في تطور يعكس تصعيداً خطيراً، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) بياناً عاجلاً قبل دقائق، ليأتي تتويجاً لحصار عسكري استمر لأيام على قاعدة معيتيقة الجوية.
هذا الحصار، الذي تفرضه قوات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية، يهدف إلى السيطرة على القاعدة التي تعتبر معقلاً لجهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
جوهر الخلاف: صراع على السلطة والأدوار
الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية وجهاز الردع يتجاوز مسألة السيطرة على الأرض. ففي الوقت الذي تعتبر فيه الحكومة الجهاز قوة يجب إخضاعها لسلطتها، يرى الجهاز نفسه أنه يؤدي دوراً حاسماً في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وهو ما يعطي شرعية لدوره الميداني.
بيان الأمم المتحدة الذي أشار إلى وجود “قضايا تهم حكومة الوحدة الوطنية”، يلمح إلى أن الصراع ليس عشوائياً، بل هو نتيجة تباين في الأدوار والصلاحيات قد يصل إلى حد الصدام المسلح.
كارثة ثلاثية الأبعاد: مدنيون، مطار، وسجناء
التهديد الآن لم يعد مقتصراً على الاشتباك العسكري فحسب، بل تطور إلى كارثة ثلاثية الأبعاد:
. الخطر الإنساني:
تقع القاعدة في قلب منطقة سوق الجمعة المكتظة بالسكان، مما أدى إلى حالة من الاحتقان الشعبي والقلق الواسع. أي اشتباك مسلح سيعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.
. تعطيل شريان الحياة:
القاعدة تضم المطار المدني الوحيد الذي يخدم طرابلس، مما يعني أن أي هجوم سيؤدي إلى تعطيل حركة الطيران الحيوية ويقطع شريان الحياة عن المدينة.
. تحرير سجناء متطرفين:
والأخطر من ذلك، أن سجن جهاز الردع يضم عدداً كبيراً من السجناء المتطرفين. أي هجوم على القاعدة قد يؤدي إلى فوضى داخل السجن، وهروب هؤلاء السجناء، مما سيشكل تهديداً أمنياً خطيراً يطال المنطقة بأكملها.
البيان الأممي: نداء أخير لمنع الكارثة
بيان الأمم المتحدة لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد فترة من الصمت النسبي، مما يشير إلى أن الوضع الميداني قد وصل إلى نقطة حرجة لا يمكن التغاضي عنها.
توقيت البيان يحمل رسالة واضحة: الأمم المتحدة تحاول التدخل في اللحظات الأخيرة لمنع كارثة وشيكة قد تكون لها عواقب وخيمة على المستوى الأمني والإنساني.
المحاسبة الدولية: هل هي رادع كافٍ؟
بينما تتجه الأنظار نحو معيتيقة، فإن فعالية التحذير الأممي على المحك. البيان يذكر الأطراف بأن “المسؤولين عن الهجمات ضد المدنيين سيتم محاسبتهم”.
هذا التهديد بالمحاسبة، الذي يوجه في لحظة حرجة كهذه، ليس مجرد كلام، بل هو رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي يراقب عن كثب، وأن أي تصعيد قد تكون له عواقب شخصية على القادة المتورطين.
تطورات ميدانية خطيرة وتحشيدات عسكرية
في المقابل، تتصاعد التوترات الميدانية في مناطق أخرى. هناك تحشيدات عسكرية غرب مدينة سرت ومنطقة الشويرف جنوب طرابلس، مع غطاء جوي من قبل طيران الجيش التابع للمنطقة الشرقية.
وقد رصدت مقاطع فيديو أصوات الطيران الحربي غرب سرت، مما
وفي تطور موازٍ، شوهدت أرتال مسلحة من مصراتة، مزودة بأسلحة ثقيلة، تتجه نحو طرابلس من بوابة الدافنية.
خلاصة: هل ينجح الضغط الدولي في فك الحصار؟
الوضع في طرابلس لم يعد مجرد صراع داخلي، بل أصبح يهدد بأزمة إنسانية وأمنية متعددة الأوجه، قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة.
بيان الأمم المتحدة هو بمثابة فرصة أخيرة لإعلاء صوت الحكمة وتجنب الصدام. الآن، السؤال الأهم هو: هل سيؤدي هذا التحذير المتأخر إلى فك الحصار، أم أن الصدام بات حتمياً؟