مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في الرياضة: رؤى استراتيجية وتحليل احترافي (مقدمة من ديلويت)

لطالما كانت العلاقة بين التكنولوجيا والرياضة علاقة تطورية، تتجاوز مجرد تحسين الأداء لتشمل إعادة تشكيل تجربة المشجعين وإدارة الفعاليات وحتى النموذج الاقتصادي للرياضة الاحترافية.

يقف الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) على أعتاب إحداث ثورة غير مسبوقة في هذا القطاع، محولاً البيانات الضخمة من عبء مكلف إلى أصل ثمين.

هذا التحليل الشامل، الذي تقدمه ديلويت، وهي شبكة عالمية رائدة في خدمات التدقيق والضمان والاستشارات، يستعرض كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تعريف عالم الرياضة الاحترافية.

لحظة الذكاء الاصطناعي التوليدي: تقارب القوى الثلاث

تتمثل القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي التوليدي في الرياضة في التقاء ثلاثة عوامل مترابطة، يخلق تضافرها قيمة هائلة:

. قوة البيانات: مع الانتشار الهائل للأجهزة الذكية، تتضخم كمية البيانات المُولّدة سنوياً بشكل غير مسبوق.

لفهم اتجاهات العملاء والسوق بشكل كامل، يجب على المؤسسات الرياضية دمج مجموعات البيانات العامة والخاصة، التي تشمل كل شيء من أداء اللاعبين ومقاييس الصحة إلى تفضيلات المشجعين وأنماط الشراء.

. قوة الحوسبة: التطورات المذهلة في قوة الحوسبة تمكن من تحليل هذه الكميات الهائلة من البيانات بسرعة لم تكن ممكنة من قبل.

هذه القدرة الحاسوبية هي المحرك الذي يسمح للذكاء الاصطناعي التوليدي بمعالجة الأنماط المعقدة وتوليد رؤى ذات معنى.

. قوة التحول: الخبرة المتخصصة في تحويل البيانات الأولية إلى رؤى عملية هي العنصر الثالث الحاسم.

يمكن لمزودي الخدمات الخارجيين المتخصصين، مثل ديلويت، بناء حلول مخصصة تمكن علماء البيانات والمهندسين من استخلاص القيمة التجارية الحقيقية من هذه البيانات.

هذا التقارب يخلق لحظة فارقة، ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي التوليدي بتأثير اقتصادي عالمي تراكمي يبلغ 19.9 تريليون دولار أمريكي حتى عام 2030، مساهماً بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في نفس العام.

قيمة الذكاء الاصطناعي للمنظمات الرياضية: من الجناح التنفيذي إلى الملعب

يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي فرصاً واسعة للمنظمات الرياضية ليصبحوا أكثر إبداعاً، شخصية، وهدفاً مع تقليل المهام المتكررة والمستهلكة للوقت:

. تجربة المشجعين: سيسرع الذكاء الاصطناعي من تطوير تجربة المشجعين عبر إنشاء ملفات تعريف شخصية، وتخصيص محتوى الوسائط، وتعزيز التفاعل بناءً على رؤى البيانات، مما يقوي قاعدة المعجبين.

. إدارة الفعاليات والأماكن: ستصبح إدارة الفعاليات والمواقع تنبؤية واستباقية.

يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يدير كل شيء من مراقبة وجدولة الصيانة إلى تبسيط مواقف السيارات والمواصلات في يوم المباراة، كما رأينا في حالات استخدام مثل نمذجة إدارة الملاعب والمواقع، حيث يحلل نظام الذكاء الاصطناعي حركة الأشخاص والمركبات ليقترح نقاط ومسارات خروج مثالية، مما يعزز تجربة المشجعين ويحسن العلاقات المحلية.

. الإيرادات: يتيح الذكاء الاصطناعي مصادر إيرادات جديدة ومُكيفة، بما في ذلك التسعير الديناميكي المخصص، وبرامج الولاء التفاعلية المدعمة بالذكاء الاصطناعي، والتنبؤ بفرص المبيعات المحتملة، وتحقيق الدخل من البيانات.

. التسويق: يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنشاء محتوى أصلي، وإدارة العلاقات مع الجماهير والجهات الراعية، وإجراء اختبارات A/B لفعالية الحملات، مما يسهل تبسيط وتوسيع نطاق الحملات التسويقية، كما في حالة إنشاء محتوى تسويقي وتوطينه حيث تُنتج منصة GenAI مسودات أولية لمحتوى مخصص ومترجم للبطولات والفرق.

