“لا تُلقوا اللآلئ على الخنازير”: روسيا وإيطاليا في معركة “إلغاء الثقافة” حول مايسترو بوتين

"لا تُلقوا اللآلئ على الخنازير": روسيا وإيطاليا في معركة "إلغاء الثقافة" حول مايسترو بوتين

شهدت العلاقات الروسية الإيطالية تصعيدًا غير مسبوق، ليس بسبب السياسة أو الاقتصاد، بل بسبب حفل موسيقي أُلغي!

ففي قلب الجدل تكمن شخصية المايسترو الروسي فاليري جيرجييف، المحسوب على الرئيس بوتين  الذي تحول إلغاء حفله في القصر الملكي بكاسيرتا إلى شرارة لمعركة ثقافية ودبلوماسية عكست انقسامات عميقة ومفاهيم متضاربة حول الفن والسياسة.

جَدل “إلغاء الثقافة”: صواريخ زاخاروفا وميدان “إكس

لم تتردد المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في إطلاق تصريحات نارية، واصفةً قرار إيطاليا بـ “محاولة تمييزية لمحو الثقافة” و”استهزاء بالإنجيل”. اقتباسها الصادم: لا تُعطوا المقدسات للكلاب، ولا تُلقوا جواهركم أمام الخنازير، والذي نشرته وكالة تاس، كان بمثابة قفاز تحدٍ، أثار موجة من الغضب والاستهجان، ليس فقط في إيطاليا بل في دول غربية أخرى اعتبرت ما حدث “خطأً فادحاً”.

لم يقف الجدل عند التصريحات الرسمية. فساحة “إكس” (تويتر سابقاً) كانت مرآة للجَدَل الدائر، حيث تبادل الأطراف الاتهامات بشكل مباشر.

زاخاروفا نددت بـ”حملة اضطهاد غير مسبوقة” ضد جيرجييف، ونسّبتها إلى “النازيين الجدد الأوكرانيين والسياسيين المعادين لروسيا”. وذهبت أبعد من ذلك، متهمةً مؤيدي إلغاء الحفل بأنهم خططوا لـ”شراء جميع التذاكر لتخريب الفعالية بتظاهرة مفاجئة استفزازية”، وأنهم كانوا “يتوقعون وصول بلطجية النازية الجديدة في حافلات”.

الرد الإيطالي: بيتشيرنو تصف “الهراء” وتؤكد “قوة الشعب

لم تتأخر الأصوات الإيطالية في الرد. النائبة الإيطالية في البرلمان الأوروبي، بينا بيتشيرنو، كانت من أوائل من انبرى للرد على زاخاروفا مباشرةً على “إكس”.

في تعليقها، الذي جاء رداً على منشور وكالة تاس، وصفت تصريحات زاخاروفا بـ”الهراء” الذي لا يبرره التوتر، وشددت على أن الشعب الإيطالي “قوي ومرن، ولا ينحني أمام سفراء الأنظمة الإجرامية”.

تعليق بيتشيرنو يعكس بوضوح الغضب الإيطالي من وصفهم بأنهم “أتباع بانديرا” أو “مؤيدو النازية الجديدة”.

لماذا أُلغي الحفل؟ تداعيات عالمية على المايسترو

لم يكن إلغاء حفل جيرجييف في كاسيرتا قراراً فردياً. جاء هذا الإلغاء إثر عريضة ضمت أكثر من 16 ألف توقيع، واحتجاجات قوية من مواطنين أوكرانيين وجمعيات ومنظمات ثقافية.

هذه الحادثة ليست معزولة، فقد فُصل جيرجييف من إدارة أوركسترا ميونيخ الفيلهارمونية، وأُلغيت العديد من عروضه الأخرى في مسارح أوروبية ودولية كبرى مثل لا سكالا في ميلانو وقاعة كارنيجي في نيويورك.

كما فُرضت عليه عقوبات من كندا ومنع من دخول البلاد.

تُظهر هذه التداعيات أن القضية تتجاوز مجرد حفل موسيقي، لتمس حدود الحرية الفنية، دور الفنان في الصراعات السياسية، ومسؤولية المؤسسات الثقافية.

تشايكوفسكي “دعاية للقيم”؟

المثير في الجدل هو اتهام زاخاروفا لوزير الثقافة الإيطالي، أليساندرو جولي، بوصفه أداء السيمفونية الخامسة لتشايكوفسكي بـ”الدعاية الروسية”.

ردت زاخاروفا على ذلك بالقول إن “أداء أعمال تشايكوفسكي هو دعاية للقيم التقليدية الخالدة التي تدافع عنها روسيا حول العالم: الحب، والخير، والحقيقة، والعدالة”. هذا الجدل حول ما إذا كانت الموسيقى الكلاسيكية يمكن أن تُعتبر “دعاية” يُلقي بظلاله على العلاقة المعقدة بين الفن، الوطنية، والصراع الدولي.

إن ما حدث في كاسيرتا ليس مجرد إلغاء حفل، بل هو نقطة تحول تعكس مدى عمق الانقسام بين روسيا والغرب، حيث أصبح الفن ساحة أخرى للصراع، وتتحول “اللآلئ” الموسيقية إلى وقود لجدل دبلوماسي وسياسي لا يهدأ.

المزيد من الكاتب

صدمة الحكمة: ناميبيا تفخر باختيار أنسينو لإدارة نهائي كأس أمم أفريقيا للسيدات

ترامب ضد هارفارد: فصل جديد في الملحمة.. تحقيق في “تأشيرات الطلاب الأجانب” يُشعل الصراع!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *