سحر أسانتيوا يقود غانا إلى نصف نهائي كأس أمم غرب أفريقيا: رحلة خلاص تُكتب في التاريخ

تحت سماء بركان: ميلاد أسطورة كروية تنتظرها غانا!

تحت أشعة الشمس الحارقة في ملعب بركان، مساء السبت، لم تكن مجرد مباراة كرة قدم، بل كانت لوحة فنية ترسمها قدما غريس أسانتيوا، لاعبة خط الوسط الغانية.

كأنها ساحرة أوركسترا في قلب الميدان، تألقت أسانتيوا في جميع أنحاء الملعب بأداء ساحر ألهم “الملكات السود” للوصول إلى نصف نهائي كأس أمم غرب أفريقيا.

لم يكن هذا مجرد إنجاز رياضي؛ إنه خلاص طال انتظاره، عودة إلى الواجهة للمرة الأولى منذ عام 2016.

كانت تسع سنوات من الانتظار، تسع سنوات بفارغ الصبر حملت في طياتها رحلة عاطفية “طويلة من الشك، ثم الأمل، ثم الشك، ثم العودة إلى الأمل”.

أسانتيوا، التي كانت جزءاً من تشكيلة المنتخب في نسخة 2018 على أرضها وفشلت في تجاوز دور المجموعات، وجدت أخيراً ضالتها. وسط كل ذلك الألم والترقب، كان هناك شيء واحد لا يتزعزع: حب غانا.

هذا الحب هو ما دفعها، ودفع الفريق، نحو هذا الإنجاز التاريخي.

“أنا سعيدة جداً جداً. كنتُ أستعد لهذا، والغانيون أيضاً كانوا يستعدون له. كان علينا أن نبذل قصارى جهدنا.

حان الوقت لنفوز بكأس غرب أفريقيا. وأيضاً، كفرد، أريد الفوز بهذه البطولة. أريد أن يُكتب اسمي في كتب التاريخ في غانا، وفي أفريقيا، والعالم.

أنا سعيدة جداً، وأعلم أن الغانيين سعداء،” هكذا تشرح أسانتيوا بابتسامة عريضة تغمر وجهها، وهي تُغمض عينيها، وكأنها تستعيد لحظات الفرح هذه في مخيلتها، لتعبر عن عمق سعادتها التي تلامس الروح.

الخلاص من قائمة المهام: عندما يتحول الألم إلى وقود

كانت المباراة ضد الجزائر في ربع النهائي أكثر من مجرد مواجهة كروية؛ كانت معركة شخصية لغريس. تتذكر أسانتيوا بمرارة الألم – العاطفي والجسدي والنفسي – لفشلها في الوصول إلى أدوار خروج المغلوب قبل سبع سنوات.

كان رد الفعل في غانا عنيفاً، وشعرت أسانتيوا أن الكثيرين ابتعدوا عن الفريق، بمن فيهم أولئك الذين كانوا من أشد الداعمين.

ولكن كما يقولون، “الأشياء الجيدة تستغرق وقتاً”. تتذكر أسانتيوا لحظة رغبتها في الاستسلام، عندما فكرت “أردتُ ترك كرة القدم.

كان الأمر صعباً للغاية.” لكن صوت الأصدقاء والعائلة لم يخبُت، فنصحوها “بألا أستسلم”، وأكدوا دعمهم لها “مهما كانت الظروف”.

ولذلك، واصلتُ أسانتيوا لعب كرة القدم، “واصلتُ الاستعداد لعودتنا إلى كأس أمم غرب أفريقيا. بصراحة، هذا شعور رائع. أنا سعيدة.” هذه الكلمات تحمل في طياتها قصة إصرار وعودة قوية من حافة اليأس.

ومثل الملكة العظيمة أسانتيوا من إمبراطورية أشانتي [غانا حاليًا]، التي عُرفت بقائدتها الحربية التي قادت ملوك أشانتي في حرب الكرسي الذهبي دفاعاً عن سيادة شعبها وحمايتها، قادت غريس خط وسط “الملكات السود” بكل سحر وسيطرة، وأملت وتيرة اللعب طوال الوقتين الأصلي والإضافي.

في مرحلة ما، بدا الفريق أشبه بأوركسترا متناغمة؛ كانت غريس، قائدة الأوركسترا بداخلها، تُملي وتيرة اللعب، وتمرر التمريرات بتناغم مع جينيفر كودجو. لم تكن أسانتيوا صامدة بدون الكرة فحسب، بل ساهمت أيضاً في تشكيل أسلوب غانا ضد فريق جزائري عنيد وصلب لم يتلقَّ أي هدف في البطولة، لتثبت أن سحرها يكمن في قدرتها على الإلهام والتأثير في كل جوانب اللعب.

