"طوفان الأقصى" بعد عامين: التناقض بين 'المعركة المستمرة' و 'السلام المعلق'... هل يبتلع نزع السلاح صفقة إنقاذ غزة؟
في الذكرى السنوية الثانية للهجوم الذي أطلق عليه حماس اسم “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر، والذي أودى بحياة نحو 1,200 شخص واجتياح المنطقة بالدمار، جاء تصريح الحركة ليضع عقبة جديدة أمام جهود السلام العالمية.
فبينما تتجه الأنظار إلى المفاوضات الهادئة بشأن “صفقة ترامب” لإنهاء الحرب، أكدت حماس أن “المعركة لا تزال مستمرة“، في إشارة واضحة إلى عمق التناقض بين الخطاب العسكري وضرورات إنقاذ القطاع المدمر.
صرخة الذكرى: الأرقام التي تروي الكارثة
التصريح الذي أصدرته حماس، والذي جاء ليتزامن مع بدء المفاوضات في مصر، ليس مجرد بيان سياسي؛ بل هو تذكير بأن العواقب “السياسية والعسكرية” للحرب لا تزال تهز المنطقة بأكملها.
لقد دفعت غزة ثمناً باهظاً في هذه الحرب التي تلت الهجوم، حيث تشير أرقام وزارة الصحة في القطاع إلى مقتل 67,160 فلسطيني وإصابة نحو 170,000 شخص، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. هذه الأرقام المخيفة، مصحوبة بتقرير أممي أشار إلى أدلة على ارتكاب إسرائيل لأعمال إبادة جماعية (وهو اتهام ترفضه إسرائيل بشدة)، تجعل من واقع الحياة في غزة مأساة إنسانية مهولة، حيث دُمرت مناطق بأكملها وبات القطاع في حالة دمار شامل.
موازين التفاوض المعقدة: صفقة ترامب على طاولة شرم الشيخ
في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، دخلت المفاوضات غير المباشرة حول خطة السلام التي اقترحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يومها الثاني. وقد أعرب ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى “صفقة دائمة” تذهب “إلى ما هو أبعد من غزة” نحو تحقيق “سلام حقيقي في الشرق الأوسط“.
وقد نقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول مصري مطلع على المحادثات أن الجولة الأولى كانت إيجابية، حيث اتفق الطرفان على معظم شروط المرحلة الأولى، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار. هذا التوافق المبدئي، الذي يهدف إلى حقن الدماء ولو مؤقتاً، يعطي بصيص أمل وسط العتمة.
العقدة الكبرى: سلاح المقاومة والوصاية الدولية
هنا تكمن العقبة التي قد تنسف كل التفاؤل: مطلب نزع سلاح حماس.
أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً وتكراراً على أن نزع سلاح حماس شرط لا يمكن التنازل عنه لضمان أي اتفاق طويل الأمد. هذا الشرط هو بيت القصيد الذي لم تعلق عليه الحركة حتى الآن.
خطة ترامب تتضمن نشر قوة أمنية دولية في غزة بعد نزع سلاح حماس، على أن يتولى ترامب ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير الإشراف على حوكمة القطاع.
في نظر حماس، نزع السلاح هو إنهاء لدورها السياسي والعسكري وضرب لشرعيتها كـ “مقاومة”. وفي نظر إسرائيل، هو شرط لا غنى عنه للأمن.
هذا التناقض الجذري يهدد بتحويل التوافق المبدئي إلى جدار صلب يحطم آمال وقف إطلاق النار الدائم، ويطرح سؤالاً خطيراً: هل يدفع أهالي غزة ثمن إصرار الجانبين، ويفشل السلام قبل أن يبدأ؟
غزة: الإلهام من بين الأنقاض
في خضم هذا الصراع السياسي والعسكري، يبقى الإلهام الحقيقي والملهم هو صمود الشعب الفلسطيني في غزة. فوسط الركام، وفي ظل فقدان كل مقومات الحياة، فإن التمسك بالبقاء على قيد الحياة، والمطالبة بالكرامة، والمقاومة المدنية لليأس، هو انتصار بحد ذاته.
إن نجاح أي صفقة سلام لا يقاس فقط بالتواقيع على الورق أو نزع السلاح، بل بقدرتها على إنهاء هذه الكارثة الإنسانية وإعادة بناء الأمل في قطاع دُمر حرفياً.
وعلى الرغم من التصريحات المتشددة، فإن الضغط الإنساني والدمار الذي لا يمكن تحمله قد يكونان القوة الدافعة الأخيرة نحو القبول بتسوية تنهي الكارثة وتفتح الطريق لمستقبل مختلف.
