1. الفصل الأول: الإعلان التاريخي من أرض سيناء
تحولت مدينة شرم الشيخ المصرية إلى نقطة التقاء تاريخية، حيث انطلقت “قمة السلام حول غزة”، لتتوج جهود الوساطة باتفاقية كبرى.
فقد وقع قادة الولايات المتحدة (الرئيس ترامب)، ومصر، وقطر، وتركيا على “وثيقة شاملة“ تضع القواعد واللوائح اللازمة لإنهاء الحرب المدمرة التي استمرت عامين بين إسرائيل وحركة حماس، والتي أدت إلى تدمير قطاع غزة بالكامل.
وصل الرئيس ترامب إلى شرم الشيخ متأخراً، قادماً من إسرائيل، حيث ألقى كلمة أمام الكنيست وُصف فيها بـ “العملاق“ في التاريخ اليهودي، وأعلن فيها عن “بزوغ فجر تاريخي لشرق أوسط جديد“.
هذا الاتفاق يرسخ الأساس لمسار يمكن أن يقود إلى حل لعقود طويلة من الصراع.
2. المبادلة الكبرى: الثمن البشري للسلام
بالتزامن مع انطلاق القمة، بلغت المرحلة الأولى من الاتفاق ذروتها الإنسانية.
فقد أطلقت حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء المحتجزين في قطاع غزة، مقابل إفراج إسرائيل عن نحو 1900 معتقل فلسطيني.
وقد استقبلت رام الله وغزة وعواصم الجوار، في مشهد مؤثر، دفعة من الأسرى، بعضهم قضى عقوداً في السجون، حيث سادت أجواء الفرح واللم الشمل.
ومع ذلك، لم تخلُ المبادلة من التوتر. فقد اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، حماس بخرق الالتزامات بعد إعلان الحركة أنها ستسلم أربع جثث فقط من أصل 28 جثة لرهائن متوفين ما زالت في حوزتها، في قضية ما زالت تثير الكثير من الغضب واللغط.
3. ما وراء وقف إطلاق النار: التحديات الكبرى للمرحلة الثانية
أكد ترامب أن المرحلة الثانية من المحادثات قد بدأت بالفعل، موضحاً أن جميع مراحل المفاوضات “متداخلة“. هذه المرحلة هي الأصعب، وتشمل:
1 ز مستقبل الحكم في غزة:
حيث يتضمن اتفاق ترامب نقل السلطة تدريجياً، أولاً إلى “مجلس السلام“ المؤقت بدعم من قوات أمن عربية، ثم إلى السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف.
2 . الانسحاب الإسرائيلي:
تحديد الجدول الزمني لانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
3 ز نزع سلاح حماس:
نزع سلاح حماس والفصائل الأخرى وتدمير جميع البنى التحتية العسكرية، مع تقديم خيار العفو لأعضاء حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي.
وقد أشار رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الحاضر في القمة، إلى أن المملكة المتحدة مستعدة لـ “لعب دورها الكامل” في تفكيك أسلحة حماس، مستنداً إلى خبرة بريطانيا في نزع سلاح الجماعات شبه العسكرية في أيرلندا الشمالية.
4. الغائبون والحاضرون: اصطفاف القوى الإقليمية
شهدت القمة حشداً دولياً وإقليمياً ضم قادة فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى رؤساء تركيا والأردن والسلطة الفلسطينية.
وقد أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالدور الحاسم لترامب، قائلاً: “أنت وحدك القادر على تحقيق هذا الإنجاز وإنهاء الحرب“.
في المقابل، برز غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعتذر عن الحضور لأسباب مرتبطة بعطل الأعياد اليهودية، وهو ما أثار انتقادات لاذعة في الداخل الإسرائيلي واتهامات بـ “العمل بالدوافع السياسية الضيقة”.
كما غابت إيران، التي تلقت دعوة، لكنها رفضت الحضور، معتبرة أن من هاجموا شعبها ووجهوا العقوبات ضدهم لا يمكن أن يكونوا شركاء في الحوار.
وبينما يتصافح القادة على منصة شرم الشيخ، وتظهر صور الفرح في رام الله وغزة، يظل التحدي الأكبر يكمن في تنفيذ خطة ترامب المؤلفة من 20 نقطة، التي يجب أن تتغلب على تاريخ عميق ومؤلم من الصراع لم يتمكن أي زعيم قبله من تجاوزه.
وقد صرح ترامب بثقة: “الحرب انتهت… والسلام في الشرق الأوسط سيحدث”.
يبقى السؤال: هل ستنجح قمة شرم الشيخ في تحويل هذه الوعود إلى واقع مستدام؟
