تحديث مستمر: الشرق الأوسط يشتعل.. السويداء تهدأ على أنقاض 1000 قتيل، دمشق بين سوء التفاهم الإسرائيلي-الأمريكي، وغزة تنتظر بصيص أمل
آخر تحديث: 21 يوليو 2025، الساعة 9:55 صباحاءً بتوقيت طرابلس (غرينتش+2)
المنطقة على صفيح ساخن.. عاصفة طائفية تضرب سوريا وتجذب تدخلات دولية معقدة
في 16 يوليو 2025، انقلبت الطاولة في الشرق الأوسط. لم يكن يوماً عادياً، بل كان سلسلة متلاحقة من الأحداث التي أعادت رسم خرائط التوتر في المنطقة بأسرها، وخلقت مشهداً درامياً تتقاطع فيه خطوط النار مع صرخات المدنيين.

من دمشق التي تلقت ضربات لم تشهدها منذ زمن، إلى جنوب سوريا حيث تتشابك مصائر الدروز مع تدخلات إسرائيل، ووصولاً إلى غزة التي لا تزال تنزف تحت وطأة أزمة إنسانية عميقة.

القوى الإقليمية والدولية تتفاعل في مشهد معقد يثير القلق ويفتح الباب أمام تساؤلات حاسمة حول مستقبل الاستقرار.
ما أشعل الفتيل هذه المرة ليس فقط صراع دولي، بل موجة جديدة من العنف الطائفي المميت تهز سوريا، وتسلط الضوء على هشاشة المشهد الأمني في البلاد، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة الجديدة بقيادة الجهادي السابق أحمد الشرع فرض سلطتها على المنطقة المقسمة.
في يوم الأحد 13 يوليو، أشعل اختطاف تاجر من الأقلية الدرزية أياماً من الاشتباكات الدامية بين أبناء الطائفة الدرزية ومقاتلين بدو سنة في جنوب سوريا.

هذا العنف الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 940 شخصاً، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، يعيد إلى الأذهان صراعات سابقة كقتال أبريل ومايو بين الدروز وقوات الأمن، أو حتى مقتل المئات من العلويين في مارس.
الاضطرابات العنيمة، بالإضافة إلى الضربات الإسرائيلية المكثفة، أعادت المخاوف من انهيار أمني شامل في سوريا التي لم تفق بعد من تداعيات عقد من الحرب الأهلية وسيطرة المتمردين الإسلاميين على دمشق في ديسمبر 2024.
الاشتباكات الأخيرة في السويداء أسفرت عن مقتل المئات وتهدد بانهيار عملية الانتقال الهشة أصلاً في سوريا.
وقد تسببت في سلسلة من الهجمات الطائفية المستهدفة ضد الدروز، تلتها هجمات انتقامية ضد البدو، ما أدى إلى نزوح ما يقرب من 128,571 شخصًا، منهم 43,000 في يوم السبت وحده
ملخص التحديثات الرئيسية ليوم 20 يوليو 2025:
في الساعات الأخيرة، شهدت الأحداث في السويداء تحولاً ملفتاً. بعد أسبوع من الجحيم الذي أودى بحياة أكثر من 1000 شخص وشرد 128 ألفاً آخرين، عادت الهدنة الهشة لتفرض نفسها على محافظة السويداء. القوات الحكومية انتشرت في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس المؤقت أحمد الشرع، فيما بدأت أول قافلة مساعدات إنسانية بالدخول إلى المدينة المنكوبة.

