1. اللحظة التي لم تكن في النص

في قلب الكنيست الإسرائيلي، وخلال خطاب يهدف للاحتفال بإنجاز تاريخي – إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة – سرق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأضواء بمطلب مفاجئ وغير متوقع.

ففي تحول درامي لم يكن مدرجاً في خطابه الرسمي، وجّه ترامب نداءً مباشراً للرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، ليمنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عفواً رئاسياً عن تهم الفساد الموجهة إليه.

أشار ترامب إلى نتنياهو قائلاً: “مرحباً، لدي فكرة يا سيد الرئيس: لماذا لا تمنحه عفواً؟ امنحه عفواً، هيا!” هذا الطلب أشعل حماس المشرعين المؤيدين لنتنياهو، الذين قابلوه بـ “تصفيق حار“ وهتافات باسم نتنياهو.

2. ثمن “السيجار والشمبانيا”: تهم الفساد مقابل الإنجاز

محاولة ترامب لحل ورطة نتنياهو القانونية تأتي في وقت حرج. فقد وُجّهت لرئيس الوزراء الإسرائيلي لائحة اتهام عام 2019 بتهم الرشوة، الاحتيال، وخيانة الأمانة، تتعلق بقبول هدايا باهظة وتبادل خدمات تنظيمية مع مسؤولين إعلاميين مقابل تغطية إيجابية.

وتشير الإفادات، ومنها شهادة المنتج آرنون ميلشان، إلى تلقي نتنياهو وزوجته هدايا فخمة شملت الشمبانيا والسيجار.

لكن ترامب قلّل من شأن هذه التهم، واصفاً نتنياهو بأنه “أحد أعظم” القادة في زمن الحرب، وأضاف بمزاح: “وبالنسبة للسيجار والشمبانيا، من يهتم بحق الجحيم؟” موقف ترامب يضع الإنجاز السياسي الضخم – نهاية حرب غزة – في كفة مقابل المشاكل القانونية الشخصية لأحد أهم حلفائه في المنطقة.

3. إعلان “فجر التاريخ الجديد”: هدف الزيارة الأصلي

جاءت هذه الدراما القضائية لتتداخل مع الهدف المعلن لزيارة ترامب: الاحتفال بإتمام المرحلة الأولى من اتفاق السلام بين إسرائيل وحماس، الذي أسفر عن إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء مقابل أكثر من 1900 سجين فلسطيني.

وفي خطابه، أعلن ترامب نهاية الحرب، مصرحاً بأن “سماء اليوم هادئة، والمدافع صامتة“.

لقد أطلق على هذه اللحظة اسم “الفجر التاريخي لشرق أوسط جديد”، مؤكداً أن الانتصار العسكري قد انتهى، وأن الوقت قد حان لترجمة هذه الانتصارات إلى جائزة سلام وازدهار للمنطقة بأسرها.

وبينما يتأهب ترامب للمغادرة إلى قمة شرم الشيخ، يرسخ خطابه المرتجل في الكنيست حقيقة أن ملفات السياسة الخارجية والعلاقات الشخصية والتحديات القانونية متشابكة بشكل لا يمكن فصله في مسيرة المفاوضات الإقليمية.

فهل ينجح ترامب في منح نتنياهو العفو الذي طلبه، ليكمل معه رسم ملامح “الشرق الأوسط الجديد”؟