. محتوى الوسائط: سيدعم الذكاء الاصطناعي التوزيع السريع عبر قنوات الوسائط التقليدية من خلال إنشاء المحتوى آلياً، وتحريره، وتوطين اللغة الطبيعية، بدعم من التحليلات الفورية.

. العمليات التجارية: يحول الذكاء الاصطناعي البيانات التقليدية إلى رؤى جديدة تدعم الإدارة المالية والتشغيلية وإعداد التقارير، على سبيل المثال، تعزيز النزاهة من خلال استخدام الأنماط التي يكتشفها الذكاء الاصطناعي لتحديد التلاعب بنتائج المباريات.

. العمليات الرياضية: باستخدام القياسات الحيوية وتجارب اللاعبين المحسنة بالذكاء الاصطناعي وأدوات دعم التدريب، يمكن اقتراح خطط التدريب وإعادة التأهيل تلقائياً وإنشاء مقاطع فيديو تعليمية لتكملة التدريب والتجنيد والاستكشاف، إضافة إلى تحليلات اللاعبين في الوقت الفعلي ومحاكاة ديناميكية للمباريات.

ديلويت واللجنة الأولمبية الدولية: نموذج للتعاون الاستراتيجي

تقدم شراكة ديلويت مع اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) مثالاً حياً على كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي لتعزيز دور المنظمات الرياضية.

أدركت اللجنة الأولمبية الدولية أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير تحويلي، وسعت إلى وضع رؤية واضحة واستراتيجية محددة للاستفادة من هذه الفرص.

ديلويت، بخبرتها العالمية، عززت بيئة تعاونية مع الجهات المعنية في اللجنة الأولمبية الدولية، مطبقة إطار عمل مصمماً لمعالجة الأهداف التنظيمية الرئيسية المتعلقة بالمبادئ التوجيهية، حالات الاستخدام، مجالات الفرص، القدرات، والحوكمة.

النتيجة كانت مساعدة اللجنة الأولمبية الدولية على تحديد مسار لامتلاك وإشراف التطبيق الآمن والمسؤول للذكاء الاصطناعي في الرياضة، مع تقديم أجندة للذكاء الاصطناعي، ودليل إرشادي، وخارطة طريق لحالات الاستخدام ذات الأولوية. هذا التعاون لا يبرز فقط قدرة الذكاء الاصطناعي على التحول، بل أيضاً أهمية الشراكات المتخصصة في تحقيق هذه التحولات.

البدء باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي: خارطة طريق للنجاح

نظراً للوتيرة السريعة لابتكارات الذكاء الاصطناعي التوليدي، فإن المؤسسات الرياضية التي لا تستثمر فيه تخاطر بالتخلف عن منافسيها.

يتطلب هذا الاستثمار اعتبارات شاملة تشمل الاستراتيجية، الحوكمة، المواهب، الثقافة، والتنفيذ. لتبدأ المؤسسات رحلتها في عالم الذكاء الاصطناعي، تقترح ديلويت ست خطوات أساسية:

1 . ابدأ حواراً حول الذكاء الاصطناعي: حدد مواعيد حوارات على مستوى الإدارة التنفيذية لفهم إتقان القادة للذكاء الاصطناعي، وتحديد مبادرات الذكاء الاصطناعي الحالية، سواءً الداخلية أو التنافسية أو على مستوى الصناعة.

2 . شكل فريقاً قيادياً: حدد أصحاب المصلحة الرئيسيين في المؤسسة، والمجالات المحتملة لتطبيق الذكاء الاصطناعي، وسبل التواصل وبناء المساءلة بشأن تخطيط الذكاء الاصطناعي.

احصل على موافقة القيادة على خارطة طريق القدرات، وتصميم ونشر إثبات المفهوم (POC).

3 . حدد الفرص: التعاون مع متخصصي نشر الذكاء الاصطناعي لاستهداف أفضل الفرص لدمجه.

تحديد مجالات الدعم داخل المؤسسة. مراعاة المكونات اللازمة لإرساء أساس تكنولوجي قوي.

4 . ضع خارطة طريق للذكاء الاصطناعي: طور تخطيطك من خلال خارطة طريق للذكاء الاصطناعي تركز على عائد الاستثمار (ROI)، وتقيم بيئة الفرص المتاحة.

تحديد حالات الاستخدام الأولية، والفريق التكنولوجي المناسب، وجدول زمني أولي واقعي.

5 . إدارة المخاطر: مهما كان مسارك، فأنت بحاجة إلى إطار عمل موثوق به للذكاء الاصطناعي.

