🌊فاجعة آسفي: صرخة الأودية وغياب “صندوق التضامن” في معادلة المحاسبة والدستور

🌊 فاجعة آسفي: صرخة الأودية وغياب "صندوق التضامن" في معادلة المحاسبة والدستور

💔 الإنسانية تحت وطأة السيول: دقائق من الغضب، 37 روحاً ضحية

في لحظة لا تتجاوز الساعة الواحدة، تحولت مدينة آسفي، ليلة الأحد الدامي، إلى مسرح لفاجعة غير مسبوقة، حيث اجتاحت السيول الجارفة الأحياء العتيقة والمحلات التجارية، مخلفة وراءها حصيلة مؤلمة بلغت 37 حالة وفاة حسب آخر الأرقام المعلنة.

لم تكن هذه مجرد أمطار غزيرة، بل كانت “غضباً استثنائياً كشف عن هشاشة البنية التحتية، حيث غمرت المياه حوالي 70 منزلاً ومحلاً وجُرفت نحو 10 سيارات، وتحول شارع بئر أنزران إلى شاهد على كارثة أجمعت الشهادات على عدم تكرارها منذ عقود.

هذا المشهد المأساوي فجّر طاقة إنسانية فورية؛ فبينما جندت المديرية الإقليمية (التابعة للشركة الجهوية متعددة الخدمات) فرقها الميدانية بموارد مادية وبشرية (منها 4 شاحنات هيدروكور و33 عوناً) نهضت “سواعد مواطنة من شباب الأحياء القديمة، مستعينين بالقوارب لإنقاذ المحاصرين.

هذا التضافر بين الجهد الرسمي المعبأ والفعل المجتمعي التلقائي كان حاسماً، وهو ما أكد عليه فاعلون مدنيون: “لولا نهوض الشباب المتطوعين… لكان عدد الضحايا والقتلى أكبر”.

⚖️ المأزق الدستوري والقانوني: هل الفيضان "قضاء وقدر" أم "إهمال مصالح الدولة"؟

على خلفية “الأحداث الأليمة” التي شهدتها المدينة، يعود من جديد نقاش “سبل تعويض الحكومة المتضررين ماديا”، حيث فُتحت هذه الواقعة مرة أخرى النقاش حول “صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية الذي غاب أثره في “فيضانات الجنوب الشرقي”.

وبشكل صادم، تؤكد مصادر محلية مواجهة متضررين فقدوا سياراتهم تحت المياه عمال “ديباناج” المشترطين تأدية مبالغ تصل إلى 300 درهم.

وبينما سارع الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بآسفي إلى فتح بحث قضائي فوري لتحديد المسؤوليات، يرى الخبراء القانونيون أن المسألة تتجاوز الحظوظ:

. العهد الدستوري:

يؤكد الباحثون في الشأن القانوني أن نصوص الدستور المغربي (كالفصول: 40 و93 و136) تُلزم الدولة بتحمُّل مسؤوليتها عن الأضرار الناتجة عن إهمال مصالحها.

هذا يُسقط صفة “القضاء والقدر” عن الفيضان ويجعله حادثاً متوقعاً يمكن التعامل معه عبر الإجراءات الوقائية، حيث تقع المسؤولية على عاتق الدولة ومؤسساتها المحلية لعدم صيانة وتنظيف البالوعات والمجاري بفعالية.

. غياب التعويض المبادِر:

يبرز التساؤل عن “صندوق التضامن ضد الكوارث الطبيعية” الذي غاب أثره. الفاعلون المدنيون يؤكدون ضرورة تفعيل آليات التعويض الفوري والمبادرة به، خاصة أن “المسؤولية القانونية للدولة عن التعويض ثابتة ومدعومة بسوابق قضائية، وبغض النظر عن قدرة المتضررين (الذين قد لا يمتلكون القدرة) على التوجه إلى القضاء.

⚡️ الاستنفار الوطني والإجراءات المتباينة: آسفي تتألم والشمال يحذر

بموازاة الفاجعة التي تتطلب تعبئة جميع الموارد البشرية واللوجستيكية، شهدت أقاليم أخرى استجابة مختلفة، مما يبرز تبايناً في تطبيق مبدأ “اليقظة الاستباقية:

. تعليق الدراسة كإجراء وقائي:

تم تمديد تعليق الدراسة في آسفي حتى الأربعاء. وفي المقابل، أعلنت مديريات الشمال (تطوان، المضيق-الفنيدق، الفحص-أنجرة) عن تعليق الدراسة بشكل استباقي بناءً على النشرة الإنذارية للأرصاد الجوية. 

