ساعة الصفر في الكاريبي..واغتيال النفوذ بـ “الإغراء الذكي”: كيف يرسم العالم الجديد خارطة السيطرة؟

ساعة الصفر في الكاريبي.. واغتيال النفوذ بـ “الإغراء الذكي”: كيف يرسم العالم الجديد خارطة السيطرة؟

هجوم “المطرقة الساخنة” والتحذير من نقطة اللاعودة

القاعة كانت معتمة، ورائحة القوة تملأ الأجواء في الجناح الغربي. لم يكن هذا اجتماعاً روتينياً، بل كان لحظة رسم خطوط المواجهة الحمراء الجديدة.

على الطاولة، أمام الرئيس دونالد ترامب، عُرضت سيناريوهات عملياتية ليست للمناورة، بل للتنفيذ الفوري. إنها خلاصة جهد استخباراتي مكثف، قدمها سكرتير الحرب، بيت هيغسيث، ورئيس الأركان المشتركة، دان كاين.

الخيارات التي وضعوها كانت تحمل دماً وباروداً، وتخص الجار الملتهب: فنزويلا.

خلال الأيام القليلة التي سبقت هذا الاجتماع، كان البحر الكاريبي يتحول إلى ساحة معركة لا يُعلن عنها. القوات الأمريكية نفذت 20 هجوماً ناجحاً ضد سفن يشتبه في تهريبها للمخدرات، وهي عمليات أسفرت عن مقتل 80 شخصاً من المشتبه بهم.

كانت تلك رسائل قوية، لكن التحذير الذي أطلقه هيغسيث أمام الكاميرات كان أكثر دموية: “نصيحتي للمنظمات الإرهابية الأجنبية هي ألا يصعدوا على متن سفينة… سنجدهم ونقتلهم”.

في العمق، كانت الإشارة العسكرية الأكثر حساسية هي وصول مجموعة حاملة الطائرات النووية USS Gerald R. Ford. هذا ليس استعراضاً للقوة؛ إنه حشد للقدرة على العمل في جبهات متعددة.

على الرغم من أن المصادر أكدت لـ CBS News أنه لا قرار نهائياً قد صدر بعد، إلا أن الجمع بين الخسائر الكبيرة وتحريك أكبر الأصول العسكرية، يعني أن واشنطن وضعت ساعة “الصفر” على مؤقت، وباتت تفصلها عن العمل العسكري المباشر أيام أو حتى ساعات.

لعبة الشطرنج الناعمة: إغراء الكفاءات وتحرير النفوذ

في مكان آخر، بعيداً عن ضجيج المحيط وسفن الحرب، كانت تُدار لعبة أخرى أكثر هدوءاً وأشد مكراً: لعبة اغتيال البيروقراطية بالإغراء الذكي. فبينما تُستخدم القوة العارية في الكاريبي لتغيير نظام، تُستخدم استراتيجية النفوذ لإصلاح الأنظمة من الداخل.

النظرية بسيطة: بدلاً من الصدام مع كبار المسؤولين المترسخين في مناصبهم، يتم تحويلهم إلى حلفاء محوريين.

هذا ما كشفته استراتيجية التعامل مع وكيل وزارة التعليم العالي الليبي. الخطة لم تكن لوم أو إقصاء، بل هي تتويج النفوذ بالذهب:

1 . تقديم المسؤول كـ القائد الضروري لنجاح أي مشروع إصلاحي.

2 . منحه صلاحيات تنفيذية واسعة، أهمها: النفوذ المباشر على مفاصل الوزارة والرواتب والمكافآت لأعضاء هيئة التدريس.

3 . بذلك، يتحول الهدف من مجرد مسؤول حكومي إلى بطل التغيير الذي حارب الركود وحقق الإيرادات، متسلحاً بهيكل مالي محفز.

هنا يكمن السحر الاستخباراتي: فالسلطة الحقيقية في هذا العصر لم تعد في امتلاك النصوص القانونية وحدها (مثلما يُستدل من القانون المدني الليبي لسنة 1953)، بل في التحكم بالهيكل المالي المحفز الذي يضمن ولاء الكفاءات وسرعة الإنجاز.

إنها وسيلة لتغيير الأنظمة من الداخل، حيث يتم شراء النفوذ بالذكاء وليس بالمال الساذج.

تقاطع المؤامرات… والرسالة العالمية

المشهدان، الأول في غرف الحرب الباردة في واشنطن والثاني في كواليس الإصلاح الإداري، يتقاطعان عند نقطة واحدة: تلاشي الحدود القديمة بين ملفات الأمن والنفوذ.

فنزويلا ليست مجرد هدف عسكري؛ إنها ملف جيوسياسي معقد حيث يتداخل الإرهاب بالمخدرات ويُعطى غطاء دولي. وفي الوقت نفسه، فإن تأخر مشاريع الإصلاح الكبرى في مناطق النزاع، مثل الحاجة المُلحة للشفافية والإدارة السليمة للمؤسسات، لا يقل خطورة.

هذا هو الجانب الذي تحتاج فيه الدول إلى اليقظة؛ فالخطر قد لا يأتيك فقط في شكل حاملة طائرات، بل في شكل بيروقراطية مشلولة أو فساد مستتر يفتح الأبواب لتدخلات “ناعمة”.

في النهاية، تثبت أحداث نوفمبر 2025 أن العالم يُحكم الآن بسلاحين متناقضين ولكنهما متكاملان: القوة العارية في البحار المفتوحة، وفن اغتيال النفوذ عبر التحلل البيروقراطي وتقديم المكافآت الذكية. وكلاهما يستدعي نفس الرد: الحذر، والدقة، والشفافية التامة

👑الذهب لا يرضى بغير النصر! قمة “السيدات الممتاز” تشتعل وديربي جدة يلوح في الأفق

🇮🇹تحت وطأة “فارق الأهداف”: غاتوزو يقلب الطاولة بـ (4-4-2) ويطلق رسالة التحدي والولاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *