مدفونة في الصحراء منذ 500 عام.. كبسولة زمنية من الذهب والعاج تكشف تاريخاً منسياً

في قلب صحراء ناميبيا القاحلة، حيث لا ينمو إلا الصمت وتتراقص الكثبان الرملية، كان عمال المناجم يظنون أنهم يبحثون عن الألماس.

لكن ما عثروا عليه لم يكن مجرد حجر كريم، بل كان كنزاً أسطورياً يروي حكاية منسيّة تعود إلى عصر الاكتشافات العظيمة.لقد اكتشفوا سفينة “بوم جيسوس” الغارقة، كبسولة زمنية حفظتها الرمال لأكثر من 500 عام.

كنز أسطوري تحت الرمال

في عام 1533، ابتلع البحر سفينة “بوم جيسوس” البرتغالية بكل ما عليها من كنوز، ليُعتقد أنها فُقدت إلى الأبد. لكن ما حدث كان أعجوبة مناخية.

فبعد أن لفظها البحر على ساحل الهياكل العظمية، غطتها الرمال الصحراوية الجافة، لتتحول إلى مقبرة ذهبية محفوظة بشكل مذهل.

ما عثر عليه العمال كان يفوق الخيال: أكثر من 2000 قطعة نقدية من الذهب الخالص، وأنياب فيلة من العاج، وسبائك نحاسية، وأدوات ملاحية تعود إلى القرن السادس عشر.

هذا الكنز لا يُقدر بثمن، ليس فقط لقيمته المادية، بل لأنه يقدم لمحة نادرة عن طرق التجارة القديمة التي ربطت أوروبا بإفريقيا والهند.

شهادة على دور إفريقيا في العولمة

يُعتبر هذا الاكتشاف أهم كشف بحري في تاريخ القارة الإفريقية. فبدلاً من أن تتحول القطع الأثرية إلى ملكية للجهة التي عثرت عليها، قررت السلطات البرتغالية التنازل عن ملكيتها لناميبيا، في بادرة أشاد بها المؤرخون كرمز للتعاون بعد الحقبة الاستعمارية.

تعتزم ناميبيا إنشاء متحف خاص لعرض هذه الكنوز، مما سيعيد كتابة بعض فصول دور إفريقيا في بدايات العولمة. فالسفينة ومحتوياتها ليست مجرد قطع تاريخية، بل هي دليل قاطع على أن القارة السمراء كانت نقطة محورية في الشبكة التجارية العالمية قبل قرون.

الصحراء كحافظ للتاريخ

بوم جيسوس لم تنجُ من البحر، بل نجت بفضل الصحراء. هذا الاكتشاف الفريد يعطينا درساً جديداً عن دور البيئات الطبيعية في الحفاظ على التاريخ.

فجفاف الصحراء هو ما حفظ الذهب والمعادن والعاج، بل وحتى بقايا أفراد الطاقم. لقد كانت السفينة “كبسولة زمنية عائمة”، حفظت تاريخاً كاملاً في طياتها.

هذا الكشف ليس نهاية المطاف، بل هو بداية قصة جديدة عن كنوز أخرى قد تكون مدفونة في أعماق الصحراء، تنتظر من يكتشفها.

المزيد من الكاتب

☀️6دقائق من الظلام التام.. مدينة عربية تشهد أطول كسوف كلي في القرن الـ21

الـ 300 يوم أمام الإعصار المُرتقب: جايد كارجيل تُتوَّج… أم أن صدمة الخيانة ستُشعل أمل تيفاني ستراتون الأخير؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *