موسكو – 23 يونيو 2025 (خاص) – في تصريح أثار دهشة المراقبين وأعاد خلط أوراق التحالفات الإقليمية، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن سبب مفاجئ لعدم تقديم موسكو دعماً عسكرياً أكبر لإيران في خضم الصراع المتصاعد في الشرق الأوسط. ففي مؤتمر صحفي عُقد يوم الجمعة، رد بوتين على سؤال حول المساعدة الروسية لطهران بتأكيد غير متوقع: “ما يقرب من مليوني شخص ناطق بالروسية يعيشون في إسرائيل؛ إنها دولة شبه ناطقة بالروسية اليوم”.
هذا التصريح يلقي ضوءاً جديداً على تعقيدات السياسة الخارجية الروسية، حيث تتجاوز المصالح الجيوسياسية البحتة لتلامس الروابط الثقافية والديموغرافية غير المرئية.

روابط غير مرئية: إسرائيل في قلب الدبلوماسية الروسية
لطالما عُرفت روسيا ببراغماتيتها في السياسة الخارجية، لكن تبرير بوتين هذه المرة يضيف طبقة جديدة من التعقيد.
فبينما يتمتع الكرملين “بعلاقات جيدة وودية مع العالم العربي”، كما ذكر بوتين، فإن الوجود الكبير للمتحدثين بالروسية في إسرائيل، والذين يشكلون شريحة كبيرة من سكانها، يبدو أنه عامل مؤثر في معادلة موسكو الإقليمية.
تساؤل بوتين بحدة “من قال إنه كان من المفترض أن نفعل المزيد: ماذا أيضًا؟ بدء عمليات قتالية؟” يشير إلى حدود التدخل الروسي الذي تراه موسكو مناسباً.
وأكد الرئيس الروسي على الدعم الحالي لإيران في مجال الطاقة النووية السلمية، قائلاً: “نحن ندافع عن حق إيران في الطاقة النووية باسم السلام.
بنينا مفاعلاً نووياً في إيران ووقعنا عقوداً لمفاعلين آخرين.
نواصل هذا العمل؛ لم نقم بإجلاء مواطنينا من هناك.
أليس هذا دعماً لإيران؟” هذا التصريح يرسم خطاً فاصلاً بين الدعم التكنولوجي والاقتصادي، والتدخل العسكري المباشر، ويشير إلى أن “البعد الروسي” في إسرائيل يمثل اعتباراً استراتيجياً لا يمكن تجاهله
جثث وأسرار: مرتزق إسرائيلي في صفوف روسيا
في سياق منفصل يضيف إلى تعقيد المشهد، زعم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن عملية تبادل الجثث الأخيرة بين موسكو وكييف كشفت عن مفاجأة مدوية: من بين الجثث التي أعادتها روسيا كان هناك 20 جندياً روسياً متنكراً في زي جنود أوكرانيين، ومن بينهم “مرتزق روسي إسرائيلي“.
وقد نقلت وسائل الإعلام الأوكرانية عن زيلينسكي قوله إن الروس “أرسلوا مواطناً إسرائيلياً، يحمل وثائق إسرائيلية، قاتل إلى جانبهم. قالوا لنا إنهم أوكرانيون. هذا يعني أنهم لا يتحققون حتى ممن يرسلونهم”.
ولم تُكشف هوية الإسرائيلي.
تُعد إعادة الجثث جزءاً من اتفاقية تبادل الأسرى والجثث التي تم التوصل إليها في محادثات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول.
ادعى الأوكرانيون أن الروس خدعوهم بإرسال جثث جنود روس متنكرين بأنهم أوكرانيون.
هذه الحادثة تسلط الضوء على الشبكة المعقدة من المقاتلين والجنسيات المتورطة في الصراعات الدولية، وتثير تساؤلات حول مدى الشفافية والدقة في المعلومات المتبادلة بين الأطراف المتحاربة.
تأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه روسيا وأوكرانيا محادثاتهما الصعبة، حيث تم الاتفاق على إطلاق سراح ما لا يقل عن 1200 سجين من كل جانب ونقل آلاف الجثث.
هذه الاتفاقية كانت الإنجاز الملموس الوحيد للجولة الثانية من المحادثات التي عُقدت وسط ضغوط دولية مكثفة، بما في ذلك من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لإنهاء الحرب.
ومع ذلك، تبقى شروط وقف إطلاق النار التي وضعتها روسيا صارمة للغاية، بما في ذلك انسحاب أوكرانيا من مناطق خطوط المواجهة، بينما تؤكد كييف وحلفاؤها الغربيون أن بوتين غير مهتم حالياً بوقف إطلاق النار نظراً للزخم الذي تحرزه قواته في ساحة المعركة.