"الجزارة" في سبتمبر: الأهلي بنغازي يترجم التاريخ إلى خطة للمستقبل
لطالما كان الأهلي بنغازي، “الجزارة“، رمزاً للصمود والقتال. منذ تأسيسه عام 1947، يمتلك هذا النادي تاريخاً حافلاً بالأمجاد، وشعاره الأحمر والأبيض لا يمثل مجرد ألوان، بل روحاً قتالية لا تعرف الاستسلام.
“فريق المشوار الطويل” كما يُلقّب، يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة تعرف كيف تُزلزل المدرجات وتدعم فريقها حتى خارج الملعب.
يبدو أن شهر سبتمبر 2025 كان نقطة تحول حاسمة، شهرًاً لترتيب البيت الداخلي ووضع خطة جديدة للمستقبل
المدرجات الحمراء: حائط النار الذي لا يُقهر والنخبة الذوّاقة
عندما يخطو فريق منافس أرض الملعب لمواجهة “الجزارة”، لا يجد نفسه أمام 11 لاعباً فحسب، بل أمام قوة هائلة تشعرك وكأنك “محاط بالنار من كل مكان.
“جماهير الأهلي بنغازي هي الأكثر ارتداءً لقمصان فريقها الحمراء في المدرجات، في مشهد بصري طاغٍ يبتلع الألوان الأخرى.وعندما تبدأ أصواتهم، تشعر وكأن الأرض تهتز من تحت أقدامك.
الملعب يتحول إلى جحيم أحمر؛ تُملأ المدرجات بالشعلات والدخان الأحمر، كأن “مارداً قد خرج من قمقمه“، وتكتمل اللوحة بعبارة “خط النار“ على لافتاتهم. ومع لمسة فريقه للكرة، ترتفع الأصوات إلى عنان السماء.
أي فريق يزور ملعب الأهلي بنغازي يشعر بأنه قد دخل الجحيم ويتمنى بأنه لم يأتِ.لكن هذا الجمهور الناري ليس مجرد كتلة من الحماس، بل هو جمهور ذوّاق لا يرضى إلا بالتميز. إنه يتفاعل مع الألعاب الجميلة ويساند فريقه في كل الأماكن، محلياً وخارجياً.
قمة متعة هذا الجمهور هي رؤية الأهداف و سماع اهتزاز الشباك؛ هذا هو وقودهم الحقيقي.كما يتميز هذا الحشد العملاق بوعيه الرياضي الرفيع، فبالرغم من القتال الشرس داخل الملعب، ترى هذا الجمهور يصفّق احتراماً للفرق التي تقدم أداءً جيداً أمام فريقهم.
إنهم يدركون أن الجودة هي أساس اللعبة، حتى وإن كانت من الخصم.إن هذا المزيج من القوة الجارفة والذوق الرفيع هو ما يجعل جمهور “الجزارة” أسطورة حقيقية.
إدارة جديدة.. رؤية جديدة
في 14 سبتمبر، أعلنت وزارة الرياضة عن تكليف لجنة تسييرية جديدة للنادي برئاسة أحمد أبوشناف.
ضمت اللجنة في عضويتها كلاً من مراد العقوري، أيهم المنصوري، حاتم الحداد، أسامة الفيتوري صالح الشاعري، وأسامة الزواوي.
كان هذا القرار بمثابة محطة مهمة، حيث شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلاً واسعاً، إذ بلغ عدد التعليقات 1900 تعليقاً، وعدد المشاركات 101 مشاركة. هذا التفاعل الكبير عكس مدى اهتمام وقلق الجمهور بمستقبل ناديهم.
في 20 سبتمبر، استلم المجلس الجديد مهامه رسمياً من السيد معتز الرقيعي، لتبدأ مرحلة جديدة من العمل الجاد والطموح.
قيادة فنية بخبرة عربية
بعد 8 أيام فقط من استلام المهام، وتحديداً في 28 سبتمبر، كان القرار الأهم: التعاقد مع الجهاز الفني بقيادة المدرب المصري طارق مصطفى.
هذا الاختيار يدل على توجه النادي نحو خبرات فنية قادرة على المنافسة. طارق مصطفى، أحد أبرز نجوم الزمالك ومنتخب مصر، اشتهر بهدفه التاريخي في نهائي كأس الأمم الأفريقية عام 1998.
في مسيرته التدريبية، أثبت جدارته في أندية عربية متعددة، وتوّج كأحسن مدرب في المغرب مرتين.
لم يأتِ طارق مصطفى وحده، بل جاء بجهاز فني متكامل يضم أسماء مهمة:
. المدير العام:
أمير عبد العزيز، الذي يحمل خبرة كبيرة من القلعة البيضاء (الزمالك) ومسيرته التدريبية في أندية سعودية ومغربية وإماراتية.
