لم يكن علاء يعلم أن صباح ذلك اليوم سيتحول إلى كابوس مرعب سيطارده طوال حياته. في مزرعة هادئة بضواحي طرابلس، كان يمارس عمله اليومي، يتبادل الحديث مع زميله، وفجأة، تجمد الدم في عروقه. صرخة مدوية اخترقت الأجواء، لم تكن صرخة إنسان، بل زئير أسد.
في لحظة واحدة، تحول الفضاء الآمن إلى حلبة مفتوحة للموت. نظر علاء إلى صاحبه، الشاب الليبي صاحب المزرعة، ورأى ضحكاً متهوراً لا يبالي.
هذا الرجل، الذي اعتاد التباهي بحيواناته المفترسة، أطلق العنان لمخالبه. لم يكن الأسد “موكلي” مجرد حيوان أليف مدرب كما قيل، بل كان وحشاً ضارياً يلتف حول جسد علاء، يغرس أنيابه فيه.
صقيع الخوف يملأ قلبه، بينما كانت آلام الجروح تخترق جسده. كان يتوسل الهدوء، بينما كان صاحبه يوثق اللحظة، ويضحك غير مبالٍ بمصيره. كانت حياته معلقة بين مخالب أسد وتهور إنسان.
لم يمضِ وقت طويل حتى انتشر المقطع كالنار في الهشيم، ليوقظ ضميرًا جمعياً غاضباً في ليبيا ومصر. لم يكن الأمر مجرد “مزحة” كما ادعى البعض، بل كان استهتاراً صارخاً بالكرامة الإنسانية.
هبَّت وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبها، مطالبة بوقف هذا العبث ومحاسبة مرتكبيه.

وفي ذروة الغضب، كانت المفاجأة من علاء نفسه. خرج العامل المصري، وصوته مرهق ولكنه مليء بالود، لينفي تعرضه لأي أذى، ويؤكد أن صاحب المزرعة “حبيبه” وصديق قديم.
كان هذا التصرف الإنساني، بالرغم من كل ما عاناه، بمثابة صدمة أخرى، ولكنه أظهر معدن هذا الرجل النقي وقدرته على تجاوز الألم دون حقد.
لم تمر الواقعة مرور الكرام. فبشكل حاسم، تدخل مكتب النائب العام الليبي ليقف في صف العدالة. أصدر المكتب قراراً بتجميد أموال وممتلكات المتهم، ووضع حدًا لهوايته الخطيرة بالتحفظ على حيواناته المفترسة. لم يكن هذا مجرد إجراء قانوني، بل كان تأكيداً على أن كرامة الإنسان ليست سلعة يمكن العبث بها.
لقد كشفت التحقيقات عن سجل إجرامي للمتهم، مما أضاف بعدًا آخر لتهوره. كانت النهاية القاسية لهذه “المزحة” هي القبض على المتهم وحبسه، لتصبح هذه القضية قصة رمزية عن العدالة التي لا تنام، والكرامة الإنسانية التي لا يمكن ترويعها، مهما كانت الظروف.