لكن الهدوء الميداني لا يخفي حقيقة أن هذه الهدنة تواجه تحديات جسيمة. فالمصادر تؤكد أن الحكومة السورية أخطأت في فهم رسالة الولايات المتحدة وإسرائيل حول نشر قواتها جنوباً، مما أدى إلى ضربات إسرائيلية غير متوقعة في دمشق والسويداء.
هذه الضربات، التي استهدفت حتى القصر الرئاسي ومبنى وزارة الدفاع، كشفت عن فجوة خطيرة في التواصل بين الأطراف الفاعلة.
إسرائيل من جانبها، أعلنت عن إرسال مساعدات إنسانية للدروز في السويداء، مؤكدةً على دورها في “حماية إخوتها”. هذا التحرك، رغم كونه إنسانياً ظاهرياً، يثير تساؤلات حول نواياها الحقيقية في المنطقة ويزيد من تعقيد المشهد السياسي.
في هذه الأثناء، تستمر الأمم المتحدة في إطلاق تحذيراتها بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتدخل إسرائيل في نزاع مع المنظمة الأممية عبر سحب تأشيرات كبار مسؤوليها، مما يعكس تصاعد التوتر على جبهات متعددة.
الشرع يحاول لملمة الشتات ويدعو لوحدة الصف، بينما تلوح في الأفق مخاوف حقيقية من تقسيم سوريا في ظل تصاعد العنف الطائفي وانعدام الثقة بين الأقليات والقيادة الجديدة.
المنطقة بأسرها على حافة الهاوية، والأسابيع القادمة ستحمل في طياتها مصير الاستقرار الهش في الشرق الأوسط.
السويداء: مدينة محترقة ووعود الشرع تتصادم مع واقع الأرض
19يوليو 2025 – السويداء، سوريا: قبل ساعات قليلة، أعلن الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقفاً فورياً لإطلاق النار، لكن التطورات الميدانية في السويداء كشفت عن صورة مختلفة تماماً.
البدو ومقاتلو العشائر المتحالفون مع السلطات السورية تقدموا غرب المدينة ذات الأغلبية الدرزية، في تحدٍ واضح لقرار وقف إطلاق النار.

شهود العيان ومراسلو وكالة فرانس برس رسموا صورة مفزعة لما يحدث على الأرض. تصاعد الدخان من منازل محترقة في السويداء يوم السبت، وشوهد مسلحون يشعلون النار في المتاجر بعد نهبها.
المقاتل أبو جاسم، مخاطباً زملاءه المقاتلين، صرخ: “تقدموا يا قبائل! سنذبحهم في منازلهم“، في إشارة صريحة إلى الدروز.
توافد مقاتلو العشائر على السويداء من مناطق أخرى في سوريا لدعم البدو الذين يشتبكون مع المقاتلين الدروز منذ 13 يوليو.
تجاوزت أعمال العنف كل التوقعات، حيث أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 940 شخصاً، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وشاهد مراسل وكالة فرانس برس عشرات المنازل والمركبات المحترقة، ومسلحين يشعلون النار في المتاجر بعد نهبها.
بعض المقاتلين، وهم ملثمون، أطلقوا النار في الشوارع من أسلحة آلية، بينما تنقل آخرون على متن مركبات ودراجات نارية.
مشهد صادم آخر تضمن مقاتلاً يحمل مقصاً، بعد أن أظهرت لقطات في الأيام الأخيرة مقاتلين يقصون شوارب كبار السن ورجال الدين الدروز، في إهانة بالغة لأفراد هذه الأقلية.

مدينة السويداء، التي يقطنها حوالي 150 ألف نسمة، تحولت إلى مدينة أشباح، حيث تحصن السكان في منازلهم دون كهرباء وماء.
ورغم النداءات المتكررة للمساعدة الإنسانية، لا تزال الإمدادات الغذائية شحيحة، كما انقطعت الاتصالات بشكل كبير.

مصور لوكالة فرانس برس كشف أن بالقرب من المستشفى الرئيسي في المدينة، تُنقل الجثث المنتفخة لدفنها في حفرة قريبة، بينما كانت المشرحة تعجّ بالجثث، وصرح طبيب أن المنشأة استقبلت أكثر من 400 جثة.
رغم أن قوات الأمن انتشرت يوم السبت في المحافظة بهدف معلن هو حماية المدنيين وإنهاء الفوضى، إلا أن مراسل وكالة فرانس برس شاهد قوات حكومية تنتشر عند نقطة تفتيش وتحاول عبثًا منع مقاتلي العشائر المسلحين من التقدم.
صرح المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، أن قوات الأمن تنتشر “لحماية الممتلكات العامة والخاصة وضمان أمن المدنيين”، مضيفاً أن القوات الحكومية “ستشرف على انسحاب العشائر التي كانت تخوض معارك مع الجماعات الخارجة عن القانون”، في إشارة إلى المقاتلين الدروز.
ووفقاً للأمم المتحدة، أدى القتال إلى نزوح ما لا يقل عن 87 ألف شخص. أحد سكان المدينة الذي فرّ قبل أيام قال: “لم يبقَ لنا شيء. معظم معارفنا – أقاربنا وأصدقاؤنا – ماتوا.
دُمّرت السويداء، ونحاول إبعاد عائلاتنا عنها حتى ينتهي هذا الجنون”.
تهدئة حذرة في السويداء بعد أسبوع دموي.. أكثر من ألف قتيل و128 ألف نازح
عاد الهدوء الحذر إلى محافظة السويداء جنوب سوريا اليوم الأحد، بعد أسبوع من القتال الطائفي العنيف الذي مزق المحافظة، وأودى بحياة أكثر من 1000 شخص، وتسبب في نزوح ما يزيد عن 128 ألفاً.
هذا الهدوء جاء بفضل وقف إطلاق نار هش أُعلن عنه يوم السبت، بعد أن فشلت اتفاقيات سابقة في إنهاء الصراع الدامي بين الدروز والبدو، والذي تصاعد ليشمل القوات الحكومية والفصائل الإسلامية والجيش الإسرائيلي.
المشهد في السويداء اليوم مختلف تماماً عن الأيام الماضية.
مراسلو وكالة فرانس برس على مشارف المدينة لم يسمعوا أي اشتباكات صباح الأحد، مع انتشار القوات الحكومية في بعض المواقع لتطبيق الهدنة.
وأفاد مسؤول في الهلال الأحمر بدخول أول قافلة مساعدات إنسانية إلى السويداء، في بصيص أمل للسكان المحاصرين.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، أعلن عن حصيلة محدثة ومروعة: أكثر من ألف قتيل منذ اندلاع العنف قبل أسبوع. من بين الضحايا، 427 مقاتلاً درزياً، و298 مدنياً من الأقلية الدرزية (194 منهم “أُعدموا ميدانياً على يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية”)، بالإضافة إلى 354 من أفراد الأمن الحكوميين، و21 بدوياً سُنياً (ثلاثة منهم مدنيون “أُعدموا ميدانياً على يد عناصر من الدروز“).
هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي حلت بالمنطقة. وأضاف المرصد أن 15 جندياً حكومياً آخرين قُتلوا في غارات إسرائيلية.
شهود عيان وفصائل درزية والمرصد اتهموا قوات الحكومة بالانحياز إلى البدو وارتكاب انتهاكات، بما في ذلك إعدامات ميدانية، عند دخولها السويداء قبل أيام. طبيبة تبلغ من العمر 39 عاماً، هنادي عبيد، صرحت لوكالة فرانس برس أن “المدينة لم تشهد هدوءًا كهذا منذ أسبوع”.
الشرع يعلن وقف إطلاق النار وتراجع مقاتلي العشائر
أعلنت وزارة الداخلية السورية ليلاً أن مدينة السويداء “أُخليت من جميع مقاتلي العشائر، وتوقفت الاشتباكات داخل أحياء المدينة”.
وكان المرصد قد أفاد بأن مقاتلين دروزاً استعادوا السيطرة على المدينة مساء السبت.
الرئيس المؤقت أحمد الشرع أعلن يوم السبت عن وقف إطلاق نار جديد في السويداء، وجدد تعهده بحماية الأقليات العرقية والدينية في سوريا في مواجهة أحدث أعمال العنف الطائفي منذ أن أطاح الإسلاميون بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول.

