كان اليوم الخامس في بطولة أمريكا المفتوحة بمثابة عاصفة رياضية جمعت بين الانتصارات المدوية، عروض القوة، العودة الملهمة، والقصص الإنسانية التي تجاوزت حدود الملاعب.
في ملعب آرثر آش، شهدنا لحظات لا تُنسى رسخت فكرة أن التنس ليس مجرد لعبة، بل هو ساحة لعرض الإرادة البشرية. من الإطاحة بالمصنفين إلى إطلاق العنان لإرسالات جديدة، كان اليوم الخامس حافلاً بالإثارة.
ملاحم العودة: مايخزارك يقهر خاشانوف في مواجهة تاريخية
لعل أبرز حدث في اليوم الخامس كان المواجهة الماراثونية بين البولندي كامل مايخزارك والمصنف التاسع كارين خاشانوف. في معركة استمرت لأكثر من أربع ساعات، أظهر مايخزارك شجاعة خارقة.
بعد تأخره بمجموعتين، لم يستسلم، بل عاد بقوة ليقلب المباراة لصالحه ويفوز بنتيجة 2-6، 6-7، 6-4، 7-5، 7-6.
لم يكن هذا الفوز مجرد انتصار، بل كان الأكبر في مسيرته، حيث حقق أول فوز له على لاعب من العشرة الأوائل. كان إنجاز مايخزارك بمثابة تذكير قوي بأن الإصرار يمكن أن يتفوق على التوقعات.
على صعيد آخر، أظهرت إيجا شفيونتيك، بطلة ويمبلدون، عزيمتها القوية بعدما كادت تتعرض لمفاجأة في مباراتها.
فبعد فوزها السهل بالمجموعة الأولى 6-1، تعثرت أمام سوزان لامينز التي فاجأتها بالفوز بالمجموعة الثانية.
لكن شفيونتيك عادت بقوة في المجموعة الفاصلة وأظهرت ما يميز البطل، حيث نجحت في حل المشاكل على أرض الملعب لتتأهل إلى الدور الثالث.
القوة الإيطالية: سينر وموسيتي يواصلان التقدم
حافظ المصنف الأول عالمياً يانيك سينر على هيمنته المطلقة، حيث تجاوز الأسترالي أليكسي بوبيرين بسهولة في ثلاث مجموعات (6-3, 6-2, 6-2).
أكد سينر أن فوزه كان “عملية جراحية” دقيقة، مواصلاً سجله الممتاز بـ 23 فوزاً متتالياً في بطولات الغراند سلام على الملاعب الصلبة.
وأصر سينر على أن فلسفته هي “المطاردة” وليس “الدفاع” عن اللقب، مما يؤكد تركيزه على تحقيق أداء مثالي.
كما واصل مواطنه لورينزو موسيتي تقدمه المريح، حيث تغلب بسهولة على ديفيد جوفين بنتيجة 6-4، 6-0، 6-2.
بدا موسيتي أكثر ثقة بعد سلسلة من الخسارات المبكرة هذا الموسم، معلناً أن هذه البطولة هي فرصة له ليعيد تأكيد مستواه، وهو ما فعله بإتقان في هذه المباراة.
العودة المظفرة: أوساكا وغوف في قلب الحدث
قدمت النجمة اليابانية نعومي أوساكا أداءً قوياً وهي تتغلب على الأمريكية هالي بابتيست بنتيجة 6-3، 6-1.
أظهرت أوساكا مزيجاً مثالياً من القوة والتحكم، وأكدت أنها في طريقها لاستعادة كامل لياقتها بعد عودتها. كما لفتت أوساكا الأنظار بأناقتها، حيث ارتدت فستاناً أرجوانياً لامعاً ووضعت “لابوبو” على حقيبتها، مما أضاف لمسة شخصية على أدائها.
على صعيد آخر، كان إرسال كوكو غوف محور الحديث في اليوم الخامس.
بعد معاناتها مع الإرسال في بداية الموسم، قررت غوف إجراء تغييرات جذرية على تقنيتها بالتعاون مع متخصص في الميكانيكا الحيوية.
ورغم أنها ارتكبت 10 أخطاء مزدوجة في مباراتها الأولى، إلا أنها اعتبرت هذا التغيير بمثابة “تعلم لغة جديدة” وأنها على المسار الصحيح لتحويل إرسالها إلى سلاح فتاك.
مسيرة أماندا أنيسيموفا: هل هي بطلة أمريكا القادمة؟
في خضم هذا الأداء الأمريكي المتميز، تبرز أماندا أنيسيموفا، المصنفة الثامنة في البطولة، كواحدة من أكثر اللاعبات الواعدات في هذه البطولة.
باللعب أمام جماهيرها على أرضها، تبدو أماندا متحمسة نفسياً لتقديم أفضل ما لديها في هذه البطولة.
بدأت مسيرتها بقوة وثقة، حيث واجهت في الجولة الأولى الأسترالية كيمبرلي بيريل وتمكنت من تحقيق فوز مريح بنتيجة 6-3 و 6-2، لتضع حداً لسلسلة من ثلاث خسارات متتالية في هذا الحدث المحلي.
هذا الانتصار المبكر كان تأكيداً على عودتها بقوة بعد أن وصلت إلى نهائي ويمبلدون وأصبحت ضمن أفضل 10 لاعبات في العالم.
وفي آخر لقاء لها ضمن منافسات اليوم الخامس، واصلت أماندا تألقها أمام الأسترالية الشابة مايا جوينت.
لم تكن المباراة سهلة، خاصة في المجموعة الأولى التي شهدت منافسة شديدة، لكن أماندا أظهرت مرونة ذهنية كبيرة وعادت من تأخر مبكر لتفوز بالمجموعة عبر شوط كسر التعادل (7-6).
سيطرت بعد ذلك بشكل كامل على المجموعة الثانية وحسمتها بنتيجة 6-2. في هذا اللقاء، أظهرت أماندا أن إرسالها القوي وضرباتها الساحقة باليد الأمامية والخلفية كانا أسلحة حاسمة، حيث سجلت 23 نقطة مباشرة مقابل 5 نقاط فقط لمنافستها.
هذا الأداء القوي مكّنها من التأهل إلى الدور الثالث للمرة الأولى منذ عام 2020.
هل أماندا مستعدة لحمل اللقب؟
إن أداء أماندا أنيسيموفا يعطينا بالفعل دلالات قوية على أنها جاهزة لحمل اللقب. نتائجها ليست مجرد انتصارات، بل هي مؤشر على ثقة متزايدة وقدرة على التكيف مع الضغط.
هي ليست بطلة أمريكا بعد، لكن أدائها يؤكد أنها منافسة جدية للغاية، وأنها تتحرك في الاتجاه الصحيح.
حماسها النفسي وحب الجماهير لها يمنحها ميزة إضافية، مما قد يدفعها لتحقيق إنجاز كبير في هذه البطولة.
ما رأيكم؟ هل تعتقدون أن أماندا أنيسيموفا لديها ما يلزم لتكون بطلة أمريكا القادمة؟ شاركونا آراءكم!
MATCH POINT
كان اليوم الخامس بمثابة احتفال بالروح الإنسانية في التنس. لقد أظهر لنا أن اللعبة ليست مجرد أرقام وتصنيفات، بل هي قصص عن العزيمة والشجاعة والعودة بعد السقوط. إنه يوم أثبت فيه اللاعبون أن أعلى درجات الأداء ليست فقط في الفوز، بل في القدرة على الإلهام.