هذا التباين يضع علامة استفهام حول تحويل إنذارات الأرصاد إلى قرارات إجرائية فورية في جميع الأقاليم المتضررة قبل ساعة الصفر.

. استنفار المؤسسات:

عُقد اجتماع طارئ في عمالة آسفي لتقييم الخسائر بحضور والي الجهة وعامل الإقليم، كما تم تفعيل مخطط استعجالي واستدعاء الأطر الطبية في مستشفى محمد الخامس. هذا يؤكد تحرك آلية الأزمة المركزية، لكن بعد وقوع الكارثة.

💡ما بين "القدر" و "القرار" في المغرب

إن المشهد الكلي للتعامل مع كارثة آسفي يطرح تحدياً وجودياً على الدولة المغربية، يتجاوز كفاءة البالوعات إلى صميم العقد الاجتماعي الجديد:

. تحدي “الاستباقية الفورية“:

تعكس فاجعة آسفي فشلاً في تحويل الإنذارات المناخية (التي يصدرها الأرصاد) إلى إجراءات تنفيذية فورية على مستوى البلديات، خاصة في البنى التحتية الهشة.

النظام لا يفتقر إلى المعلومة، بل يفتقر إلى السرعة المطلوبة في تحريك المصالح اللامركزية قبل ساعة الصفر.

. صندوق الكوارث: أزمة ثقة:

غياب أثر صندوق التضامن ضد الكوارث في واجهة الأحداث يغذي أزمة الثقة بين المواطن والحكومة، مما يجعل المواطن يعتقد أن أموال التضامن لا تتحول إلى تعويض فوري ومباشر.

الحل الاستراتيجي لا يكمن في وجود الصندوق فقط، بل في تبسيط آليات وصول المتضررين إليه.

. المحاسبة كضرورة استراتيجية:

قرار فتح البحث القضائي هو متطلب استراتيجي لترسيخ “ربط المسؤولية بالمحاسبة” في بلد يتطلع إلى استضافة أحداث عالمية. إن عدم تحديد المسؤولية سيجعل الكوارث المتكررة تُقرأ دولياً على أنها فشل بنيوي وليس مجرد تقلب مناخي.

 هذا المشهد، بكل ما فيه من تضحية شبابية (آسفي) ويقظة متأخرة (الاجتماعات)، يفرض على الحكومة مراجعة العلاقة بين المؤسسة والدستور والمواطن، لضمان ألا تذهب الأرواح هدراً في دورة متكررة من الفاجعة والنسيان.

🌟الرهان على الإرادة والدرس المستمر

إن فاجعة آسفي ليست مجرد حدث مناخي عابر، بل هي درس قاسٍ في أولويات الدولة والمسؤولية الدستورية.

لقد كشفت الكارثة عن قوة تضامن المجتمع في مواجهة الإهمال، وأكدت أن الالتزام الدستوري للبلاد يفرض عليها المبادرة بالتعويض ومنع وقوع الضرر عبر اتخاذ التدابير الضرورية قبل وقوع الكوارث.

وفي ظل الارتفاع المستمر لـ “مستوى اليقظة الذي تدعو إليه السلطات، يبقى التحدي الحقيقي هو تحويل المساءلة القضائية إلى إجراءات وقائية فعالة، وضمان ألا تضطر فئة واسعة من المتضررين إلى “التسول” من أجل حقوقها الدستورية.

فـ “النعمة” لن تتحول إلى “نقمة” إلا عندما يغيب الالتزام بتنظيف البالوعات قبل أن تغرق الشوارع بالدموع والدماء.

الشباب يختتم “ثلاثية طرابلس” المدنية: الأمير السنوسي يُسلم “بوصلة الحوار” إلى الجيل الجديد

📢البيان الدوقي:رسالة “النشامى الأبطال” من الملكة رانيا.. عندما يلتقي العز الوطني بدبلوماسية “الهاشميين”!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المشاركات الاخيرة