وصرح متحدث باسم مجلس العشائر والقبائل السوري لقناة الجزيرة مساء السبت أن المقاتلين غادروا المدينة “استجابةً لدعوة الرئاسة وبنود الاتفاق”.
كارثة إنسانية ووعود بالمساعدات: إسرائيل تتدخل إنسانياً وتثير الجدل
رغم الهدوء الميداني، الوضع الإنساني داخل السويداء لا يزال كارثياً.
أكد مسعف داخل السويداء لوكالة فرانس برس عبر الهاتف يوم الأحد أن “الوضع هادئ تماماً… ولا نسمع أي اشتباكات”. لكنه أضاف: “لم تدخل أي مساعدات طبية أو إغاثية حتى الآن”.
أكثر من 128 ألف شخص في محافظة السويداء نزحوا بسبب العنف، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للهجرة.
وداخل المدينة، حيث يعيش حوالي 150 ألف نسمة، تحصن السكان في منازلهم دون كهرباء وماء، كما أن الإمدادات الغذائية شحيحة.
في تطور لافت، أعلنت إسرائيل يوم الجمعة إرسال مساعدات إنسانية إلى سكان السويداء الدروز، نافيةً في الوقت نفسه التقارير التي تُفيد بشنها غارات جديدة على المنطقة خلال الليل.
وصرحت وزارة الخارجية في بيان لها: “على خلفية الهجمات الأخيرة التي استهدفت الدروز في السويداء والوضع الإنساني المتردي في المنطقة، أمر وزير الخارجية جدعون ساعر بنقل مساعدات إنسانية عاجلة إلى السكان الدروز في المنطقة”.
وأضافت الوزارة أن قيمة هذه المساعدات ستبلغ مليوني شيكل (حوالي 600 ألف دولار أمريكي)، وستشمل طرودًا غذائية ومستلزمات طبية.
أفادت إذاعة “كان” العامة أن إسرائيل سلمت مساعدات إنسانية ومعدات طبية إلى محافظة السويداء الليلة الماضية بالتنسيق مع الولايات المتحدة، التي نسقت بدورها مع الحكومة السورية.
وتقول هيئة البث الإسرائيلية إنها غير قادرة على تقديم أي معلومات إضافية حول كيفية تنفيذ العملية في هذا الوقت.
قالت وزارة الصحة الإسرائيلية مساء السبت إن قوات الأمن الإسرائيلية ستُسلم معدات طبية وأدوية إلى مستشفى في السويداء تضرر بشدة خلال أعمال العنف الطائفي الدامية، بمجرد حصولها على الموافقة اللازمة من جميع الجهات المعنية.
وقال وزير الصحة أورييل بوسو تعليقًا على هذا القرار: “إن أخوتنا مع الطائفة الدرزية معروفة، ولكن أبعد من ذلك، نحن ملتزمون بـ “عهد الحياة”.
لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي عندما يكون أفراد الطائفة – داخل إسرائيل أو خارجها – في خطر”.
هذا التدخل الإنساني الإسرائيلي يأتي في سياق معقد. فإسرائيل تصف حكام سوريا الجدد بأنهم جهاديون متخفون، وتعهدت بحماية الدروز في المنطقة من الهجمات، مدفوعة بدعوات من الأقلية الدرزية في إسرائيل.
يبدو أن انعدام ثقتها العميق بالقيادة السورية الجديدة التي يقودها الإسلاميون يتعارض مع الولايات المتحدة، التي قالت إنها لم تدعم الضربات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا.
سوريا أخطأت في حساباتها: "ضوء أخضر" أم سوء فهم كارثي؟
ظنت الحكومة السورية خطأً أنها حصلت على الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل لنشر قوات في السويداء، وفقاً لما أفادت به ثمانية مصادر مطلعة لرويترز.
هذا الاعتقاد، الذي قاد إلى تصعيد خطير وتدخل عسكري إسرائيلي، استند إلى رسالة أمريكية مفادها أن سوريا يجب أن تُحكم كدولة مركزية، بالإضافة إلى محادثات أمنية ناشئة مع إسرائيل.

على الرغم من أشهر من التحذيرات الإسرائيلية بعدم إرسال قوات جنوباً، فإن مراسلات المسؤولين السوريين مع الولايات المتحدة دفعت دمشق إلى الاعتقاد بإمكانية نشر قواتها دون إثارة مواجهة مع الجيش الإسرائيلي.
هذا سوء التقدير فاجأ القيادة السورية، التي يقودها الإسلاميون، عندما نفذت إسرائيل ضربات على القوات السورية وعلى دمشق يوم الأربعاء، بعد اتهام القوات الحكومية بقتل العشرات في مدينة السويداء الدرزية.
المصادر، التي شملت مسؤولين سياسيين وعسكريين سوريين ودبلوماسيين ومصادر أمنية إقليمية، أكدت أن الفهم السوري استند إلى تعليقات علنية وخاصة من المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، الذي دعا إلى إدارة سوريا مركزيًا كـ “دولة واحدة” دون مناطق حكم ذاتي. هذا الفهم لم يُعلن عنه سابقاً.
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وصف التصعيد بأنه “سوء تفاهم” بين إسرائيل وسوريا، حيث تدخلت الولايات المتحدة وجهات أخرى بسرعة لتأمين وقف إطلاق النار بحلول مساء الأربعاء.
مصدر سوري ومصدر غربي مطلع على الأمر أشارا إلى أن دمشق تعتقد أن المحادثات مع إسرائيل التي جرت الأسبوع الماضي في باكو أسفرت عن تفاهم بشأن نشر قوات في جنوب سوريا لإخضاع السويداء لسيطرة الحكومة.
من جانبه، قال جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن الرئيس المؤقت أحمد الشرع قد بالغ في تقدير موقفه.