ضع في اعتبارك حواجز الحماية وآليات السلامة التي ستحتاجها لتقييم المخاطر والتخفيف منها – من التحيز والهلوسة إلى مخاوف الخصوصية والاستخدام الأخلاقي للبيانات.

أنشئ إطار عمل يستخدم الامتثال والحوكمة والمراجعات والضوابط لضمان الاستخدام الآمن والموثوق والمسؤول والشفاف والعادل للذكاء الاصطناعي داخل مؤسستك.

6 . الإطلاق والاستدامة: تبدأ القدرة الإنتاجية والمتسقة على نشر أدوات ومبادرات الذكاء الاصطناعي من الثقافة.

وهذا يعني تثقيف الموظفين ودفع إدارة التغيير عبر عمليات الأعمال. اختبر مشاريع الذكاء الاصطناعي الخاصة بك، وانشرها، وقيمها. وتأكد من منح الجميع – حتى أولئك الذين تبنوا هذه التقنية مؤخراً – الفرصة لرؤية انتصارات الذكاء الاصطناعي والاحتفال بها.

أهم الخطوات الأولية لتبني الذكاء الاصطناعي في المنظمات الرياضية

لبدء رحلة تبني الذكاء الاصطناعي بنجاح، يجب على المنظمات الرياضية أن تركز على خطوات أساسية تمهد الطريق لتكامل فعال ومثمر لهذه التكنولوجيا.

بناءً على التحليل المقدم من ديلويت ومسار النضج العام للذكاء الاصطناعي عبر الصناعات، يمكن تحديد الأولويات التالية:

1 . بناء الوعي وتثقيف القيادة (مرحلة “الزحف“):

. لماذا؟ لا يمكن لأي تحول تكنولوجي أن ينجح دون دعم ورؤية من أعلى المستويات. يجب أن يفهم القادة التنفيذيون للفرق، الدوريات، والهيئات الإدارية الرياضية الإمكانات الحقيقية للذكاء الاصطناعي، ليس فقط كأداة لخفض التكاليف، بل كمحرك للنمو، الابتكار، وتعزيز تجربة المشجعين.

. كيف؟ تنظيم ورش عمل وجلسات حوار على مستوى الإدارة التنفيذية، وتقديم دراسات حالة ناجحة من داخل وخارج قطاع الرياضة، وتحديد المبادرات الحالية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي (سواء كانت داخلية أو لدى المنافسين).

هذه الخطوة تهدف إلى بناء فهم مشترك وتقييم مدى إتقان القادة للذكاء الاصطناعي.

2 . تحديد حالات الاستخدام ذات الأولوية والقيمة العالية (الانتقال من “الزحف” إلى “المشي“):

. لماذا؟ لا يمكن للمنظمات الرياضية تبني الذكاء الاصطناعي في كل جانب من جوانب عملياتها دفعة واحدة.

البدء بمشاريع صغيرة وذات تأثير واضح يساعد على بناء الثقة وإظهار عائد الاستثمار السريع.

. كيف؟ بالتعاون مع خبراء الذكاء الاصطناعي (مثل ديلويت)، يجب تحديد المجالات التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم فيها أكبر قيمة مضافة في أقصر وقت.

هل هو تحسين تجربة المشجعين عبر التذاكر الشخصية؟

أم تحليل أداء اللاعبين في الوقت الفعلي؟ أم تحسين عمليات إدارة الملاعب؟

اختيار عدد قليل من حالات الاستخدام (إثبات المفهوم – POC) التي تعالج تحديات محددة وذات أولوية، والتي يمكن أن تظهر نتائج ملموسة بسرعة.

3 . تأمين البيانات والبنية التحتية الأساسية (مرحلة “المشي“):

. لماذا؟ الذكاء الاصطناعي يتغذى على البيانات.

إذا لم تكن البيانات منظمة، نظيفة، ومتاحة، فإن أي مبادرة للذكاء الاصطناعي ستفشل.

كما أن قوة الحوسبة والبنية التحتية السحابية (أو المحلية) ضرورية لمعالجة هذه البيانات وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

. كيف؟ الاستثمار في استراتيجيات جمع البيانات (من أجهزة التتبع القابلة للارتداء، من منصات التواصل الاجتماعي، من أنظمة التذاكر)، تنظيفها، وتوحيدها.

بناء مستودعات بيانات قوية (Data Lakes) أو مستودعات بيانات (Data Warehouses).

