تهديد المسيرات المجهولة يعطّل السفر ويُربك سلاسل الإمداد، ويدفع ألمانيا نحو تعديلات تشريعية عاجلة تتيح إسقاط الطائرات بدون طيار.
أثار الإغلاق المتكرر لـ مطار ميونيخ الدولي، مرتين في أقل من 24 ساعة (مساء الخميس والجمعة 2 و 3 أكتوبر 2025) بسبب “مشاهدات غير مؤكدة لطائرات مسيرة“، حالة من الاستنفار الأمني والسياسي في ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
لم تقتصر التداعيات على إلغاء 17 رحلة وتحويل مسار 15 أخرى، مما أثر على نحو 3000 مسافر، بل وصلت إلى تعميق القلق بشأن أمن البنية التحتية الحيوية في القارة.
أولاً: الرد السياسي الألماني والتوجه نحو الإسقاط
جاءت الحوادث الأخيرة لتُعجّل الضغط على الحكومة الألمانية لتبني إجراءات أكثر صرامة.
. صلاحيات جديدة مطلوبة: دعا رئيس وزراء بافاريا، ماركوس زودر، إلى منح الشرطة والقوات المسلحة السلطة المطلقة لإسقاط الطائرات المسيرة المارقة “فوراً“، دون القيود البيروقراطية الحالية.
هذا التحرك يؤكد أن ألمانيا تتجه بسرعة نحو تعديل قوانين الأمن الجوي للسماح بالتعامل العسكري المباشر مع هذا التهديد.
. اختبار الناتو: ينظر المسؤولون الأوروبيون إلى هذه المشاهدات المتكررة (في ميونيخ، كوبنهاغن، وأوسلو) على أنها جزء من “حملات ضغط هجينة“ تهدف إلى اختبار جاهزية الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، على الرغم من نفي موسكو تورطها في الحوادث المماثلة.
ثانياً: التحرك الأوروبي نحو “جدار المسيرات“
على مستوى الاتحاد الأوروبي، أصبحت ضرورة إنشاء شبكة دفاعية موحدة أولوية قصوى لمواجهة هذا النمط الجديد من التهديدات:
. مقترح الدفاع الجوي: عززت حادثة ميونيخ دعم المفوضية الأوروبية لمقترح بناء ما أُطلق عليه اسم “جدار الطائرات المسيرة“.
هذا “الجدار” هو في الواقع شبكة تقنية متكاملة من أجهزة الرادار المتطورة، وأنظمة التشويش الإلكتروني، والتقنيات العسكرية للكشف عن وتعقب وتحييد الطائرات بدون طيار المتطفلة.
. دعوة لـ “الرد الحازم“: أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن “الانتهاكات المتكررة لمجالنا الجوي غير مقبولة“، وحثت على حشد الصناعة الدفاعية الأوروبية لتنفيذ هذا المشروع في أسرع وقت ممكن.
ثالثاً: التكلفة الاقتصادية والتشغيلية على قطاع الطيران
الخطر لا يقتصر على الأمن فقط؛ فالاقتصاد التشغيلي لشركات الطيران الأوروبية بات تحت الضغط المباشر:
. خسائر باهظة للناقلات: تتكبد شركات الطيران، مثل لوفتهانزا التي تستخدم ميونيخ كمركز رئيسي، خسائر مالية فادحة جراء الوقود الإضافي، رسوم التحويل، وتكاليف إيواء وتعويض المسافرين. وقد تُترجم هذه التكاليف في المستقبل إلى ارتفاع في أسعار تذاكر السفر ورسوم الشحن.
. إرباك سلاسل الإمداد: كمحور شحن جوي، يؤدي الإغلاق المفاجئ للمطار إلى تعطيل سلاسل الإمداد للسلع عالية القيمة وسريعة التلف، مما يزيد من تكاليف التأمين والخدمات اللوجستية ويؤثر على موثوقية الشحن الجوي الأوروبي.
في الختام، تواجه أوروبا تحدياً أمنياً جديداً يتطلب استجابة تشريعية وتكنولوجية مكلفة وسريعة، أو سيستمر هذا الخطر في تعريض سلامة الملاحة الجوية للخطر وتعطيل شريان النقل الحيوي للقارة.