وأضاف: “يبدو أن هيئة أركانه العسكرية أساءت فهم الدعم الأمريكي. كما أساءت فهم موقف إسرائيل من جبل الدروز (في السويداء) من محادثاتها مع إسرائيل في باكو”، معتبراً أنهم “اعتبروها موافقة”.
مسؤول عسكري سوري أكد أن المراسلات مع الولايات المتحدة دفعت دمشق إلى الاعتقاد بإمكانية نشر قوات دون مواجهة إسرائيلية، مشيراً إلى أن المسؤولين الأمريكيين لم يردوا عندما أُبلغوا بخطط النشر، مما دفع القيادة السورية إلى الاعتقاد بأنه تمت الموافقة عليها ضمنياً و”أن إسرائيل لن تتدخل”.
دبلوماسي مقيم في دمشق أضاف أن السلطات السورية كانت “مفرطة الثقة” في عمليتها للسيطرة على السويداء، “بناءً على رسائل أمريكية اتضح أنها لا تعكس الواقع”.
تداعيات سوء الفهم: دماء في السويداء وتهديد بتقسيم سوريا
أدى هذا الفهم الخاطئ إلى عواقب وخيمة. دخلت قوات الأمن السورية مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في 15 يوليو 2025، عقب اشتباكات بين قبائل بدوية ومقاتلين دروز.
وقُتل ما لا يقل عن 594 شخصاً في عدة أيام من القتال بين القوات الحكومية والجماعات البدوية، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
كما أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي جماعة رصد مستقلة، ذكرت يوم الجمعة أن عدد القتلى جراء العنف وصل إلى 321 شخصاً على الأقل، من بينهم كوادر طبية ونساء وأطفال، مع إعدامات ميدانية من جميع الأطراف.
مسؤول خليجي كبير صرح بأن دمشق ارتكبت “خطأً فادحًا” في تعاملها مع السويداء، قائلاً إن قواتها ارتكبت انتهاكات شملت قتل الدروز وإذلالهم. وأضاف المسؤول الخليجي ومصدر آخر أن طبيعة العنف منحت إسرائيل فرصة للتحرك بقوة.