مساعد المدرب:
ونيس خير، الأسطورة الأهلاوية و”القطار السريع” الذي قاد النادي للتتويج بالدوري عام 1992. وجوده يمثل جسراً بين تاريخ النادي المجيد ومستقبله الواعد، خاصة مع سجله الحافل في الأوقات الصعبة.
ففي أكتوبر 2018، كُلف بمهام مساعد المدرب الوطني للمدرب المصري محمد عودة، وفي يناير 2019 تولى ونيس خير مهام المدرب الأول بعد رحيل عودة عن الفريق، وهو ما يجعله أحد الوجوه المألوفة في أوقات التحول بالنادي.
تفاعل الجمهور: مشاعر مختلطة وتفاؤل حذر
تجاوز تفاعل الجمهور مع قرار تعيين المدير الفني الجديد مجرد الترحيب التقليدي، ليتحول إلى منصة للتعبير عن آمال وتخوفات عميقة.
وقد عكست أرقام التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الرضا، حيث حصد المنشور على:
. إعجاب (2400) و**”أحب” (1300)**.
. “أدعمه” (352) و**”أسعده” (44)**.
. تعليقات بلغت 754 ومشاركات وصلت إلى 19.
الاجتماع الأول: خطوات عملية نحو المستقبل
لم يكتفِ مجلس الإدارة الجديد بإعلان القرارات، بل سارع إلى ترجمتها لخطوات عملية على أرض الواقع.
كان الاجتماع الموسع الذي عُقد في الثامن والعشرين من سبتمبر بين رئيس النادي، وإدارة الكرة والمدير الفني، بمثابة إشارة واضحة للجماهير بأن مرحلة العمل الجاد قد بدأت.
عكست أرقام التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي هذا الرضا، حيث حصد المنشور على:
. إعجاب (220) و**”أحب” (992)**.
. “أدعمه” (270) و**”أسعده” (39)**.
. تعليقات بلغت 492 ومشاركات وصلت إلى 25.
العدد الكبير لرموز “أحب” و”أدعمه” يؤكد أن هذا الاجتماع قد لامس وتراً حساساً لدى الجماهير، وأشعرهم بالطمأنينة والأمل في مستقبل النادي.
نظرة على التحديات القادمة
بينما يبدأ الجهاز الفني الجديد عمله، لا تخفى التحديات التي تنتظره. فالمطلوب ليس فقط الفوز بالبطولات، بل بناء هوية فريق قادرة على المنافسة محلياً وقارياً.
يترقب الجمهور أيضاً ملف التعاقدات الجديدة، وهل ستكون على قدر طموحات “الجزارة”؟ تبقى الإجابات مرهونة بالأيام القادمة، لكن المؤكد هو أن جماهير الأهلي بنغازي تنتظر بفارغ الصبر أن ترى جهود الإدارة والفريق تُترجم إلى إنجازات حقيقية على أرض الملعب.
نبض الشارع الأهلاوي: من التفاؤل الحذر إلى النقد الصريح
تعتبر الجماهير هي المحرك الحقيقي لأي نادٍ، وفي النادي الأهلي، كان صوت الجمهور بمثابة مرآة تعكس حالة النادي في كل مرحلة من مراحل التغيير الإداري والفني.
كانت التعليقات على الصفحة الرسمية للنادي شهادة حية على التحولات في المزاج العام، والتي انتقلت من الترحيب المشروط إلى النقد العميق والمطالبة الصريحة بالاحترافية.
1. التسليم والاستلام: ترحيب مشروط وصرامة في المطالب
بعد أن استلمت الإدارة الجديدة مهامها رسمياً، جاء تفاعل الجمهور على المنشور الخاص بالتسليم والاستلام، والذي حصد 677 تعليقاً، ليعكس مزيجاً من الترحيب المشروط والمطالب الصريحة.
كان الجمهور، رغم تفاؤله الحذر، يراقب عن كثب ويؤكد أن الكلمات يجب أن تُترجم إلى أفعال.
ظهر في التعليقات تقدير واضح للإدارة السابقة، وتحديداً للأستاذ معتز الرقيعي، لكن هذا لم يمنع من توجيه رسائل مباشرة وواضحة للإدارة الجديدة.
طالب مفتاح الكواش بوضوح: “نبو دوري أو كأس مانبوش أجواء“، بينما أكد محمد رمضان الدرسي على ضرورة الابتعاد عن المنشورات والتركيز على “صفقات ومحترفين سوبر“. كانت هذه المطالب بمثابة تذكير صارم بأن الجمهور لن يرضى بأقل من الإنجازات الملموسة.
2. الخيار الفني: تفاؤل حذر وشكوك متأصلة
أثار إعلان النادي عن تكليف المدرب طارق مصطفى تفاعلاً جماهيرياً واسعاً تجاوز 1900 تعليقاً، لم يكن مجرد ترحيب، بل كان مرآةً تعكس حالةً من الانقسام بين من يمنحون الثقة، ومن يخشون تكرار السيناريو المألوف.
انقسمت التعليقات إلى مسارين رئيسيين: الأول يرحب بالمدرب ويعبر عن أمل كبير في نجاحه مثل أحمد عيد عبد الملك الذي وصفه بـ”مورينيو”، بينما شكك الثاني في خبرته.
وصفه مفتاح بادي بأنه “مدرب ابيض مافيش ولا انجاز“، وتساءل منتصر شتوان عن اختيارات الإدارة قائلاً: “اختيارات مش عارف من وين ايجيبو فيهن“.
في النهاية، عبّرت هذه التعليقات عن قناعة راسخة لدى الجمهور بأن النادي بحاجة إلى كفاءات حقيقية، لا مجرد أسماء جديدة.
3. بين الاجتماع الأول ونقد الجمهور: "حقل التجارب مستمر"؟
مع إعلان النادي عن أول اجتماع لمجلس الإدارة الجديد مع المدرب، انخفضت أعداد التعليقات إلى 492 تعليقاً، لكن حدة النقد والتحليل تضاعفت.
لم يعد التفاعل مجرد ترحيب، بل أصبح محاكمة علنية لمستقبل النادي.
قدم المحجوب المحجوب، وهو مشجع لنادي النصر، تحليلاً صادقاً، واصفاً النادي بأنه يعاني من تدخلات خارجية من “أشخاص… ماعندهمش مايخدمو غير لعب فلان وماتلعبش فلان”.
كما لخص فرج الورفلي و موسى عبدالله المشهد بكلمة واحدة: “مسرحية”. أما عادل ميلاد فقد قدم وجهة نظر سوداوية بذكاء حين قال: “دعونا ننسى أخطاء الماضي ونرتكب أخطاء جديدة”.
هذا الجزء من التفاعل كشف عن وعي جماهيري عميق بالمشاكل الهيكلية التي تواجه النادي.
4. صوت الجمهور: أبرز التعليقات على الجهاز الفني الجديد
تنوعت ردود الأفعال بشكل لافت، لتكشف عن نبض الشارع الأهلاوي الذي يراقب كل خطوة.
. شكوك حول كفاءة المدرب:
عبر بعض المشجعين عن تحفظاتهم بشأن خبرة المدرب وإنجازاته السابقة. علّق جمال يوسف بحدة: “مدرب ابيض مافيش ولا انجاز حتى بطولة بطش ماعنده“، بينما قارنه آخر بأسماء عالمية قائلاً: “على الاقل تعاقدو مع كولر السويسري او موسميني… بدل ماتجيبو مدربين لاخبرة ولاكفاءة.”
. الإحباط من تكرار الأخطاء:
ظهر بوضوح الشعور بالإحباط من حالة عدم الاستقرار التي يعيشها النادي، حيث وصفها Bege Bege بأنها “نفس الدسكة”، وعبّر سراج القديري عن يأسه قائلاً: “نفس الوجوه ونفس الاشخاص هما أربع خمس انفار… مش حفظ يالاهلي.”
. مطالب بالاحترافية والعمل الجاد:
طالب الجمهور بالابتعاد عن العشوائية، كما ظهر في تعليق: “فكونا م الشو واشتغلوا وأنتم ساكتين”، ورسالة من حسان الزيداني تدعو للإدارة بـ “استراتيجية بناء وتأسيس هوية لعب“، حتى لو تطلب الأمر موسمين أو ثلاثة مواسم.
. دعم وتفاؤل مشروط:
في المقابل، كانت هناك موجة كبيرة من التعليقات التي تظهر الدعم والترحيب المشروط. هذه الرسائل، مثل: “بالتوفيق” و**”نسأل الله التوفيق”**، تعكس تفاؤلاً حذراً بأن هذه المرحلة قد تكون بداية التغيير الحقيقي.
الخاتمة: سبتمبر.. بداية المشوار الطويل الجديد
شهر سبتمبر لم يكن مجرد فترة انتقالية، بل كان بمثابة إعلان عن انطلاق حقبة جديدة في تاريخ الأهلي بنغازي.
مع إدارة جديدة وجهاز فني متمرس يضم أبناء النادي، يبدو أن “الجزارة” مستعدة لتحديات الموسم المقبل.
التفاعل الكبير من الجمهور مع هذه التغييرات يؤكد أن الجميع على قلب رجل واحد، ويثق في أن هذا الفريق العتيد، بجهد إدارته الجديدة، سيحقق أحلام جماهيره ويواصل كتابة تاريخه المليء بالانتصارات.
