💥قطر 1-1 سوريا... التعادل الذي كسر العُقدة التاريخية وصدم المضيف
الدوحة – (تحليل خاص)
ليلة الجنون التي أوقفت أنفاس الجماهير
شهد ملعب خليفة الدولي ليلة حبست فيها الأنفاس، اختتمت بتعادل إيجابي (1-1) بين المضيف قطر والمنتخب السوري. هي نتيجة صادمة تركت الجماهير القطرية في حالة من الإحباط العميق، فيما أهدت “نسور قاسيون” فرصة تاريخية لكسر عقدة ثلاثية ظلت تلاحقهم بعد فشلهم في التأهل للأدوار الإقصائية في آخر ثلاث مشاركات.
لقد كان الصراع على أرض الملعب انعكاساً دقيقاً للمشاعر في المدرجات؛ جماهير قطر وتونس تعيش قلقاً وتشويقاً لا مثيل لهما، بينما تتابع جماهير سوريا وفلسطين المشهد بنوع من الارتياح النسبي، فالمصير بات الآن في أيديهم.
الاستحواذ العقيم في مواجهة الإصرار السوري
اعتمد المدرب القطري جولين لوبيتيغي على خطة (4-1-4-1) للسيطرة المطلقة، محققاً نسبة استحواذ بلغت 62%، محاولاً بذلك تجاوز الأداء غير الجيد الذي أقر به لاحقاً في مباراة فلسطين.
المدرب القطري أقر بعد المباراة: “اليوم كنا أفضل مما قدمناه في مباراة فلسطين”، لكنه أشار إلى أن الهدف السوري كان “مفاجأة وتسديدة غير متوقعة”، مؤكداً أن الإخفاق لم يكن في السيطرة بل في الفعالية. في المقابل، لعب المدرب السوري بتركيز على الدفاع المُنظَّم والتحول السريع.
لغة الأرقام تروي قصة هجوم سوريا العاصف
بقدر ما كانت السيطرة القطرية واضحة في دقة التمرير، بقدر ما كشفت لغة الأرقام عن خلل واضح في الفعالية الهجومية لـ “العنابي”.
على النقيض، اعتمدت سوريا على أسلوب مباشر، حيث أظهرت الإحصائيات أنها كانت الأكثر تسديداً بـ 17 محاولة إجمالية مقابل 6 لقطر، وهو ما يؤكد أن هدف التعادل القاتل لم يكن ضربة حظ، بل نتاج إصرار متواصل على تهديد المرمى.
وقد كان هذا الإصرار مدعوماً ببطولة فردية، حيث اضطر حارس سوريا لصد 5 تسديدات قطرية في المرمى، ليؤكد بذلك دوره المحوري في إنقاذ الموقف حتى اللحظات الأخيرة.
ملحمة الأهداف: حوار النجوم السري في اللحظة التي حبست الأنفاس
انفجرت المدرجات فرحاً بهدف البديل أحمد علاء برأسية متقنة في الدقيقة 77، هدف أتى ليرسم الفوز القطري المنشود… لكن الدراما لم تكن قد اكتملت بعد! في تلك الثواني العصيبة، وبعد تقدم قطر، لم يستسلم نجوم سوريا.
لقد كان هناك حوار سري وسريع على أرض الملعب ترجم الروح القتالية للمنتخب؛ حيث كشف محمود المواس عن اللحظة التي لا تُنسى: “كنت أتحدث مع عمر خربين.. وقلت له بحماس بالغ: أي واحد منا تصله الكرة فليسدد مباشرة.. لم يعد لدينا وقت!” وهنا، وفي الدقيقة التسعين، تحققت النبوءة! وصلت الكرة إلى القناص عمر خربين، الذي كان قد اختار “مساحة فضاء بعيدة عن المدافعين” بذكاء قناص يعرف هدفه، ليطلق تسديدة صاروخية مدوية لا تُرد، عانقت الشباك في مشهد جنوني! ويعد هذا تألقاً ثانياً لخريبين الذي أكد دوره كـ “منقذ” للمنتخب السوري بامتياز، ليصف هو نفسه التعادل بـ “ممتاز، لأننا نلعب مع قطر.. ونحتاج لنقطة من مباراة فلسطين“.
لتستمر الملحمة حتى الدقيقة الثامنة من الوقت الإضافي، والتي شهدت بطولة فردية لحارس سوريا أنقذ فيها مرماه من هدف محقق، ليدافع عن نقطة التعادل حتى صافرة النهاية الحاسمة.
تحليل الفرص المعقدة: شبح "المؤامرة البيضاء" يلاحق المضيف
أصبح التأهل في هذه المجموعة مرهوناً بنتيجة مباراة فلسطين وسوريا في الجولة الأخيرة. يخوض منتخبا تونس وقطر، وكلاهما يمتلك نقطة واحدة، مباراتهما المصيرية تحت ضغط جماهيري ونفسي لا يُطاق؛ فجمهورهما يعيش حالة من الصدمة والقلق تضغط على المدربين واللاعبين لتحقيق فوز إجباري مع تركيز عالٍ، بينما يحاول المدربون التركيز على الفوز أولاً والأمل في تعثر المتصدرين ثانياً.
على الجانب الآخر، يدخل منتخبا فلسطين وسوريا، بأربع نقاط لكل منهما، هذه الجولة بنوع من الارتياح النسبي بعيداً عن ضغوط الإقصاء المباشر؛ جمهورهم سعيد وواثق، مما يمنح اللاعبين والمدربين مساحة للتركيز الاستراتيجي الهادئ.
الطريق الأسهل والأكثر ضماناً لتأهل فلسطين وسوريا هو التعادل في مباراتهما المباشرة؛ فبذلك يصل كلاهما إلى النقطة الخامسة ويضمنان العبور مباشرة.
هذا السيناريو، الذي يشار إليه بـ “شبح المؤامرة البيضاء“، هو الكابوس الأكبر لقطر وتونس. أما بالنسبة لتونس وقطر، فيجب عليهما أولاً أن يحققا الفوز ليصل أي منهما إلى النقطة الرابعة، مع تمني فوز أحد الطرفين في القمة الأخرى، لكن حتى هذا لا يضمن التأهل، حيث أن حظوظهما تكون ضعيفة جداً لفك التعادل عند 4 نقاط.
نبض الشارع: صدمة الدوحة وفرحة دمشق
عبرت الأغلبية الساحقة من الجماهير القطرية عن صدمتها، مؤكدين أن النتيجة “غير جيدة” وأنهم الآن “يأملون فقط في التأهل” بدلاً من الهدف الأساسي وهو “الفوز بالكأس”.
هذه الخيبة قابلتها سعادة غامرة للجماهير السورية، حيث عاشت فرحة عارمة، أشاد فيها النجمان (المواس وخربين) “بروعة جمهور سوريا”، مؤكدين دورهم في القتال حتى النهاية. وعلق مشجع عماني بأن “منتخبي سوريا وفلسطين فاجئونا”، واصفاً البطولة بأنها “ممتعة وجميلة وبها مفاجآت”.
سباق اللحظات الأخيرة
انتهت المواجهة بخيبة أمل كبيرة للمضيف، حيث اختتم المدرب لوبيتيغي تصريحاته بتوجيه اعتذار صريح للجمهور، مؤكداً أن الإخفاق كان فنياً بحتاً.
هذا التعادل وضع قطر وتونس تحت ضغط لا يُطاق في الجولة الأخيرة، حيث بات مصيرهما معلقاً بآليات رياضية معقدة.
الآن، ينتظر عشاق كرة القدم القمة المصيرية بين فلسطين وسوريا التي ستحسم ملامح المتأهلين، ليشتعل بذلك سباق اللحظات الأخيرة على مقعدي التأهل.