الشرع، على ما يبدو، قد فهم تصريحات باراك ضد الفيدرالية في سوريا على أنها “تعني أن الحكومة المركزية يمكنها فرض إرادتها على الأقلية الدرزية بالقوة”.
هذا التفسير، إلى جانب انعدام الثقة المتزايد بحكومة الشرع بين الأقليات، دفع مسؤولاً خليجياً كبيراً للتصريح بوجود “مخاوف حقيقية من أن سوريا تتجه نحو التقسيم إلى دويلات”.
مصدر استخباراتي إقليمي أشار إلى أن الشرع لم يكن مسيطراً على الأحداث على الأرض بسبب افتقاره إلى جيش منضبط واعتماده بدلاً من ذلك على خليط من الميليشيات، غالبًا ما تكون ذات خلفية في التشدد الإسلامي.
وفي أعمال عنف طائفية سابقة في المنطقة الساحلية السورية في مارس، قُتل مئات الأشخاص من الأقلية العلوية على يد قوات متحالفة مع الشرع.
إسرائيل تتدخل: حماية الدروز ودفع "المهاجمين الجهاديين"
اندلعت اشتباكات عنيفة بين مقاتلين دروز وقبائل بدوية سنية في مدينة السويداء جنوب سوريا ليلاً، مما هدد بتقويض هدنة هشة بعد يوم واحد فقط من انسحاب القوات الحكومية السورية.
الغارة الإسرائيلية على دمشق: مفاجأة يومية في الواقع.
وكانت إسرائيل قد شنت غارات جوية على القوات السورية في وقت سابق من هذا الأسبوع، وحذرت من أنها لن تسمح لدمشق بنشر قواتها في المناطق ذات الأغلبية الدرزية.
صرح مسؤول إسرائيلي يوم الجمعة بأن إسرائيل وافقت على السماح بدخول محدود للقوات السورية إلى منطقة السويداء جنوب سوريا خلال اليومين المقبلين، وذلك بعد أيام من إراقة الدماء. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، للصحفيين: “في ضوء استمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا، وافقت إسرائيل على السماح بدخول محدود لقوات الأمن الداخلي (السورية) إلى محافظة السويداء خلال الـ 48 ساعة القادمة”.
إسرائيل تقصف دمشق عبر قناة تلفزيونية مباشرة،16 يوليو 2025 الهجوم على الحي العام للجيش السوري يرد على هجوم انتقامي من جبان غير مبالٍ.
رفض مكتب نتنياهو التعليق ردًا على أسئلة رويترز.
لكن إسرائيل أعلنت يوم الجمعة إرسال مساعدات إنسانية إلى سكان السويداء الدروز، نافيةً في الوقت نفسه التقارير التي تُفيد بشنها غارات جديدة على المنطقة خلال الليل.
وقالت وزارة الخارجية في بيان لها: “على خلفية الهجمات الأخيرة التي استهدفت الدروز في السويداء والوضع الإنساني المتردي في المنطقة، أمر وزير الخارجية جدعون ساعر بنقل مساعدات إنسانية عاجلة إلى السكان الدروز في المنطقة”.
إسرائيل تصف حكام سوريا الجدد بأنهم جهاديون متخفون، وتعهدت بحماية الدروز في المنطقة من الهجمات، مدفوعةً بدعوات من الأقلية الدرزية في إسرائيل.
يبدو أن انعدام ثقتها العميق بالقيادة السورية الجديدة التي يقودها الإسلاميون يتعارض مع الولايات المتحدة، التي قالت إنها لم تدعم الضربات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا.
مخاطر الحدود الإسرائيلية-السورية في ظل التوترات
في ظل هذه الأحداث، تبرز تساؤلات حول أمن إسرائيل على طول الحدود مع سوريا.
مع انتشار التقارير عن تورط جيش الدفاع الإسرائيلي في محافظة السويداء السورية خلال الأسبوع الماضي، وكيف اخترق مئات الدروز الإسرائيليين الحدود – بشكل متكرر في بعض الأحيان – فإن هذا يشير إلى أن الحدود أصبحت أكثر مسامية وهشاشة.

إن القدرة على اختراق الحدود بهذه السهولة، حتى لو كانت لأسباب إنسانية أو لمساعدة الأقارب، تثير مخاوف أمنية كبيرة لإسرائيل، خاصة في ظل وجود فصائل مسلحة متنوعة على الجانب السوري وعدم استقرار الوضع الأمني.
مواقف دولية متضاربة: أمريكا "لم تدعم" الضربات، وإسرائيل تعاقب مسؤولي الأمم المتحدة
الساحة الدولية منقسمة أكثر من أي وقت مضى:
. المحكمة الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل سحب مذكرات التوقيف بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها السابق، لتؤكد أنهم ما زالوا مطلوبين بتهم جرائم حرب.
. الاتحاد الأوروبي يتعرض لانتقادات حادة لفشله في تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، وهو فشل رحبت به الحكومة الإسرائيلية، معتبرة إياه “إنجازاً سياسياً كبيراً”.
. في المقابل، 12 دولة ضمن “مجموعة لاهاي” تتبنى تدابير تشمل حظر الأسلحة على إسرائيل، معلنةً بوضوح أن “عهد إفلات إسرائيل من العقاب قد انتهى“.
. المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي لم تتوانَ عن الدعوة إلى “عزل إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية“، مؤكدةً أن “اقتصاد إسرائيل مُصمم لدعم الاحتلال، الذي أصبح الآن إبادة جماعية”.
ألبانيزي كشفت أيضاً أن “عقوبات فرضت ضدي لأنني كشفتُ عن اقتصاديات الإبادة الجماعية في غزة“.
. الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أطلق تصريحاً نارياً، واصفاً حكومة نتنياهو بأنها “أكبر تهديد للبشرية“.

. في الضفة الغربية، دعا السفير الأمريكي لدى إسرائيل للتحقيق في وفاة شاب فلسطيني أمريكي يُزعم أنه تعرض للضرب حتى الموت على يد مستوطنين في الضفة الغربية، مما يثير أسئلة حول حماية المدنيين.
. حتى على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، انسحب حزب شاس المتشدد من الحكومة، ليزيد من هشاشة الائتلاف الحاكم، لكن المؤشرات لا تدل على انتخابات مبكرة في الأفق القريب.
وعلى جبهة أخرى، تلوح في الأفق أزمة جديدة مع إيران، حيث حددت الولايات المتحدة، بالاتفاق مع حلفائها الأوروبيين، نهاية أغسطس موعداً نهائياً للتوصل إلى اتفاق نووي، وإلا ستفرض عقوبات أشد.

ولم تدعم الولايات المتحدة الضربات الإسرائيلية. المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أكدت أن “الولايات المتحدة لم تدعم الضربات الإسرائيلية الأخيرة”، وأن واشنطن تتواصل دبلوماسياً مع إسرائيل وسوريا على أعلى المستويات.
وفي فبراير، ذكرت رويترز أن إسرائيل ضغطت في البداية على الولايات المتحدة لإبقاء البلاد ضعيفة ولامركزية بعد سقوط الأسد.
في مايو، التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالشرع، وقال إنه سيرفع جميع العقوبات الأمريكية، وحثّ إسرائيل على التواصل مع دمشق، على الرغم من أن جزءاً كبيرًا من المؤسسة السياسية الإسرائيلية لا يزال متشككاً في القيادة السورية الجديدة.

حتى المستثمرون الأمريكيون في سوريا تفاجئوا.
فقبل ساعات من الضربة الإسرائيلية للعاصمة يوم الأربعاء، وصل مسؤولون تنفيذيون من ثلاث شركات طاقة أمريكية إلى دمشق لحضور يوم من الاجتماعات.
صرح الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت للغاز الطبيعي المسال، جوناثان باس، لرويترز بأنه تلقى طمأنة كافية من واشنطن بأن العنف الدائر في السويداء لن يتصاعد إلى دمشق.
كانوا يعرضون مشروع طاقة على وزير المالية السوري عندما ضربت إسرائيل، مما ألحق أضراراً جسيمة بمبنى وزارة الدفاع.
وفي تطور آخر، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنه أمر وزارة الخارجية بعدم تمديد تأشيرة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، جوناثان ويتال. ساعر برر القرار قائلاً: “لكل مؤامرة حدود.
في أعقاب سلوك متحيز وعدائي ضد إسرائيل – والذي شوّه الحقائق، وقدم تقارير مزورة، وشوه سمعة إسرائيل، بل انتهك قواعد الحياد الخاصة بالأمم المتحدة – ووفقاً لتوصيات الهيئات المهنية، أصدرتُ تعليماتي بعدم تمديد تأشيرة رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في إسرائيل، جوناثان ويتال”.
هذا القرار يأتي في سياق رفض إسرائيل تجديد تأشيرات لعدد من مسؤولي الأمم المتحدة العاملين في غزة، متهمةً إياهم بالتحيز وعلاقاتهم بحماس
الأمم المتحدة: دعوات للمساءلة والعدالة وعقوبات على مسؤوليها
دعا رئيس مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة السلطات السورية المؤقتة إلى ضمان المساءلة والعدالة بشأن عمليات القتل وانتهاكات الحقوق في المدينة الجنوبية، قائلاً إنه تلقى تقارير موثوقة عن انتهاكات واسعة النطاق للحقوق.
وشمل ذلك تقارير عن إعدامات ميدانية واختطافات وتدمير ممتلكات خاصة على يد قوات الأمن وأفراد مرتبطين بالسلطات السورية المؤقتة، بالإضافة إلى عناصر مسلحة أخرى، بما في ذلك الدروز والبدو، وفقاً لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
وقال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان، في بيان: “يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وأن تكون حماية جميع الناس الأولوية القصوى، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان”.

وفي تطور آخر، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنه أمر وزارة الخارجية بعدم تمديد تأشيرة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، جوناثان ويتال.
ساعر برر القرار قائلاً: “لكل مؤامرة حدود. في أعقاب سلوك متحيز وعدائي ضد إسرائيل – والذي شوّه الحقائق، وقدم تقارير مزورة، وشوه سمعة إسرائيل، بل انتهك قواعد الحياد الخاصة بالأمم المتحدة – ووفقاً لتوصيات الهيئات المهنية، أصدرتُ تعليماتي بعدم تمديد تأشيرة رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في إسرائيل، جوناثان ويتال”.
هذا القرار يأتي في سياق رفض إسرائيل تجديد تأشيرات لعدد من مسؤولي الأمم المتحدة العاملين في غزة، متهمةً إياهم بالتحيز وعلاقاتهم بحماس.
رسالة الهجري إلى الشرع: دعوة للحوار وبناء "سوريا المستقبل"
بعيداً عن جبهات القتال، وفي مبادرة تحمل طابعاً سياسياً وإنسانياً، وجه زعيم طائفة الموحدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، رسالة إلى رئيس الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في 7 يناير 2025.

طالب الهجري في مقابلة خاصة مع قناة “سكاي نيوز عربية” بـ”الحوار المشترك من أجل تجاوز المرحلة الانتقالية في البلاد”.
عند سؤاله عن رسالته للشرع، أجاب الهجري: “التشاركية في الحوار والأفكار حتى نقدر تجاوز المرحلة الانتقالية بنجاح وتأمين المرحلة المقبلة التي يجب أن تكون أكثر دقة والقاعدة المتينة لبناء سوريا المستقبل”.

وأضاف أن “سوريا ستبقى جميلة وما تعرضت له خلال عقود من الزمن من طرف النظام البائد هو درس لكل السوريين والآن عادت الأمور إلى قواعدها الأصيلة.. والسقوط المفاجئ للنظام بدون خسائر هو معجزة من الله تكريما للشعب السوري”.
كشف الهجري عن بدء التواصل مع الإدارة الجديدة بشكل شفاف منذ سقوط النظام، واصفاً اللقاءات بأنها “إيجابية كثيراً”. وفيما يخص تسليم السلاح، أكد الشيخ حكمت الهجري: “نحن أول من سيلتزم بتسليم السلاح للجيش السوري، وما زلنا نعمل لنصل إلى هذه المرحلة، ما نزال في بداية الطريق”. وأوضح أن “آمالنا هو هذا السلاح الموجود بين شبابنا مبدئياً، لأننا ما نزال في مرحلة اللا دولة ومرحلة ليس فيها استقرار”.
شدد الهجري على أن الدروز سيعملون “بكل مصداقية وشفافية مع الإدارة الجديدة، ونتمنى أن يتم التعامل معنا بنفس الأمر.. ويجب تجاوز هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة لبدء العمل الصحيح، وهو بناء الدولة”.

كما أكد أن طائفة الموحدين الدروز ستكون “أول المشاركين في الحوار الوطني، الذي يجب أن يكون مبنياً على أساس التشاركية السورية ومن خلال المختصين”، مشدداً على رفض “سياسة الأمر الواقع” واحترام “الحوار والتعاون”. ودعا إلى حوار شامل لكل الأطياف لتفادي الأخطاء.
وفيما يخص الفصائل الدرزية، كشف زعيم طائفة الموحدين الدروز: “قانونياً نعتبر الأمر إرهاباً ونحن ملتزمون بالقوانين الدولية.. لذلك وجهنا الشباب في الفصائل ليكونوا كتلة واحدة ويكونوا نواة للجيش السوري”، مضيفاً: “نحتاج لضبط السلاح في المستقبل بالمحافظة.. لم يعد لزاماً أن نرى السلاح في الشارع وهذه المظاهر يجب تجاوزها”.
ختاماً، عبر الشيخ حكمت الهجري عن تفاؤله وتعاونهم، متمنياً تبادل الأفكار وإيجاد صيغة حوارية بين كل المكونات السورية، في محاولة لرسم طريق نحو مستقبل أكثر استقراراً لسوريا.