ثلاثية سيتي تحسم الديربي.. جوارديولا يتألق وأزمة أموريم تتفاقم

في ديربي مانشستر الذي أقيم على ملعب الاتحاد، لم يكن الأمر مجرد مباراة كرة قدم. كان احتفالاً بذكرى أسطورة، ونقطة تحول في مسيرة فريق، وأزمة متجددة لفريق آخر.

سجل مانشستر سيتي فوزاً قاسيًا بنتيجة 3-0 على غريمه مانشستر يونايتد، وهو انتصار أهداه فيل فودين لروح الملاكم الإنجليزي الراحل ريكي هاتون، لكنه كشف في المقابل عن أعمق الجروح في فريق المدرب روبن أموريم.

كان هذا الفوز التاريخي هو الأول من نوعه في تاريخ الديربي الذي ينتهي دون أي بطاقات ملونة ليؤكد أن الفارق لم يكن في الخشونة، بل في الأداء الفني والفعالية على أرض الملعب.

عبقرية جوارديولا وتألق النجوم

فوز السيتي لم يكن مجرد صدفة، بل كان نتاج خطة تكتيكية محكمة من المدرب بيب جوارديولا. أظهرت الإحصائيات أن يونايتد استحوذ على الكرة بنسبة أكبر (54.7%)، لكن السيتي كان أكثر دقة وخطورة، حيث سدد ست مرات على المرمى مقابل مرتين فقط ليونايتد.

اعتمد جوارديولا على استراتيجية “التثبيت” (Pinning) لتحييد لاعبي يونايتد الدفاعيين وخلق مساحات للاعبيه. تحركات لاعبين مثل جيريمي دوكو وفيل فودين خلقت تفوقاً عددياً في خط الوسط، وهو ما سمح لفودين بافتتاح التسجيل بهدف من صناعة دوكو.

كما أن تألق النجمين لم يكن مفاجئاً. فقد عاد فيل فودين لمستواه المعهود بعد موسم صعب، وأصبح “نواة النادي”، بحسب وصف جوارديولا.

أما إيرلينج هالاند، فواصل تحطيم الأرقام القياسية بتسجيله هدفين حاسمين، ليصبح الهداف التاريخي لديربي مانشستر برصيد 8 أهداف. وقد أشاد به جوارديولا قائلاً: “إيرلينج كان أفضل من أي وقت مضى، أكثر ديناميكية، ونريده أن يساعدنا”.

أزمة يونايتد تتفاقم.. أرقام كارثية ودفاع عن النفس

في المقابل، لم تكن الهزيمة في الديربي مجرد نتيجة سيئة، بل كانت جزءاً من أزمة عميقة يعيشها مانشستر يونايتد.

فالأرقام وحدها تحكي قصة الانهيار: الفريق حقق أسوأ بداية له في الدوري الإنجليزي منذ 33 عاماً، وتراجع إلى قاع الترتيب بين الأندية التي كانت موجودة في المسابقة منذ قدوم أموريم.

أصبحت نسبة فوز المدرب روبن أموريم 26% فقط، وهو أسوأ سجل لأي مدرب في تاريخ النادي منذ الحرب العالمية الثانية.

ومع تزايد الضغط، خرج أموريم بتصريحات عاطفية ودفاعية، حيث قال: “أنا أعاني أكثر من الجماهير… الأداء لم يكن جيداً”.

ورغم ذلك، تمسك بفلسفته الكروية، قائلاً: “عندما أريد تغيير فلسفتي، سأفعل. وإلا، عليك أن تغير الرجل”. هذا التمسك الصارم بنظامه، في ظل سوء النتائج، هو ما يثير قلق المحللين والجماهير ويضع مستقبل أموريم على المحك.

جمهور محطم.. صدمة اليأس والخذلان

لم يقتصر تأثير الهزيمة على الأداء والأرقام فقط، بل امتد ليشمل الحالة النفسية لجمهور يونايتد. ففي ظل الأداء المخيب للآمال، غادر عدد كبير من المشجعين ملعب الاتحاد قبل صافرة النهاية، في مشهد يعكس حجم الإحباط.

ووصف الأسطورة غاري نيفيل هذا الشعور بأنه “لاشيء”، وهو ما يُعد أسوأ من الغضب، لأنه يمثل حالة من الاستسلام واليأس التام تجاه ما يحدث للفريق.

شهادة الهداف.. هالاند من الغضب إلى التقدير

تألق إيرلينج هالاند لم يكن وليد اللحظة، بل نابعاً من إحساس عميق بالمسؤولية. فقبل المباراة، وصف بداية الموسم لفريقه بأنها ليست جيدة بما يكفي، مؤكداً على ضرورة استخدام الغضب لتحقيق الفوز.

وبعد أن سجل ثنائيته وحسم المباراة، أظهر تواضعاً كبيراً، حيث أصر على أن جائزة أفضل لاعب في المباراة يجب أن تذهب إلى زميله الحارس جيانلويجي دوناروما، قائلاً: في الواقع، دوناروما يستحق الجائزة، لقد كان لا يصدق اليوم“.

سيناريو الأهداف.. كل هدف يحكي قصة

كل هدف من أهداف السيتي الثلاثة كان له قصة تحكي ضعفاً في صفوف يونايتد. الأول جاء من مهارة فردية لجيريمي دوكو الذي راوغ لوك شاو، ثم ارتدت له الكرة ليصنع هدفاً سهلاً لرأسية فيل فودين.

أما الثاني، فكان مثالاً على قوة هالاند البدنية، الذي تفوق على لوك شاو مرة أخرى ليضع الكرة في الشباك.

والهدف الثالث كان لقطة درامية كشفت عن الأخطاء الدفاعية المتكررة، حيث سُجل من هجمة مرتدة بعد أن فقد يونايتد الكرة في منتصف الملعب.

مستقبل غامض.. والمواجهة القادمة هي المفتاح

تفاقم الأزمة يضع روبن أموريم في موقف لا يُحسد عليه. فقد حذّر المحلل غاري نيفيل من أن “الضغط يتزايد على المدير الفني بسبب تمسكه بنظامه”، وأضاف أن “هزيمة أخرى أمام تشيلسي في الأسبوع القادم ستثير تساؤلات كبيرة”.

وفي ظل الأجواء السلبية والنتائج الكارثية، يبقى مستقبل أموريم على المحك، خاصة بعد تصريحه الأخير الذي قال فيه إنه “يقبل أي قرار”.

وهكذا، أصبح ديربي مانشستر ليس مجرد مباراة، بل هو بداية نهاية حقبة، ونقطة حاسمة قد تحدد مصير المدرب البرتغالي مع الشياطين الحمر.

المزيد من الكاتب

الأميرة إليزابيث.. قصة مبادئ في زمن السياسة

الأهلي في مواجهة “نادي الشعب”: معركة دوري أبطال أفريقيا تحت وطأة عقوبات “الكاف”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *