
عندما يتجاوز الجنون حدود العقل، يصبح السلام بعيد المنال. هذا ما يبدو عليه المشهد في الشرق الأوسط اليوم.
ففي ظل تعثر الدبلوماسية وتزايد العمليات العسكرية، يجد المدنيون أنفسهم في مرمى النيران بينما تتصاعد الضغوط على جميع الأطراف.
يبدو أن هناك أزمة ثقة عميقة، لا تقتصر على الأطراف المتناحرة، بل تمتد لتشمل حتى القادة مع شعوبهم وحلفائهم.
وفي هذا المقال، نسلط الضوء على أوجه هذه الأزمة، ونقدم رؤيتنا للوضع الراهن الذي ينذر بمخاطر جمة.
تصعيد عسكري بلا جدوى
تواصل القوات الإسرائيلية (IDF) عملياتها في قطاع غزة، وتحديداً في مدينة غزة، معلنة عن مقتل عدد من قادة حماس.
لكن هذا التصعيد العسكري لا يبدو أنه يحقق الأهداف المرجوة منه. ففي المقابل، تستمر الغارات الجوية التي تستهدف المباني المدنية، بدعوى أنها تُستخدم من قبل حماس، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الاستراتيجية في ظل الكلفة الإنسانية الفادحة.
هذه العمليات تدفع المدنيين نحو النزوح الجماعي، وتخلف وراءها مأساة حقيقية، كما حدث مع مقتل لاعب كرة قدم شاب و14 فرداً من عائلته في غارة واحدة.
كل هذا يثبت أن العنف يولد المزيد من العنف، وأن الحل العسكري وحده لا يمكن أن يجلب السلام.
أزمة دبلوماسية ووعود فارغة
تأتي زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل في توقيت لا يبعث على التفاؤل. ففي الوقت الذي تؤكد فيه واشنطن دعمها لإسرائيل، تُعبر في الوقت نفسه عن “عدم سعادتها” بالهجوم الإسرائيلي على قادة حماس في قطر.
هذا التناقض يضع علامات استفهام حول فعالية الدبلوماسية الأمريكية. فالهجوم، الذي أُصيب فيه المفاوض الرئيسي لحماس، عرقل جهود الوساطة التي كان يمكن أن تؤدي إلى هدنة وتبادل للأسرى.
ويبدو أن الأزمة لا تقتصر على هذا الحد، بل تمتد لتشمل نقاشات حول ضم الضفة الغربية، وهي خطوة تهدد بشكل مباشر استقرار المنطقة، وتعرض اتفاقات أبراهام للخطر، وتُظهر أن السلام الحقيقي ليس أولوية بالنسبة للبعض.
الضغوط تتزايد والقيادة تتجاهل
المثير للقلق هو أن القيادة الإسرائيلية تبدو وكأنها تتجاهل الضغوط المتزايدة عليها من الداخل والخارج.
فقد اتهمت “هيئة الأسرى” الإسرائيلية بشكل مباشر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “العقبة” أمام إنهاء الحرب وعودة الأسرى.
هذا الاتهام الصريح من جهة داخلية رئيسية يوضح حجم الإحباط والغضب. وفي الخارج، تتزايد الأصوات المنتقدة للحرب، حيث شهدت مدن مثل برلين مظاهرات حاشدة، في ظل موقف ألماني جديد أكثر انتقاداً للحرب.
هذه المواقف الدولية والداخلية يجب أن تكون بمثابة إنذار للقيادة الإسرائيلية، لكنها تبدو وكأنها مصممة على المضي قدماً في طريقها، بغض النظر عن الثمن الباهظ الذي تدفعه المنطقة.
خلاصة: هل من عودة إلى العقل؟
الوضع الراهن يحمل كل مقومات الكارثة. تصعيد عسكري بلا جدوى، دبلوماسية عرجاء، وغياب للقيادة الحكيمة.
وفي ظل هذا المشهد، يبقى السؤال الأهم: هل سيستيقظ العالم على حقيقة أن الحل ليس في المزيد من العنف، بل في العودة إلى العقل والحوار؟ أم أننا سنستمر في مشاهدة هذا الجنون الذي يهدد بمستقبل المنطقة بأسرها؟
شاركنا رأيك!
بعد قراءة هذا التحليل، ما هي برأيك الخطوة الأكثر أهمية التي يجب على الأطراف اتخاذها لوقف هذا التصعيد وإنهاء الأزمة؟ شاركنا أفكارك في التعليقات.