن يتقدم بثلاثة أهداف لولا سوء الطالع في بعض اللمسات الأخيرة. تسديدة خفيتشا كفاراتسخيليا التي ارتطمت بالقائم (الدقيقة 17)، ومحاولة برادلي باركولا القريبة المدى (الدقيقة 30)، والقرار الخاطئ من ديزيريه دويه في هجمة مرتدة واعدة، كلها تشير إلى الإمكانيات الهجومية الكبيرة التي يمتلكها الفريق الباريسي

هدف أرسنال يُشعل الحماس.. لكن باريس يُحافظ على تركيزه
بعد التقدم بهدفين نظيفين، واجه باريس بعض الصعوبة في إدارة المباراة، خاصة بعد تسجيل أرسنال هدفاً مبكراً في الشوط الثاني عن طريق بوكايو ساكا (الدقيقة 76). هذا الهدف أشعل حماس الفريق الإنجليزي وكاد أن يُعيدهم إلى المباراة. لكن باريس، هذا الفريق الذي يبدو أنه يستمتع بلحظات الضغط، أظهر صلابة دفاعية كبيرة وحافظ على تقدمه حتى صافرة النهاية.
تقييم أداء اللاعبين: دوناروما يتألق وحكيمي لا يُقهر
لم يكن التأهل ليتحقق لولا الأداء البطولي لبعض اللاعبين.
الحارس العملاق جيانلويجي دوناروما استحق العلامة الكاملة (8.5) عن جدارة، حيث أنقذ فريقه من فرص محققة في بداية المباراة، مُظهراً رد فعلٍ مذهلاً أمام تسديدة مارتينيلي في الدقيقة الرابعة، وتصدياً أروع لتسديدة أوديجارد. أما أشرف حكيمي (8)، فكان لا يُقهر على الجبهة اليمنى، بالإضافة إلى تسجيله هدفاً رائعاً.
ثنائي خط الوسط فابيان رويز (7.5) وجواو نيفيس (7) قدما أداءً قوياً للغاية وساهما بشكل كبير في تحقيق هذا الانتصار الثمين.
الرحلة نحو المجد لم تنتهِ بعد.. ميونيخ في الانتظار!

بعد خمس سنوات من الانتظار، يعود باريس سان جيرمان أخيراً إلى نهائي دوري أبطال أوروبا! نادي العاصمة الفرنسية عانى في بعض الأوقات خلال هذه المباراة، لكن بفضل الروح القتالية العالية والتألق الفردي لنجومه، تمكن من تجاوز عقبة أرسنال الصعبة. الآن، كل الأنظار تتجه نحو ميونيخ في 31 مايو، حيث سيواجه باريس تحدياً جديداً في سعيه لتحقيق الحلم الأغلى ورفع كأس ذات الأذنين للمرة الأولى في تاريخه.
هذه ليست نهاية الحكاية، بل هي مجرد فصل جديد في قصة طموح باريس سان جيرمان نحو المجد الأوروبي.