في قرار فجر المخاوف في أروقة الكونغرس الأمريكي وغرف التجارة الكبرى، أقر الكونغرس المكسيكي في الساعات الأولى من صباح 15 أكتوبر تعديلاً على قانون أمبارو (Amparo Law).
هذا التعديل، الذي يشدد متطلبات الحصول على الحماية الدستورية، ليس مجرد مسألة تشريعية داخلية؛ بل يعتبره القادة التجاريون والمشرعون في واشنطن زلزالاً قانونياً يهدد أسس الثقة والاستثمار في المكسيك، ويزرع بذور الخلاف قبل المراجعة الرسمية لاتفاقية USMCA عام 2026.
الفصل الأول: صوت المال يتحدث.. الثقة في خطر 💸
كانت أولى صيحات الإنذار قادمة من القطاع الخاص الأمريكي. فحتى قبل الإقرار النهائي للقانون، شددت غرفة التجارة الأمريكية (US Chamber) على ضرورة ضمان المكسيك لمناخ استثماري مواتٍ.
وفي سبتمبر الماضي، ذكرت سوزان كلارك، رئيسة الغرفة الأمريكية، أن نجاح الشراكة الاقتصادية بين البلدين يعتمد على “اليقين القانوني“.
بالنسبة لغرفة التجارة، فإن تعديل حماية الحقوق الدستورية ليس مسألة هامشية؛ بل يمس جوهر الثقة التي تحتاجها الشركات للمخاطرة برؤوس الأموال.
وقد أعربت الغرفة عن استعدادها للحوار على أعلى المستويات لمعالجة الوضع.
وفي المكسيك نفسها، وجهت غرفة التجارة الأمريكية في المكسيك (AmCham)، التي تمثل أكثر من 1400 شركة أمريكية، تحذيراً علنياً قوياً.
وذكرت “أم تشام” أن مثل هذه التغييرات “تُعرّض اليقين القانوني واستقلال القضاء للخطر“، محذرة من أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى زيادة التكاليف وتقليل فعالية النظام القضائي و**”انعدام اليقين للاستثمار”**.
الفصل الثاني: ميزان التجارة والالتزامات الدولية (USMCA) ⚖️
تكمن حساسية التعديل في توقيته وتأثيره المحتمل على الاتفاقية التجارية العملاقة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA).
يخشى رجال الأعمال الأمريكيون من أن تعديل “أمبارو” سيقوض الضمانات التي تمنحها الاتفاقية.
فالمكسيك التزمت في الملحق 23-A من USMCA بوجود محاكم عمالية مستقلة، كما يحدد الفصل 31 آليات لتسوية النزاعات التجارية.
وحسب الخبير الاقتصادي إيفان خيمينيز، الذي تحدث لصحيفة إل يونيفرسال، فإن رجال الأعمال الأمريكيين يخشون أن التعديل “سيجعل من الصعب الدفاع قانونياً عن استثماراتهم”.
الأمر لم يقتصر على المستثمرين. فقد أشارت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش راتينغز” (Fitch Ratings) إلى أن الإصلاح “يمكن أن يزيد من المخاطر التنظيمية“ في المكسيك، مما يحد من سلطة القضاة في تعليق الإجراءات الإدارية، وبالتالي يقلل من القدرة على التنبؤ للشركات العاملة بتراخيص وامتيازات حكومية.
الفصل الثالث: الغضب يعم الكونغرس.. “العودة إلى نظام الحزب الواحد” 🏛️
لم تتأخر الأصداء في واشنطن العاصمة. فقد قدمت مجموعة كبيرة من المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين قراراً في مجلس النواب يعبر عن “قلق عميق“ من الإصلاحات القضائية المكسيكية.
. حذرت عضوة الكونغرس ماريا إلفيرا سالازار من أن الإصلاحات تهدد “بإعادة المكسيك إلى أيام نظام الحزب الواحد“، في إشارة إلى تراجع محتمل نحو الاستبداد، مؤكدة أن استقلال القضاء المكسيكي هو “قضية استراتيجية ثنائية القومية”.
. وعبر الدبلوماسي الأمريكي بريان نيكولز، مساعد وزير الخارجية لشؤون نصف الكرة الغربي، عن مخاوف وزارة الخارجية، مؤكداً أمام الكونغرس أن “الشفافية القضائية أمر حيوي لجميع المستثمرين“، وأن الولايات المتحدة ستصر على احترام بنود حماية الاستثمار الأجنبي المنصوص عليها في اتفاقية USMCA.
هذه التعليقات العلنية غير المعتادة من مسؤول دبلوماسي رفيع “تكشف مدى إثارة إصلاح قانون أمبارو في المكسيك للإنذار داخل وزارة الخارجية”، بحسب الخبير الاقتصادي خيمينيز، مما يؤكد أن الإدارة الأمريكية تعتبر هذا التعديل خطراً حقيقياً على حقوق مستثمريها وضمانات اتفاقية التجارة الحرة.
رد شيناباوم: “هم مخطئون“
في المقابل، رفضت الرئيسة كلوديا شيناباوم باردو هذا التحذير، قائلة: “إنهم مخطئون. يجب شرح الأمر لهم.” وتعهدت بأن تطلب من وزير المالية دعوة الوزير للقاء وكالات التصنيف لشرح أن “لا مشكلة هناك للاستثمار”، في محاولة لتبديد المخاوف التي يبدو أنها لن تزول بمجرد النفي الرسمي.

https://shorturl.fm/M3uCW