محرك خط الوسط وقائدة الجوقة: أداءٌ يُبهر المحللين

مع الكرة، كانت أسانتيوا أشبه بمحرك لا يكل؛ تمرر الكرة للأمام بدقة، إلى الأجنحة بذكاء، وتندفع للأمام نحو منطقة الـ 18 ياردة بحماس، مع مشاركتها المستمرة في التواصل بين الدفاع والهجوم.

كانت أسانتيوا لا تلين، وأداؤها كان سيبهر “خريطتها الحرارية العديد من محللي المباريات”، لما أظهرته من نشاط غير عادي وتغطية شاملة لأرض الملعب.

أعرب مدرب غانا، كيم لارس بيوركغرين، عن سعادته الغامرة بعد هذا الأداء الاستثنائي، قائلاً: “لقد كانت تُقدم أداءً أفضل في كل مباراة لعبناها.

يبدو أنه كلما كانت المباراة أكثر أهمية، ستُقدم أداءً أفضل. هذا مهم جداً لنا. لقد بذلت هي وكودجو جهداً كبيراً. عادةً، بالنسبة للاعب خط وسط مركزي، لا يُمكنك اللعب لمدة 90 دقيقة أو 120 دقيقة في ربع النهائي، لكنني لم أستطع استبعادهما لأنهما واصلتا اللعب وقدمتا أداءً رائعاً، وخاصةً غريس.” كلمات المدرب هذه ليست مجرد إشادة، بل هي شهادة على القوة الخارقة لـ”غريس” وقدرتها على الارتقاء لأقصى مستويات الضغط.

عزز التعادل السلبي عزيمتهن في ركلات الترجيح، حيث سجلت جوزفين بونسو، ودوريس بوادوا، وشانتيل بوي-هلوركا، وإيفلين بادو من ركلات الترجيح، ليضمنّ فوزاً مستحقاً للملكات السوداء بنتيجة 4-2.

وقد فازت غانا، التي خاضت مباراتين بركلات الترجيح في كأس غرب أفريقيا، بكليهما.

وتعني هذه النتيجة أيضاً أن الملكات السوداء قد فازن في ثلاث من مبارياتهن الأربع في كأس غرب أفريقيا التي امتدت إلى الوقت الإضافي، ما يؤكد على صلابتهن

الذهنية وقدرتهن على الحسم في أصعب الظروف.

حسمت غانا تأهلها إلى نصف نهائي كأس أمم أفريقيا للسيدات للمرة السابعة، وستواجه المغرب المضيف على الملعب الأولمبي الفخم بالعاصمة الرباط يوم الثلاثاء 22 يوليو الساعة 8 مساءً (بالتوقيت المحلي). المواجهة القادمة ليست مجرد مباراة، بل هي فرصة أخرى لكتابة التاريخ.

“لقد قدمنا أداءً رائعاً. سنصل إلى نصف النهائي. لن نتوقف هنا. سنواصل هذه الروح حتى نصف النهائي. أنا متأكد من أننا سنفوز بالكأس،” هذا ما قاله أسانتيوا المبتهج، الذي لا يتوقف عن النظر إلى السماء كما لو كان يشكر الكون على هذه اللحظة، وعلى هذا السحر الذي ألهمها وفريقها.

أسانتيوا هو واحد من أربعة لاعبين شاركوا في كأس أمم أفريقيا للسيدات قبل هذه النسخة، ويريد أن يُلهم غانا للوصول إلى النهائي.

سبق لمنتخب غانا الوصول إلى نهائي كأس أمم أفريقيا للسيدات ثلاث مرات – أعوام 1998 و2002 و2006، وخسروا جميعهم أمام غريمهم التقليدي نيجيريا.

السؤال الآن: هل ستكون غريس أسانتيوا الساحرة التي تنهي هذه العقدة وتقود الملكات السود إلى المجد الغائب؟

المزيد من الكاتب

تحديث عاجل: اليوم 653 للحرب.. غزة على شفا عملية برية جديدة في دير البلح، وكنيسة تدفع ثمن النيران الخاطئة

مالي: حكم الجنرالات بلا نهاية.. هل يبتلع “سلام غويتا” الديمقراطية الأفريقية ويُهدد استقرار الجوار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *