الشفافية تحت المجهر العالمي

في خطوة هامة تعزز من حقوق المستهلكين وشفافية التسويق البيئي، أعلنت السلطة الهولندية للمستهلكين والأسواق (ACM) أن عملاق السلع الاستهلاكية، يونيليفر (Unilever)، سيتوقف عن استخدام ادعاءات الاستدامة غير المؤكدة على عبوات منتجاته في هولندا، بما في ذلك منتجات مثل مايونيز “هيلمانز”.

هذا القرار، الذي سيُنفذ بدءاً من يناير 2026، يدق ناقوس الخطر في أسواق شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ويثير تساؤلات حول مصداقية الرسائل التسويقية المماثلة على المنتجات المتداولة في المنطقة.

ظاهرة “الغسل الأخضر” والخطر على المستهلك العربي

تستخدم الشركات الكبرى، ويونيليفر من ضمنها، عبارات جذابة مثل “عبوات مستدامة“ أو “مزروع بطريقة مستدامة“ كأداة تسويقية لاستقطاب المستهلك الواعي بيئياً.

هذا الأسلوب، المعروف عالمياً باسم “الغسل الأخضر” (Greenwashing)، يتمثل في تضخيم أو تزييف الأثر البيئي للمنتجات.

بما أن منتجات يونيليفر وغيرها من الشركات العالمية تنتشر بقوة في الأسواق العربية، فإن انكشاف هذه الممارسات في أوروبا يحمل أهمية قصوى للمستهلك في المنطقة:

. ثقة مفقودة:

يكشف هذا الإجراء عن أن الادعاءات التسويقية، حتى تلك المتعلقة بالاستدامة، قد تفتقر إلى الأساس العلمي القوي، مما يهدد الثقة بين الشركات والمستهلكين العرب.

. وعي استهلاكي:

يصبح لزاماً على المستهلك العربي التشكيك في الشعارات البراقة والمطالبة بإثباتات ودلائل ملموسة عن المكونات والممارسات البيئية، بدلاً من الاكتفاء بالتصريحات المطبوعة.

تأكيد رسمي ومثال ملموس: سحب ادعاءات “Calvé”

أكد إدوين فان هوتن، مدير قسم المستهلك في الهيئة الهولندية (ACM)، على جدية الإجراء المتخذ، مُعرباً عن ارتياحه لوقف يونيليفر لـ “ادعاءات الاستدامة الغامضة والعامة غير الواضحة للمستهلكين“.

وأشار فان هوتن إلى أن التحقيق جاء بعد تواصل مع الهيئة من قبل جمعية حماية المستهلك الهولندية.

وقد بدأت يونيليفر بالفعل بتغيير عبوات بعض منتجاتها، ومثال ذلك تغيير عبوات زبدة الفول السوداني Calvé.

هذه الإجراءات تثبت أن الشركات الكبرى ستحاسب على أي ادعاءات بيئية لا يمكن إثباتها.

هذه سابقة يجب أن تستند إليها الهيئات الرقابية في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

دعوة إلى الهيئات الرقابية العربية: تفعيل دور حماية المستهلك

الأهمية الحقيقية لقرار الهيئة الهولندية تكمن في تفعيل دور الرقابة الحكومية وجمعيات حماية المستهلك.

فكما نجحت هيئة (ACM) الهولندية… (بقية الفقرة مع التركيز على أهمية المساءلة).

القلق المزدوج (الأسعار والاستدامة)

يُضاف إلى هذا التحقيق أن الهيئة الهولندية كانت قد أطلقت الشهر الماضي تحقيقاً منفصلاً في أسعار المنتجات الغذائية في المتاجر المحلية، بعد مزاعم بأن أسعار “بعض المنتجات الغذائية” أعلى في هولندا مقارنة بـ “الدول المجاورة”.

هذه المراقبة المزدوجة للادعاءات البيئية والأسعار تُظهر التزاماً شاملاً بحماية المستهلك، وهو ما يجب أن يُلهم الهيئات الرقابية في منطقتنا التي تعاني أيضاً من تفاوت في الأسعار ونقص في الشفافية.

الحق في المعلومة الشفافة

مع عزم يونيليفر على تغيير معظم عبواتها اعتباراً من يناير 2026، من المتوقع أن تصل هذه التغييرات إلى رفوف المتاجر في المنطقة العربية.

يجب أن يُنظر إلى هذه التطورات كفرصة لتأكيد أن المستهلك العربي، شأنه شأن نظيره الأوروبي، يستحق الشفافية الكاملة والمعلومات الدقيقة حول المنتجات التي يشتريها.

المعركة ضد “الغسل الأخضر” تبدأ بوعي المستهلك وتفعيل دور الجهات الرقابية.