إيطاليا تتقدم بـ “خطة سلام ترامب”: هل تثق موسكو بضمانات ميلوني؟

في خضم الحرب الأوكرانية التي دخلت مرحلة جديدة من المواجهات، برزت إيطاليا، بقيادة رئيسة وزرائها جيورجيا ميلوني، كقوة دبلوماسية فاعلة على الساحة الدولية.

ففي 18 أغسطس 2025 في فيينا، صرحت ميلوني بأن “في حال أردنا تحقيق السلام والعدالة، علينا أن نتذكر أننا يجب أن نفعل ذلك بالاتحاد”.

هذا التصريح يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى وضع إيطاليا في صدارة جهود السلام، وتسعى إلى ملء الفراغ السياسي الذي قد تخلفه التغيرات في البيت الأبيض.

إيطاليا على الساحة الدولية: دور ريادي في عملية السلام

يمثل مقترح ميلوني لضمانات أمنية لأوكرانيا خطوة جريئة تضع إيطاليا في صدارة جهود السلام الأوروبية.

فبينما كان النقاش يدور حول إمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وهو ما تعتبره روسيا “خطاً أحمر”، طرحت ميلوني صيغة بديلة: ضمانات أمنية فردية من الدول الحليفة، تفرض عليها اتخاذ قرار سريع في غضون 24 ساعة للتدخل في حال وقوع هجوم روسي جديد.

هذه الرؤية الإيطالية تمنح أوروبا فرصة لإظهار دورها المستقل في الدبلوماسية، بعيداً عن حتمية القرارات الجماعية داخل الناتو، وتبرز قيادة ميلوني كشريك موثوق وقوي للولايات المتحدة.

تقارب مع الرؤية الأمريكية: جسر بين أوروبا وترامب

تكتسب الخطة الإيطالية أهمية خاصة بالنظر إلى تقاربها مع نهج ترامب، الذي يسعى إلى حلول عملية بعيداً عن الالتزامات التقليدية.

وقد أكدت ميلوني هذا التقارب بشكل صريح، حيث صرحت بأنهم دعموا ترامب للجهود التي أبداها من أجل السلام.

يربط مقترحها بين رؤية ترامب ووجهة النظر الأوروبية، حيث يقدم بديلاً عملياً لانضمام الناتو الذي يبدو مستبعداً في الوقت الراهن، ويضع الأسس لصفقة يمكن أن تكون مقبولة لدى واشنطن.

هذا التقارب يؤكد على أن إيطاليا تراهن على دورها المحوري كحلقة وصل بين القوة الأمريكية والموقف الأوروبي.

هل يمكن لروسيا أن تثق؟ المخاوف والضمانات المفقودة

هنا تكمن النقطة الأكثر تعقيداً في المقترح. فالسؤال الحاسم هو: هل ستثق روسيا بهذه الضمانات؟ روسيا لديها تاريخ من انعدام الثقة العميق تجاه الدول الأوروبية وحلف الناتو، حيث تعتبر توسع الحلف شرقاً تهديداً مباشراً لأمنها القومي.

تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، التي رفض فيها أي مناقشة أمنية تستبعد بلاده، تؤكد هذا التحدي. فمن وجهة نظر موسكو،

الضمانات التي تأتي من دول فردية لا تتمتع بنفس القوة والالتزام التي توفرها المادة 5 من الناتو.

كما أن روسيا نفسها تطالب بضمانات أمنية خاصة بها، وليس فقط لأوكرانيا.

هذه الضمانات يجب أن تأخذ في الاعتبار مخاوفها الاستراتيجية وتوقف توسع الناتو.

وبالتالي، فإن أي خطة لا تلبي هذه المخاوف من جذورها ستُعتبر غير كافية، وقد تُقابل بالرفض التام، مهما كانت نواياها حسنة.

خاتمة:

يمثل المقترح الإيطالي خطوة دبلوماسية رائدة تعكس طموح روما المتزايد لتلعب دوراً محورياً في تشكيل النظام الدولي الجديد.

ورغم أن الخطة تظهر وعياً بالواقع الجيوسياسي وتتقارب مع رؤية الولايات المتحدة، إلا أن نجاحها يبقى رهيناً بقدرتها على تجاوز حاجز انعدام الثقة التاريخي مع روسيا، وإقناعها بأن هذه الضمانات الأمنية، وإن كانت غير رسمية، يمكن أن تكون الأساس لبناء سلام مستدام.

المزيد من الكاتب

زلزال في السودان: رد فعل مدوٍ للبرهان على طاولة جنيف

روسيا تعزز المراقبة: “مشروع سري” لبوتين على حدود الناتو يثير المخاوف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *