قصة إنجاز أردني بنكهة عربية

منصة الانطلاق: من أجل الوطن... قصة كفاح وتضحية

لم يكن تأهل المنتخب الأردني للشابات تحت 20 عاماً إلى نهائيات كأس آسيا 2026 في تايلاند مجرد انتصار رياضي، بل كان ملحمة كروية درامية، حبكت فصولها بإرادة لا تلين، وتضحيات استثنائية.

قادها مدير فني محلي، حلّ مكان سلفه البرتغالي ديفيد ناشيمينتو، ليثبت أن الإمكانيات الأردنية قادرة على صناعة المستحيل.

القصة بدأت بتحدٍ كبير. تولى المدير الفني حسام أبو رياش مهام تدريب الفريق قبل فترة وجيزة من التصفيات، وكان الهدف واضحاً ومحدداً: “استعادة المجد المفقود”. فمنذ عام 2006، لم يتذوق المنتخب طعم التأهل للنهائيات الآسيوية، ما جعل هذا الإنجاز حلماً طال انتظاره لعقدين من الزمن.

تكتيكات الأداء الدرامي

وضع أبو رياش استراتيجية لكل مباراة، مع هدف محدد. كانت البداية أشبه بالمقدمة النارية، حينما سحق المنتخب نظيره جزر شمال ماريانا بنتيجة 6-1، ليؤكد جديته في المنافسة. وتواصل الأداء الهجومي المذهل في المباراة الثانية، بفوز عريض على البحرين 6-0.

لكن الفصل الأكثر إثارة جاء في المباراة الأخيرة ضد أوزبكستان. في “معركة إثبات الذات” على أرض المنافس وأمام جماهيره، كانت النتيجة تتأرجح بشكل درامي.

افتتحت ياسمين زريقات التسجيل من تسديدة قوية ومباغتة من خارج منطقة الجزاء في الدقيقة 44. ورغم تعادل أوزبكستان السريع، عادت ديانا الخواجا لتسجل هدفًا ثانيًا في الدقيقة 62، قبل أن يستقبل مرمى الأردن هدفين متتاليين في الدقائق الأخيرة.

وبينما كانت آمال الجماهير تتلاشى، سجلت البديلة دانا أبو هزيم هدف التعادل في الدقيقة 86، ليُنهي الأردن المباراة بنتيجة 3-3 ويؤكد تأهله التاريخي.

وفي تحليل الصحف الأردنية للمباراة، أُشيد بـ”الشخصية القتالية” التي أظهرتها اللاعبات، ووُصف الإنجاز بأنه “بارقة أمل” للكرة الأردنية النسائية، مؤكدين أن المنتخب استحق التأهل عن جدارة.

صناعة النجوم... إحصائيات وأرقام

لقد برزت العديد من اللاعبات كنجمات لهذه البطولة، ليؤكدن أن الفريق يضم مواهب استثنائية:

. كندة التيتي: هدافة المنتخب برصيد 4 أهداف.

. أروى البطاينة: ثاني الهدافات برصيد 3 أهداف.

. ياسمين زريقات، ديانا الخواجا، وهيا أبو علي: سجلت كل منهن هدفين.

. جنة معتوق ودانا أبو هزيم: سجلت كل منهن هدفاً واحداً.

وبشكل خاص، برزت قصة ياسمين زريقات، أصغر لاعبة في المنتخب والمحترفة في ألمانيا، التي واجهت تحدي الإصابة قبل البطولة، لكنها عادت بقوة في المباراة الأخيرة لتسجل هدفاً حاسماً وتلهم زميلاتها.

أرقام وإنجازات... قصة في أرقام

تُروي الأرقام والإحصائيات قصة أخرى عن مسيرة منتخب الأردن للشابات، مسيرة طويلة توجت بتأهل تاريخي. يملك المنتخب الأردني النسائي سجلًا حافلًا بـ 56 مباراة تنافسية، حقق فيها 31 فوزاً مقابل 7 تعادلات و18 خسارة فقط.

ومن المصادفات الغريبة التي تثير الدهشة، أن مسيرة المنتخب الكروية بدأت وانتهت (حتى الآن) بمواجهة نفس الفريق، وهو منتخب أوزبكستان.

كانت أول مباراة رسمية للمنتخب في تاريخه عام 2006 ضد أوزبكستان، وانتهت بالتعادل الإيجابي 2-2. وبعد 19 عاماً، كانت آخر مباراة له في التصفيات المؤهلة لكأس آسيا 2026 ضد نفس الفريق، وانتهت أيضاً بالتعادل الإيجابي 3-3، وهو التعادل الذي منح الأردن بطاقة التأهل التاريخية.

من أجل حلم أكبر... المرحلة القادمة

هذا التأهل هو تتويج لجهود الجميع، بدءاً من دعم الأمين العام للاتحاد الأردني لكرة القدم، سمر نصار، التي آمنت بقدرات اللاعبات، وصولاً إلى تضحياتهن الشخصية.

هذه التضحيات لم تقتصر على الميدان، بل شملت مواجهتهن لتحديات الدراسة، فقد أظهرت أربع من اللاعبات نتائج دراسية ممتازة في الثانوية العامة، ما يؤكد على عزيمتهن وإصرارهن.

وبما أن الأردن هو الممثل العربي الوحيد في نهائيات كأس آسيا 2026، فإن المرحلة القادمة تتطلب عملاً أكبر.

أكد المدرب حسام أبو رياش أن هذا الإنجاز سيكون حجر الزاوية للمستقبل، وأن خطة الإعداد للنهائيات ستكون أكثر شمولية لمواجهة نخبة المنتخبات الآسيوية.

المزيد من الكاتب

تحديات وأمل… قصة المنتخبات العربية الأخرى

افتتاحية تحليلية: مسارات الحل في ليبيا… هل الخطة الأممية الجديدة قادرة على تجاوز “فخ الإرادة”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *