بين «المرأة الجميلة» و«وجه الحصان»: فك شفرة ولع ترامب بتعليقات المظهر الخارجي

من إجبار زيلينسكي على العودة إلى مصمم الكوميديا، إلى مدح جورجيا ميلوني: كيف يستخدم الرئيس الأمريكي المظهر كسلاح نفسي وسياسي لرفع أو سحق الخصوم؟

تُعد تعليقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العلنية على المظهر الخارجي للناس – سواء كانوا رؤساء دول، جنرالات عسكريين، أو خصوماً في المحاكم – واحدة من أكثر غرائبه السياسية تميزاً وإثارة للجدل.

هذه التعليقات ليست مجرد ثرثرة عابرة، بل هي سلاح قوي في ترسانة ترامب اللفظية، يستخدمه لتحديد مكانة الفرد في عالمه السياسي.

قائمة ترامب: من ميلوني إلى الجنرالات

في الآونة الأخيرة، تضمنت قائمة ترامب رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني. ففي قمة شرم الشيخ، تحول ترامب فجأة عن الحديث عن اتفاق غزة ليصفها قائلاً: إنها شابة جميلة… أين هي؟ ها هي. لا تمانعين أن يُطلق عليكِ لقب جميلة، أليس كذلك؟

هذا التقييم الجمالي لم يكن حدثاً فريداً:

. تكرار المدح:

كرر ترامب عبارة أنت جميلة، جميلة للغاية لأميرة ويلز كاثرين خلال زيارة سابقة.

. الجنرالات كممثلين:

في الكنيست الإسرائيلي، أشار ترامب إلى قائد الجيش الإسرائيلي إيال زامير وقال: لنشركه في فيلم.انظروا إليه. كما أشار إلى مظهر رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الحالي الجنرال دان كين بذات النبرة.

هوس زيلينسكي بالبدلة الرسمية

أحد أكثر الأمثلة درامية على تأثير ترامب كان إجبار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تغيير عادته.

فبعد انتقاد ترامب الشهير لعدم ارتداء زيلينسكي بدلة رسمية خلال لقاء سابق، قرر الرئيس الأوكراني التنازل عن قمصانه المموهة التي ارتداها تضامناً مع جنوده.

القصة لم تتوقف هنا؛ فقد استعانت زوجته بمصمم ملابسه السابق في فرقة الكوميديا التي كان يشارك فيها قبل عقدين، لإعداد بدلة مناسبة تجنباً لإحراج مفاجئ في زيارة البيت الأبيض الأخيرة.

سلاح الـ «سحق» في الترسانة السياسية

يرى تيرينس زوبلات، كاتب خطابات البيت الأبيض السابق للرئيس أوباما، أن هذه التعليقات هي جزء أصيل من استراتيجية ترامب:

“تعليقاتـه على المظهـر الـخـارجي لـيـسـت سـوى سـلاح إضافي … يستخدمـه لـرفـع معنويـات الــنــاس أو سـحـقـهـم. إذا أعـجـب بك، يرفعك؛ وإذا لم يعجبك، يهاجمك.”

هذا السلاح يستخدم بـ نبرة أكثر صرامة ضد الخصوم:

. الخصوم في المحاكم:

في عام 2018، وصف الممثلة ستورمي دانيلز التي كانت تقاضيه بـ وجه الحصان. وفي الآونة الأخيرة، وصف المدعي الخاص جاك سميث الذي يحقق معه بأنه يبدو كأنه مدمن مخدرات.

. التناقض الشخصي:

ترامب، الذي يحرص على تقييم مظهر الآخرين، أشار في نادرة إلى مظهره الشخصي قائلاً: جسمي أكبر قليلاً. لست متأكداً من أن ذلك سيكون موضع تقدير على الشاطئ، لكنني لن أغامر.

القانون الجميل” وكسر اللياقة السياسية

يرى علماء البلاغة والاتصال السياسي أن أسلوب ترامب الخام وغير المزخرف يمنحه ميزة الأصالة لدى قاعدة جماهيرية واسعة.

وبحسب روبرت رولاند، أستاذ البلاغة في جامعة كانساس: “هذا يوحي بأنه شخصٌ عاديٌّ رغم كونه مليارديراً.”

لكن هذا الأسلوب يكسر تماماً أعراف اللياقة السياسية، خاصة عندما يتعلق بالنساء.

وعلى عكس الرؤساء السابقين، مثل باراك أوباما الذي اضطر للاعتذار في عام 2013 لوصفه كامالا هاريس بأنها “أجمل المدعيات العامات”، لم يشعر ترامب قط بأنه ملزم بالاعتذار.

بل إنه يلوّح بالتلميح إلى أنه يخاطر سياسياً بهذه التعليقات، كإشارة إلى أنه لن يرضخ للقواعد.

وفي النهايـة، سـواء كان الأمـر يـتـعـلـق بوصـف تشـريـع بأنه الـقـانـون الكبير الجميل أو وصـف زعيمة بـ “المرأة الجميلة”، فإن ترامب يركز على المظهر كأداة لتعريف الفرد، خيراً كان أم شراً، في لعبة سياسية لا مكان فيها للأعراف التقليدية.

المزيد من الكاتب

«نفق بوتين-ترامب»: من حلم 1904 إلى رمز الوحدة التكنولوجي تحت مضيق بيرينج

فك شفرة التناقض: غارات إسرائيلية في عمق سوريا تتزامن مع محادثات “منع الحرب”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *