تحليل معمق: زيارة معاون رئيس الأركان الليبي إلى إيطاليا ودورها في بناء قدرات الجيش الليبي
في خطوة مهمة على صعيد التعاون العسكري الدولي، قام معاون رئيس الأركان العامة الليبي بزيارة إلى إيطاليا بتاريخ 15 يوليو 2025، حيث التقى برئيس الأركان العامة للجيش الإيطالي.
هذا الاجتماع لا يُعد مجرد لقاء بروتوكولي، بل يمثل نقطة محورية في تعزيز قدرات الجيش الليبي وإعادة بنائه، مع إبراز الدور الاستراتيجي الذي تلعبه إيطاليا في هذا المسعى.
أهمية نتائج هذا الاجتماع: بناء جيش ليبي حديث وفعال
تناول اللقاء العديد من مواضيع التعاون المشترك، وعلى رأسها ملف التدريب والمساعي الجادة لـرفع قدرات منتسبي الجيش الليبي من خلال عمل لجنة التعاون العسكري الليبي الإيطالي. هذه النقاط تحمل في طياتها نتائج بالغة الأهمية لمستقبل ليبيا:
. تأهيل الكوادر العسكرية:
يمثل التدريب حجر الزاوية في بناء أي جيش حديث وفعال. فمع سنوات من الانقسام والتحديات الأمنية، تبرز الحاجة الماسة إلى إعادة تأهيل وتدريب منتسبي الجيش الليبي وفق أحدث المعايير العسكرية.
هذا يشمل التدريب النظري والعملي على استخدام المعدات، التكتيكات الحديثة، القيادة، وإدارة العمليات.
. توحيد المؤسسة العسكرية:
من خلال برامج التدريب المشتركة والتعاون العسكري، يمكن لهذه اللقاءات أن تسهم بشكل غير مباشر في عملية توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
فالتدريب الموحد يخلق ثقافة عسكرية مشتركة ويعزز الانضباط والاحترافية، مما يقلل من الانقسامات الداخلية.
. تعزيز الاحترافية والكفاءة:
رفع قدرات الجيش الليبي يعني ليس فقط تزويده بالأسلحة، بل الأهم هو بناء جيش احترافي قادر على حماية الحدود، مكافحة الإرهاب، وضمان الأمن الداخلي بفعالية ودون الانخراط في الصراعات السياسية.
هذا التدريب سيقلل من الحاجة للاتكال على الميليشيات ويعزز سيادة الدولة.
. الاستقرار الإقليمي:
جيش ليبي قوي وموحد يمثل عامل استقرار ليس لليبيا وحدها، بل للمنطقة بأسرها. فهو يساهم في مكافحة التهديدات المشتركة مثل الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، والتي تؤثر على دول الجوار وحوض المتوسط.
إيطاليا: شريك استراتيجي في إعادة بناء الجيش الليبي
يبرز هذا الاجتماع الدور المحوري الذي تلعبه إيطاليا كـشريك استراتيجي لليبيا في مجال الدفاع والأمن.
إن وجود “لجنة التعاون العسكري الليبي الإيطالي” يؤكد على العلاقة المؤسسية والالتزام طويل الأمد.

. بعد تاريخي وجغرافي:
تجمع إيطاليا وليبيا علاقات تاريخية وجغرافية عميقة. فالبحر الأبيض المتوسط يربطهما، مما يجعل أمن واستقرار ليبيا ذا أهمية قصوى للأمن القومي الإيطالي، خاصة فيما يتعلق بملفات الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب.
. الدعم الفني واللوجستي: إيطاليا، بامتلاكها جيشاً حديثاً وخبرات واسعة في التدريب والتأهيل، تُعد شريكاً مثالياً لليبيا.
يمكنها تقديم الدعم الفني، توفير برامج تدريب متخصصة في مختلف التخصصات العسكرية، وتبادل الخبرات اللوجستية والتقنية.
. تعزيز العلاقات الثنائية: هذا التعاون العسكري يُضاف إلى مجالات التعاون الأخرى (الاقتصادية، الثقافية) ويعزز الشراكة الشاملة بين البلدين. إنه يعكس ثقة متبادلة ورغبة في العمل معًا لمواجهة التحديات المشتركة.
. التأثير الإقليمي:
دعم إيطاليا لبناء الجيش الليبي يسهم في تعزيز دورها كقوة إقليمية فاعلة في منطقة المتوسط وشمال أفريقيا، ويؤكد التزامها باستقرار المنطقة.
خلاصة: استثمار في الأمن والمستقبل
إن زيارة معاون رئيس الأركان الليبي إلى إيطاليا ونتائجها تمثلان استثماراً حقيقياً في مستقبل ليبيا وأمنها.

فمن خلال التعاون المكثف في مجال التدريب ورفع القدرات، تسعى ليبيا لبناء جيش وطني موحد واحترافي، قادر على الاضطلاع بمهامه في حماية البلاد وضمان استقرارها.
وفي هذا المسعى، تبرز إيطاليا كشريك لا غنى عنه، ملتزم بدعم ليبيا في تحقيق الأمن والازدهار