إنذاراً نهائياً: الرد الحاسم على الحدود.. الجيش الباكستاني يُدمّر مواقع لطالبان وإسلام آباد تُلوّح بالرد "المماثل للهند" في معركة بقاء
بقلم: إيمان الهادي (ردود فعل وتحليل) عنوان الكاتبة: محللة استراتيجية متخصصة في تحليل ردود الفعل البريد الإلكتروني: [eman@nmanews.com]
هنا حيث لا ينام المدفع تحت سماء ملتهبة ، الهواء بارد، يلسع الوجه، لكن الأرض هنا ملتهبة.
أنت الآن تقف معنا هنا، على خط التماس المشتعل. تحت سماء خريفية صافية – تبدو وكأنها سخرية من الطبيعة للواقع القاسي – لا يوجد الآن صوت يعلو فوق صوت طلقات المدفعية الثقيلة.
هذه ليست مجرد خريطة رقمية أو شريط إخباري عابر؛ هذا هو خط ديورند، الشريان المتنازع عليه الذي يفصل بين باكستان وأفغانستان، والذي تحول في ليلة واحدة من نقطة توتر كامنة إلى جبهة حرب باردة جديدة.
الدخان يتصاعد من مواقع الحدود الأفغانية المستهدفة، ورائحة البارود الحارقة لا تُغادر الأنف. هذا الليل ليس كسابقيه؛ إنه اللحظة التي قررت فيها إسلام آباد أن صبرها قد نفد تماماً، وأنها مستعدة لتجاوز الخطوط الحمراء.
الرد لم يكن مجرد تبادل لإطلاق النار، بل كان إعلاناً عسكرياً وسياسياً صارماً: “الوضع الراهن لن يستمر“.
هذه ليست قصة اشتباك حدودي عابر، بل هي البداية الدرامية لـ “معركة البقاء” التي وضعتها باكستان في إطار مواجهة شاملة ضد “الخوارج” (TTP) وكل من يمولهم أو يسهل لهم العبور لنتعمق في قلب الحدث وتحليل أصداء هذه الليلة الصارخة.
1. المواجهة العسكرية: إحباط التسلل وتحديد الخسائر 💥
أكدت المصادر الأمنية الباكستانية أن الجيش رد بقوة وحسم على “إطلاق النار غير المبرر“ الذي قامت به القوات الأفغانية على طول الحدود الممتدة في خيبر بختونخوا وبلوشستان.
. هدف التسلل:
أكد المسؤولون أن إطلاق النار كان يهدف بشكل أساسي إلى “تسهيل الدخول غير القانوني للخوارج“ (المصطلح الرسمي لـ TTP) إلى الأراضي الباكستانية عبر قطاعات رئيسية.
. نتائج الرد:
الرد الباكستاني جاء فورياً وفعالاً باستخدام المدفعية والدبابات، مما أدى إلى تدمير عدة مواقع حدودية أفغانية وإلحاق خسائر فادحة. وأفادت المصادر بمقتل “عشرات الجنود الأفغان وعناصر الخوارج“ في العملية، حيث فرّ مقاتلو طالبان وتركوا جثث زملائهم في حالة من الذعر.
. التوقيت الحساس:
أكدت المصادر الأمنية أن توقيت الهجوم، المتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متّقي إلى الهند، يثير “أسئلة خطيرة“ في إسلام آباد.
2. الإنذار النهائي: الجيش يهدد بالحسم ضد الإرهاب وتسييس الأمن 🛑
في خطاب حاسم من بيشاور، وجه المدير العام للعلاقات العامة للجيش (DG ISPR)، الفريق أحمد شريف شودري، بياناً مفصلاً حدد فيه الإطار الأمني الجديد لباكستان:
. تهديد المصالحة:
وجه شودري تهديداً مباشراً للمُيسّرين داخل باكستان الذين يدعمون “الخوارج”، مانحاً إياهم ثلاثة خيارات: تسليم الإرهابيين، أو التعاون مع الدولة، أو “الاستعداد للعمل العسكري الكامل من قبل الدولة“.
وأكد أن “الوضع الراهن للتساهل مع الإرهاب عبر الحوار لن يتم التسامح معه بعد الآن“، واصفاً الحرب على الإرهاب بأنها “معركة من أجل بقائنا“.
. فشل الحوكمة:
انتقد شودري بشدة تسييس عمليات مكافحة الإرهاب وترحيل اللاجئين، مما سمح بعودة العناصر المناهضة للدولة إلى خيبر بختونخوا. كما أشار إلى أن عدم التطبيق الكامل لخطة العمل الوطنية (NAP) بعد عام 2014 هو سبب رئيسي لتفاقم الوضع، خاصة فيما يتعلق بإصلاح المدارس الدينية والأنظمة القانونية.
. إحصائيات القتال:
قدم شودري إحصائيات صادمة: تم تنفيذ 14,535 عملية قائمة على المعلومات الاستخباراتية في العام الماضي، قُتل خلالها 769 إرهابياً. ورغم هذه الجهود، استشهد 577 شخصاً (منهم 271 من أفراد الأمن) في الفترة نفسها، ما يؤكد شراسة المعركة وارتفاع الخسائر.
3. الصراع الدبلوماسي: ربط التوتر بالعداوة الهندية وملف كشمير 🇮🇳🇵🇰
تلاقت الجبهتان العسكرية والسياسية في إدانة حاسمة للوضع، وربطت الأزمة بالتوترات الإقليمية الأوسع:
. تهديد وزير الداخلية:
أدان وزير الداخلية الباكستاني محسن نقفي الهجوم واصفاً إياه بأنه “انتهاك واضح للقانون الدولي“.
ووجه تحذيراً غير مسبوق لكابل، بأن الرد سيكون “حاسماً ومماثلاً للرد على الهند“، ملمحاً إلى وجود “روابط مع أعدائنا الدائمين“ خلف هذه الأعمال العدائية.
. الرفض الدبلوماسي:
رفضت وزارة الخارجية الباكستانية تصريح متّقي بأن الإرهاب “مشكلة داخلية باكستانية”، وأكدت أن تحويل المسؤولية لا يُعفي حكومة طالبان من التزاماتها.
دليل التورط الإقليمي: عززت باكستان موقفها بالإشارة إلى تقرير مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي كشف عن وجود “صلة بين كابول و TTP”.
كما اتهمت الهند صراحة باستخدام الأراضي الأفغانية كـ “قاعدة عمليات” للإرهاب، ووجهت تحذيراً للجانب الأفغاني بشأن البيان المشترك الأفغاني-الهندي الذي يشير إلى جامو وكشمير “كجزء من الهند”، واصفة ذلك بـ “الانتهاك لقرارات مجلس الأمن”.
4. خلاصة: استراتيجية "اللاعودة" ومستقبل الحدود 🗺️
تحولت استراتيجية باكستان تجاه الحدود الغربية إلى “اللاعودة”. إن التهديد العسكري الواضح، المدعوم بالإحصائيات والتحليلات التي تربط TTP بدعم من أفغانستان وقوى إقليمية أخرى، يؤكد أن إسلام آباد لم تعد تقبل “الوضع الراهن”.
الرد العسكري العنيف والتهديدات العلنية بربط الأمر بـ “المقاربة الهندية” يرسل رسالة واضحة بأن باكستان مستعدة للتصعيد لفرض أمنها على الحدود الغربية، خاصة في ظل استخدام الإرهابيين لأسلحة أمريكية مهجورة بقيمة مليارات الدولارات.
بانتظار الشتاء على خط الجبهة
بعد أن أُسكت صوت المدافع الثقيلة مؤقتاً، يتبقى الصدى. الصدى الذي يحمله إليهم الآن وزير الداخلية الباكستاني: أن الرد سيكون حاسماً، ومماثلاً للرد على الهند.
هذه المقالة ليست سوى لقطة من كاميرا مراقبة على حدود تنذر بالانفجار. لقد أُعلنت مرحلة “اللاعودة“ رسمياً، والخيارات الثلاثة التي وضعها الجيش الباكستاني أمام مُيسِّري الإرهابيين هي نداء أخير قبل العاصفة.
إننا الآن بانتظار الشتاء، والرياح الباردة تحمل نذير حرب لن تقتصر على تبادل النيران العابر؛ بل ستكون صراعاً على السيادة والأمن الإقليمي.
يبقى السؤال معلقاً فوق هذا الحد الفاصل: بعد الرد الحاسم، هل سيتوقف الإرهابيون عند الخط،أم أننا على موعد مع فصول دامية قادمة؟ الأيام القليلة القادمة على هذا الخط المشتعل هي وحدها الكفيلة بالإجابة.
سؤال للمشاركة (دعوة القراء للتعليق):
برأيك، بعد رد الجيش الباكستاني الحاسم والإنذار النهائي، هل تنجح الدبلوماسية في نزع فتيل الأزمة مع حكومة طالبان، أم أن الوضع الحالي يفرض حلاً عسكرياً لحماية أمن الحدود؟
شاركنا تحليلك وتوقعاتك لمستقبل العلاقات الباكستانية-الأفغانية.
