«نفق بوتين-ترامب»: من حلم 1904 إلى رمز الوحدة التكنولوجي تحت مضيق بيرينج

المقترح الروسي يعيد إحياء أقدم الأفكار الجيوسياسية بتكلفة مفاجئة وبمشاركة إيلون ماسك، في رسالة للتقارب تحت عباءة ترامب.

عاد حلم الربط الجغرافي بين قارتي أمريكا الشمالية وأفرو-أوراسيا ليطفو على السطح بقوة، ولكن هذه المرة بلمسة سياسية وتكنولوجية معاصرة.

ففي خطوة مثيرة للجدل، اقترح مبعوث الكرملين والممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف، مشروع نفق للسكك الحديدية يحمل اسم نفق بوتين-ترامب تحت مضيق بيرينج.

رمزية سياسية في توقيت حاسم

لم يكن التوقيت الذي اختاره دميترييف لطرح مقترحه محض صدفة. فقد جاء الإعلان مباشرة بعد محادثة هاتفية بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، واتفاقهما على لقاء مرتقب في بودابست لمناقشة سبل وقف الحرب في أوكرانيا.

في رسالة ذات دلالة سياسية عالية، كتب دميترييف على منصة إكس أن النفق المقترح، الذي يمتد بطول 112 كيلومتراً، سيكون رمزاً للوحدة بين الولايات المتحدة وروسيا.

هذا السرد الجديد يحاول تحويل مشروع بنية تحتية عملاق إلى رسالة سلام وتعاون في خضم توترات عالمية.

تكنولوجيا ماسك لخفض التكلفة الهائلة

أحد الجوانب الأكثر إثارة للاهتمام في المقترح هو التقدير المالي المبتكر. تقليدياً، تقدر تكلفة هذا المشروع بأكثر من 65 مليار دولار نظراً للصعوبات الهندسية والظروف القاسية في مضيق بيرينج (الذي يفصل بين تشوكوتكا الروسية وألاسكا الأمريكية).

لكن دميترييف اقترح أن تقوم شركة ذا بورينج كومباني (The Boring Company) الأمريكية، التي يملكها الملياردير إيلون ماسك، ببناء النفق.

ويُعتقد أن تقنية الشركة المبتكرة في حفر الأنفاق يمكن أن تخفض التكلفة الإجمالية إلى ما دون الثمانية مليارات دولار، بتمويل من موسكو و”شركاء دوليين”.

وقد وجه دميترييف دعوة مباشرة إلى ماسك على منصة إكس للانضمام إلى “بناء مستقبل معاً”.

أهداف تتجاوز مجرد الربط

إلى جانب الوحدة الرمزية، يحمل المشروع أهدافاً استراتيجية واقتصادية روسية واضحة:

1 . التنقيب المشترك:

إطلاق العنان للتنقيب عن الموارد الطبيعية في القطب الشمالي، مما يضمن تدفق استثمارات شركات الطاقة الأمريكية الكبرى إلى المنطقة.

2 . شبكة عالمية:

ربط القارتين الأمريكيتين بكتلة أفريقيا-أوروبا-آسيا (أفرو-أوراسيا)، مما يخلق خطاً جديداً للسكك الحديدية والشحن ويعزز التجارة البينية.

3 . إحياء حلم قديم:

يعود تاريخ فكرة الربط عبر مضيق بيرينج إلى 150 عاماً على الأقل، والمقترح الحالي يعيد إحياء الرؤى السابقة لربط سيبيريا بألاسكا التي تعود لعام 1904.

يُذكر أن مضيق بيرينج يبلغ عرضه 82 كيلومتراً في أضيق نقطة، وتفصل جزيرتا ديوميدي الصغيرتان (إحداهما روسية والأخرى أمريكية) في منتصفه بأربعة كيلومترات فقط.

وحتى كتابة هذه السطور، لم يصدر رد معلن من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو الملياردير إيلون ماسك حول تبني هذا الاقتراح الجريء الذي قد يغير قواعد اللعبة الجيوسياسية والبنية التحتية العالمية.

المزيد من الكاتب

سجناء القصر: «الحاكم الصامت» و20 شقة في المنفى المذهب

بين «المرأة الجميلة» و«وجه الحصان»: فك شفرة ولع ترامب بتعليقات المظهر الخارجي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *