في لحظة كانت فيها كل الأنظار معلقة على نهائي الحلم بين العملاقين، لم يكن هناك من يتوقع أن تنتهي هذه المواجهة بطريقة أشبه بالزلزال.
لم يكن الانتصار بالضربة القاضية أو بنقطة حاسمة، بل بكلمات موجعة نطقها بطل ويمبلدون يانيك سينر، وهو يتخلى عن مضربه: “أنا آسف، لا أستطيع فعل ذلك.
أشعر بسوء شديد، لا أستطيع الحركة”. تلك اللحظة لم تكن مجرد نهاية لمباراة، بل كانت بداية سلسلة من التساؤلات والقلق حول مستقبل لاعب بات على قمة العالم.
أرقام وحقائق من أرض البطولة
لم يكن هذا النهائي مجرد مباراة، بل كان تتويجاً لبطولة سينسيناتي ماسترز 1000 التي جمعت نخبة اللاعبين.
كان الجميع يترقب المواجهة بين المصنفين الأول والثاني عالميًا، سينر وألكاراز، في لقاء اعتبره الكثيرون حتمياً منذ بداية البطولة.
كانت التوقعات تميل لصالح سينر بفضل تفوقه التاريخي على الملاعب الصلبة، حيث كانت الإحصائيات تشير إلى أنه المرشح الأوفر حظًا.
وعلى هامش هذا النهائي الكبير، شهدت البطولة أداءً مميزًا من نجوم آخرين. ففي نهائي السيدات، خاضت الإيطالية جاسمين باوليني تحدياً صعباً أمام سوياتيك، بينما لم يحالف الحظ الثنائي الإيطالي سونيغو وموسيتي في نهائي الزوجي.
كل هذه الأحداث كانت جزءاً من لوحة فنية رياضية متكاملة، لم يكتمل رسمها بانسحاب البطل.
المسرحية تنتهي قبل أن تبدأ
منذ اللحظة الأولى، كان هناك شيء خاطئ. لم يكن سينر هو اللاعب الذي نعرفه، تلك القوة الجليدية التي تتحكم في الملعب.
كانت ضرباته بطيئة، وحركته ثقيلة، وكأنه يصارع شيئًا لا يُرى. الجمهور، الذي حضر لمشاهدة معركة عمالقة، وجد نفسه يشاهد مشهداً مؤلماً: بطل يتهاوى بصمت.
في غضون 23 دقيقة فقط، وعندما كانت النتيجة تشير إلى تقدم ساحق لغريمه ألكاراز بـ 5-0، انهار كل شيء.
جلس سينر على كرسيه، وألقى نظرة اعتذار إلى الطبيب، ثم نطق بالكلمات التي أنهت المباراة وأثارت القلق. لم يكن هذا انسحاباً عادياً، بل كان إعلان استسلام جسد لا يطاوع صاحبه.
بين اعتذار البطل وتضامن الغريم
اللقب لم يكن له طعم الانتصار. فبعد أن سقط سينر، بدا وكأن الهواء قد خرج من الملعب. ألكاراز، الذي حاز على الكأس، لم يكن يحتفل.
كانت كلماته أقرب إلى العزاء منها إلى الفرح: “لم أكن أرغب في الفوز بهذه الطريقة.
أنت بطل عظيم وستعود أقوى، كما كنت دائمًا. هذا ما يفعله الأبطال العظماء، وأنت كذلك”.
وفي المقابل، لم يفكر سينر في خسارته، بل في جمهوره. قال بوضوح بدا عليه التعب: “أعتذر عن خيبة الأمل، لكن هذا يحدث أحياناً.
” كانت كلماته بمثابة رسالة مباشرة لكل من تعلق بآماله، وهي رسالة بليغة تظهر الجانب الإنساني الخفي وراء الألقاب والمجد.
الآن، وبعد هذه النهاية المفاجئة، السؤال الأهم يفرض نفسه بقوة: هل هذا الانهيار الجسدي مجرد عثرة عابرة، أم أنه يهدد مشاركة سينر في بطولة أمريكا المفتوحة، آخر وأهم بطولات الموسم؟ الجواب يحمل في طياته شغفً وحيرةً، وسيكشف لنا عما يخبئه القدر لهذا البطل.