💣رمح الجنوب: واشنطن تضع الكاريبي تحت مجهر “الإرهاب المُخدر”.. العد التنازلي السياسي والعسكري لنظامي مادورو وكاسترو
القفاز العسكري في وجه نصف الكرة الغربي
أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية فصلاً جديداً وخطراً في عقيدتها الأمنية الإقليمية بإعلانها عن “العملية رمح الجنوب” (Operación Lanza del Sur).
لم يكن هذا الإعلان مجرد توسيع تقليدي لمهام مكافحة المخدرات، بل هو بيان استراتيجي مُدوٍ يهدف إلى تحويل “الجوار” الأمريكي إلى منطقة اشتباك لـ “الدفاع عن الوطن”، مُوجهاً ضربة قاضية محتملة للأنظمة المتهمة بدعم التهريب.
إن الأمر، الذي جاء بقرار مباشر من الرئيس دونالد ترامب وتجسد في خطاب وزير الحرب بيت هيغسيث يُعطي الضوء الأخضر لتحرك عسكري واسع النطاق يضع كراكاس وهافانا تحت ضغط غير مسبوق.
التكتيك الجديد: دمج الإرهاب بالمخدرات
الجوهر الاستراتيجي لـ “رمح الجنوب” يكمن في التلاعب بالمصطلحات. إن استخدام وصف “ناركوتيروريستا” (نركو-إرهابي) يمنح القيادة الجنوبية الأمريكية (SOUTHCOM) تفويضاً غير محدود تقريباً لاتخاذ إجراءات عسكرية كانت مقتصرة في السابق على مكافحة التهديدات الإرهابية العالمية.
هذا التكتيك ليس مجرد تسمية، بل هو تغيير جذري في قواعد الاشتباك؛ فهو يُحوّل المشكلة من قضية تطبيق قانون دولي إلى قضية أمن قومي داخلي تتطلب استجابة عسكرية فورية وقاسية.
وزير الحرب هيغسيث لخص العقيدة بقوله: “نصف الكرة الغربي هو جوار الولايات المتحدة، وسوف نحميه”.
هذا التصريح يُعيد إحياء عقيدة “مونرو” بصبغة عسكرية وقائية، مُعلناً أن أي تهديد في هذا النطاق يُعَد تهديداً مباشراً لأمن أمريكا الداخلي وسلامة مواطنيها من “المخدرات التي تقتل ناسنا”.
الانقلاب السياسي: تفوق إداري أم تصفية حسابات؟
لم تكن ردود الفعل السياسية الأمريكية مجرد ترحيب، بل كانت دعوات صريحة وحماسية لتغيير الأنظمة، ما يؤكد أن للعملية أهدافاً سياسية كبرى.
. رسائل السقوط:
كانت الإشارة الأقوى من المعارض الكوبي خوسيه دانييل فيرير الذي وجه نداءً علنياً للقيادة في فنزويلا وكوبا للهروب، مستحضراً مصير قادة ساقطين مثل صدام حسين والقذافي.
هذا التذكير يُعد بمثابة سيف مُسلط، يُحوّل العملية من مُجرد اعتراض شحنات إلى عملية تصفية حسابات يُحركها لوبي سياسي قوي في واشنطن يرى أن إسقاط مادورو وكاسترو أصبح مسألة وقت.
. عامل الزمن:
إشارة النائب ماريو دياز-بالارت إلى “ساعة الرمل” التي تنفد، إلى جانب تأكيد النائبة ماريا إلفيرا سالازار بأن “أيام المهربي الإرهابيين قد انتهت”، تؤكد أن واشنطن قد قررت أن الوقت قد حان لاستخدام القوة، بعد استنفاد أدوات العقوبات الاقتصادية.
التقييم الاستراتيجي: تفويض القوة والسلطة
إن “العملية رمح الجنوب” تُمثل استثماراً سياسياً وإدارياً من قبل إدارة ترامب لإثبات قوتها في الخلفية الأمريكية.
1 . مركزية السلطة: العملية ترسخ مفهوم المركزية العسكرية في التعامل مع الأزمات الإقليمية، مما يمنح القيادة الجنوبية صلاحيات واسعة لـ “طرد المهربي الإرهابيين”، وهو ما يُمكن أن يُترجم إلى عمليات استباقية واسعة النطاق.
2 . تعزيز الشرعية: التهديد بالمخدرات يُعطي الإدارة تفويضاً شعبياً غير قابل للنقاش لـ استخدام القوة، وهو أساس متين لبناء أي عملية عسكرية لاحقة.
طبول الحرب تدق في الجوار
لقد تجاوزت الولايات المتحدة مرحلة التهديد والتلويح، وشرعت في وضع خط أساس عسكري جديد في محيطها. “العملية رمح الجنوب” هي وثيقة عمل عسكرية تنذر بأيام عصيبة، حيث تحولت فنزويلا وكوبا من دول تحت الحصار الاقتصادي إلى أهداف عسكرية محتملة تحت مسمى مكافحة “الإرهاب المُمول بالمخدرات”.
التساؤل الاستراتيجي المُلح الآن هو: ما هو الرد المتوقع من الأنظمة المستهدفة؟ وهل سيؤدي هذا التصعيد المُعلن إلى فتح الباب لـ “صراع وكلاء” أو تدخل حلفاء خارجيين (مثل روسيا والصين)، مما يحوّل جوار أمريكا إلى بؤرة توتر عالمية تتعدى حدود مكافحة المخدرات؟ المؤكد هو أن العد التنازلي بدأ، والمرحلة القادمة ستكون حاسمة وخطيرة.