التأكد من وجود القدرات الحاسوبية اللازمة (سواء عن طريق السحابة أو البنية التحتية المحلية) لدعم متطلبات الذكاء الاصطناعي.

4 . تكوين فريق قيادي متعدد التخصصات وبناء الثقافة الداخلية (مرحلة “المشي” و”الركض“):

. لماذا؟ الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية؛ إنه يتطلب مزيجاً من الخبرات التقنية (علماء البيانات، مهندسو الذكاء الاصطناعي) والمعرفة بالمجال (خبراء الرياضة، التسويق، العمليات). كما أن التغيير الثقافي ضروري لتبني الموظفين لأدوات الذكاء الاصطناعي.

. كيف؟ تشكيل فريق قيادي يضم أصحاب المصلحة الرئيسيين من مختلف الأقسام (العمليات، التسويق، التكنولوجيا، الإدارة).

بدء برامج تدريب وتوعية للموظفين لتعريفهم بالذكاء الاصطناعي، وفوائده، وكيف سيؤثر على أدوارهم.

خلق ثقافة تشجع التجريب والتعلم من الأخطاء في سياق الذكاء الاصطناعي.

هذه الخطوات الأولية، إذا تم تنفيذها بعناية، ستوفر أساساً متيناً للمنظمات الرياضية للانتقال بثقة من مراحل “الزحف” و”المشي” إلى “الركض” و”الانطلاق” في رحلتها نحو التحول المدفوع بالذكاء الاصطناعي.

 مقياس نضج الذكاء الاصطناعي الرياضي: مراحل التطور

تُصنف ديلويت المؤسسات الرياضية ضمن مقياس نضج الذكاء الاصطناعي إلى أربع مراحل رئيسية، وهي مراحل تعكس مسار التطور الطبيعي لتبني الذكاء الاصطناعي في العديد من الصناعات الأخرى:

1 . الزحف (Crawling): مرحلة بناء الوعي الأساسي وتثقيف أصحاب المصلحة، وتحديد حالات استخدام الأعمال المحتملة.

2 . المشي (Walking): توفير بيئة لإثبات المفهوم (POC) وإظهار فرص النمو، مع إعداد البيانات والبنية التحتية الأساسية.

3 . الركض (Running): تنفيذ وتطوير استراتيجية الذكاء الاصطناعي المؤسسية، والتخطيط، ومركز التميز (CoE)، ودمج قدرات الذكاء الاصطناعي مع مجتمع الأعمال.

4 . الانطلاق (Sprinting): التشغيل والتوسع باستخدام الذكاء الاصطناعي ومركز التميز، وزيادة قاعدة الاستخدام عبر وحدات الأعمال، وتحسين الاستجابات، وبناء آلية قابلة للتكرار لإنتاج نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

عبور خط النهاية: الذكاء الاصطناعي كأداة تحويلية

يُعد الذكاء الاصطناعي أداة جديدة فعالة قادرة على إحداث تحول جذري في الركائز الأساسية لخلق القيمة في الرياضة.

ومع ذلك، فإنه يتطلب جهداً استراتيجياً مدروساً لتحقيق فوائد ملموسة.

توفر هذه التقنية للمنظمات الرياضية مجموعة واسعة من الفرص، شريطة أن تستطيع معالجة المخاطر ضمن إطار موثوق ومواكبة التغيير التكنولوجي المتسارع.

المنظمات الرياضية المحترفة في وضع جيد للاستفادة من القدرات التحويلية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، داخل الملعب وخارجه.

وللاستعداد، يجب على قادة الصناعة النظر إلى ما هو أبعد من الرعاية التقليدية والشراكات العينية لتطوير المواهب والبيانات والأنظمة الاستراتيجية اللازمة لمواكبة التحول السريع في أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ما هي أهم الخطوات التي تعتقد أن المنظمات الرياضية يجب أن تركز عليها أولاً لبدء رحلتها في تبني الذكاء الاصطناعي؟

بالتأكيد! لنصمم منشوراً ترويجياً جذابًا ومبتكرًا لمقالة “مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي في الرياضة: رؤى استراتيجية وتحليل احترافي (مقدمة من ديلويت)” على فيسبوك. سنركز على إبراز القيمة المضافة للمقالة والأسئلة المثيرة للاهتمام لجذب القراء.

المزيد من الكاتب

عشب ويمبلدون يشتعل: صراع العمالقة، صعود المفاجآت، ودراما لا تتوقف!

تحت المجهر: أصباغ الطعام الأمريكية وتأثيراتها الصحية على مجتمعاتنا العربية والليبية – تحليل وتوصيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *