“راتبك لحظي”: لحظة تاريخية وسط ترقب وقلق

في يوم الاثنين الموافق 1 سبتمبر 2025، شهدت العاصمة الليبية طرابلس حدثاً يعد نقطة تحول حاسمة في مسيرة التحول الرقمي والمالي بالبلاد.

من مقر مصرف ليبيا المركزي، أطلق السيد ناجي محمد عيسى، محافظ المصرف، منظومة راتبك لحظي رسمياً، في حضور السيد خالد المبروك عبدالله، وزير المالية.

لم يكن الأمر مجرد إطلاق تقني، بل كان إشارة قوية إلى بدء مرحلة جديدة من الشفافية والكفاءة في صرف مرتبات موظفي القطاع العام.

البث المباشر لهذا الحدث لم يكن مجرد تغطية إخبارية، بل كان بمثابة حوار مباشر مع المواطنين، استعرض خلاله المسؤولون تفاصيل هذه المنظومة وأهدافها.

وقد أظهرت كلماتهم المدروسة والمفعمة بالتفاؤل أن هذه الخطوة هي ثمرة جهد مشترك وتخطيط استراتيجي يمتد لسنوات.

كلمات مؤثرة ورؤية للمستقبل

افتتح محافظ المصرف المركزي، السيد ناجي عيسى، كلمته بحديث عن الأهداف الأبعد للمنظومة مؤكداً أنها لا تقتصر على سرعة وصول المرتبات فحسب، بل ترسخ لمفهوم العدالة في التوزيع والوضوح في الإجراءات.

هذا التصريح يكشف عن رؤية أعمق، تتجاوز الجانب التقني إلى إصلاح شامل يهدف إلى تعزيز الثقة بين المواطن والدولة.

كما وجه دعوة عاجلة للجهات المعنية لاستكمال إحالة بيانات موظفيها لضمان استفادة ما يقارب 900 ألف موظف من هذه المنظومة.

من جانبه، تحدث وزير المالية، السيد خالد المبروك عبدالله، عن منظومة راتبك لحظي بوصفها “ثمرة” العمل المشترك بين السياسة النقدية والمالية.

أكد الوزير أن هذا الإنجاز جاء نتيجة استراتيجية وزارة المالية للتحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي، مشيراً إلى أن المرتبات ستصل إلى الموظفين في غضون ساعات قليلة.

كما أشار إلى أن هذه الخطوة ليست النهاية، بل هي بداية لمشاريع أخرى قادمة مثل منظومة البيانات المالية الحكومية ومركز التحصيل والدفع الإلكتروني.

ما وراء الكواليس: التحديات والإنجازات

كانت اللحظة الأكثر درامية في البث المباشر هي عندما قام المحافظ والوزير بالضغط على زر تنفيذ تحويل المرتبات وسط تصفيق حار من الحضور.

هذه اللحظة، التي تبعها مباشرة تصريح المحافظ بأن المنظومة باشرت في التعامل مباشرةً، عكست حجم الإنجاز التقني والجهد الذي بُذل.

ولإلقاء الضوء على الجوانب التقنية، أوضح مدير إدارة تقنية المعلومات بمصرف ليبيا المركزي أن هذه العملية تتجاوز الأنظمة التقليدية التي كانت تعتمد على الحوافظ والصكوك، حيث ستمكّن المنظومة الجديدة من تحويل المرتبات مباشرةً إلى حسابات المستفيدين.

كشف أيضاً عن أن صرف مرتبات شهر أغسطس سيتم عبر النظامين: الجديد للجهات التي استوفت بياناتها، والقديم للجهات التي لم تقم بذلك بعد، في دعوة واضحة للجهات المتأخرة للانضمام للمنظومة.

أضاف وكيل عام وزارة المالية، السيد أبوبكر الجفال، بعداً اقتصادياً واجتماعياً للمشروع، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز سيمكن وزارة المالية من إنجاز الحساب الختامي للدولة بشكل أسرع، ويحقق العدالة الاجتماعية في توزيع المرتبات في جميع أنحاء ليبيا.

كما أكد أن المنظومة ستوفر معلومات لحظية لمصرف ليبيا المركزي عن توزيع السيولة النقدية، مما يعزز من مرونة القطاع المالي.

تساؤلات تنتظر الإجابة

في الوقت الذي تحتفي فيه الجهات الرسمية بإطلاق المنظومة، يظل الموظف الليبي في حالة من الترقب.

فبينما يعيش بعضهم فرحة وصول رسالة الإشعار بوصول الراتب، لا يزال آخرون ينتظرون، وسط قلق مشروع.

هذه المشاعر المختلطة تعكس طبيعة أي تحول كبير، حيث يبدأ التغيير على مراحل، ويتطلب وقتاً لكي يصل إلى الجميع.

تخيل أحمد، الموظف البسيط في قطاع التعليم، الذي كان يواجه تأخيراً شهرياً في راتبه.

اليوم، تصل رسالة نصية إلى هاتفه، تخبره بأن راتبه قد وصل إلى حسابه.

تلك الرسالة لم تكن مجرد إشعار، بل كانت وعداً تحقق، وإشارة إلى أن أيام الانتظار قد ولت.

تسليم درع من قبل وزير المالية إلي السيد محافظ ليبيا المركزي

في الختام، تبقى أسئلة مهمة مطروحة: هل ستكون هذه المنظومة جسراً نحو إصلاحات مالية أوسع نطاقاً، أم أنها مجرد بداية؟

وما هو الدور الذي سيلعبه المواطن في دعم هذا التحول؟

المزيد من الكاتب

“راتبك لحظي”: نهاية الانتظار.. وبداية التحول الكبير

لجين القيزاني: بطلة تونس الصغيرة التي حطمت رقماً صامداً منذ 1987!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *