عملية نوعية: مقتل رئيس أركان الحوثيين يكشف سر تفوق استخباراتي فائق الدقة
مقتل محمد الغماري يُعتبر إنجازاً غير مسبوق في استهداف القيادات الحوثية؛ ومحللون يوضحون: كيف نجحت إسرائيل فيما تعثرت فيه الحملات الأمريكية والسعودية على مدى سنوات؟
يُعتبر إنجازاً استخباراتياً كبيراً في الصراع؛ والقيادة الحوثية تتخبط وتعلن عن خليفة أكثر ارتباطاً بالمؤسس.
أكدت إسرائيل، عبر وزير دفاعها إسرائيل كاتس، مسؤوليتها عن مقتل محمد عبد الكريم الغماري، رئيس أركان قوات الحوثيين، الذي أعلنت الجماعة وفاته “في خط المواجهة” بعد أسابيع من الغموض. وتُعتبر هذه العملية العسكرية والاستخباراتية ضربة كبيرة لقيادة الجماعة المدعومة من إيران.
استهداف القيادة: عملية تجاوزت التحدي الاستخباراتي
أكد الجيش الإسرائيلي أن الغماري قُتل في ضربة جوية دقيقة نفذتها القوات الجوية الإسرائيلية يوم 28 أغسطس، استهدفت كبار قادة الحوثيين في صنعاء.
وصف محللون يمنيون العملية بأنها “إنجاز استخباراتي“ تجاوز التحديات التي واجهت القوى الأخرى، وأنها أحدثت “اضطراباً“ داخل صفوف المتمردين، لعدة أسباب جوهرية:
سر الإنجاز الذي لم يتحقق أمريكياً وسعودياً:
. الدقة الاستخباراتية في صنعاء:
أشار المحللون والمصادر الأمنية اليمنية إلى أن العملية أظهرت “نجاحاً في تدمير شبكة الاستخبارات الحوثية“. استهداف شخصية بوزن الغماري، إلى جانب رئيس الوزراء وعدد من الوزراء، يتطلب دقة معلوماتية فائقة عن مواقع قيادات كانت تعمل في “الظل العميق“ داخل العاصمة صنعاء.
. اختراق “شبكة الظل“:
على مدى سنوات من الصراع، واجهت الحملة التي تقودها السعودية والعمليات الأمريكية صعوبة كبيرة في اختراق الصف الأول من القيادات الحوثية التي تعتمد على شبكات استخباراتية محصنة وتعمل على الأرض في اليمن، مما أدى إلى نجاح محدود في استهداف هذه المستويات القيادية العليا.
. الغماري كهدف نوعي:
الغماري كان مهندس القوة العسكرية والمسؤول عن “منظومة الصواريخ“ والهجمات نحو إسرائيل والبحر الأحمر.
استهدافه المباشر يختلف عن استهداف قادة الميدان، ويُعتبر ضرباً للعمود الفقري الذي يربط الحركة بـ تدريب الحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
لقد تمكنت هذه العملية من الوصول إلى شخصيات كانت محمية ومخفية، وهو ما يفسر وصف المحللين لها بأنها كانت “زلزالاً” للمتمردين وإنجازاً لم تحققه القوى الأخرى التي شاركت في الصراع لسنوات.
الغموض الحوثي والقيادة الجديدة
لم تحدد جماعة الحوثي ظروف وفاة الغماري، لكنها استمرت في إصدار بيانات باسمه لأسابيع تلت الغارة، في تكتيك يهدف إلى إخفاء حجم الأثر الذي تعرضت له القيادة.
أعلنت جماعة الحوثي أن خليفة الغماري هو يوسف حسن المداني، قائد الفيلق الإقليمي الخامس الذي يسيطر على المناطق الساحلية للبحر الأحمر ويوجه القوات البحرية.
وصف مصدر يمني المداني بأنه “أكثر أهمية من الغماري“ وينتمي إلى إحدى أبرز العائلات الحوثية. المداني، المعروف بلقبه “أبو حسين“، تلقى تدريبه العسكري والأيديولوجي في إيران ولبنان في وقت مبكر، وهو صهر حسين الحوثي، مؤسس الحركة، مما يربطه بشكل مباشر بالقيادة المؤسسة.
وتشير المصادر إلى أن الحوثيين، الذين يمرون بـ “حالة ارتباك”، قرروا الإعلان عن المداني في هذا التوقيت، مستغلين التوقف النسبي في الضربات الإسرائيلية والتركيز على غزة.
تحديات الحملة الأمريكية السابقة ومحاولات التسوية
تأتي العملية الإسرائيلية الناجحة في تباين مع نتائج الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة في مارس الماضي ضد الحوثيين.
أفاد تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز“ بأن الحملة الأمريكية، التي قادها الرئيس دونالد ترامب لوقف الهجمات على الشحن البحري، فشلت في تحقيق التفوق الجوي وتحولت إلى حملة “مكلفة وغير حاسمة”، مع تكلفة تقدر بـ 1 مليار دولار من الأسلحة والمعدات في الشهر الأول، وخسائر غير متوقعة في العتاد.
ويشير التقرير إلى أن ترامب أبدى إحباطه، وأن مبعوثه إلى الشرق الأوسط تلقى عرضاً من مسؤولين عُمانيين لـ “طريق خروج مثالي“ من قضية الحوثيين، مما يفتح الباب أمام احتمال تسوية دبلوماسية للمأزق العسكري الأمريكي في المنطقة.
