المضايقات الإلكترونية في ليبيا: تحدي يهدد حرية الصحافة ودور الأمم المتحدة

يواجه الصحافيون في ليبيا تحديات جسيمة تهدد قدرتهم على أداء واجبهم المهني بحرية ونزاهة، حيث تتصاعد وتيرة المضايقات الإلكترونية التي تُرغمهم على ممارسة الرقابة الذاتية.

هذا ما كشفته حلقة نقاشية نظمتها بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) بالتعاون مع قسم حقوق الإنسان التابع للبعثة، في إطار برنامج “بصيرة” للتطوير المهني، بمشاركة واسعة من الصحافيين الليبيين من مختلف مناطق البلاد.

لماذا تهتم الأمم المتحدة بهذا الموضوع؟

إن اهتمام الأمم المتحدة بهذا الموضوع ليس وليد الصدفة، بل هو جزء لا يتجزأ من ولايتها الأساسية في دعم حقوق الإنسان وحماية الفئات المستضعفة، بما في ذلك الصحافيين. يمكن تحليل هذا الاهتمام من عدة جوانب:

حماية حرية التعبير والصحافة: تُعد حرية الصحافة ركيزة أساسية لأي مجتمع ديمقراطي ومستقر.

عندما يتعرض الصحافيون للمضايقات والتهديدات، فإن ذلك يقوض قدرتهم على نقل المعلومات وتغطية القضايا الهامة، مما يؤثر سلباً على حق الجمهور في المعرفة.

الأمم المتحدة، من خلال بعثتها في ليبيا، تسعى إلى دعم هذه الحرية وحماية من يمارسها.

رصد انتهاكات حقوق الإنسان: الصحافيون هم عيون المجتمع التي ترصد الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.

إذا تم إسكاتهم أو إجبارهم على الرقابة الذاتية، فإن ذلك يفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات دون مساءلة.

تهتم الأمم المتحدة بحماية الصحافيين لضمان استمرارهم في هذا الدور الحيوي.

دعم الاستقرار في ليبيا: بينما قد لا يكون الاهتمام مباشراً بما يحدث في طرابلس تحديدًا، فإن السياق العام للتطورات في ليبيا يلعب دوراً.

الفوضى وعدم الاستقرار يوفران بيئة خصبة للمضايقات والانتهاكات.

دعم الصحافيين في ليبيا يساهم في بناء مجتمع أكثر انفتاحاً وشفافية، وهو ما يُعد ضرورياً لتحقيق الاستقرار والسلام على المدى الطويل.

التهديدات المتصاعدة في الفضاء الرقمي: يشكل الفضاء الرقمي ساحة جديدة للتهديدات والمضايقات، وأصبح استهداف الصحافيين عبر الإنترنت ظاهرة عالمية.

الأمم المتحدة تدرك أهمية مواجهة هذه التحديات الجديدة وتوفير الدعم والأدوات اللازمة للصحافيين لحماية أنفسهم في هذا الفضاء.

أصوات من الميدان: شهادات تعكس واقع المضايقات

إن ما يميز هذه المبادرة هو إتاحة الفرصة للصحافيين للتعبير عن معاناتهم بشكل مباشر.

لم تكن الحلقة النقاشية مجرد منبر لتسليط الضوء على الظاهرة، بل كانت ساحة لتبادل التجارب الشخصية القاسية.

فقد أكد 92% من المشاركين أنهم تعرضوا شخصياً للمضايقات عبر الإنترنت، وهو رقم صادم يعكس حجم المشكلة.

لقد لخصت الصحافية إيمان بن عامر، بحضورها في الحلقة النقاشية، جوهر القضية بقولها: “تجاهل المسألة يعني إسكات الأصوات الحرة”.

هذه الكلمات ليست مجرد رأي، بل هي تحذير من خطورة المضايقات التي تهدد الحق في التعبير وتدفع الصحافيين إلى التحفظ أو ممارسة الرقابة الذاتية. ومن الجدير بالذكر أن الأشكال الأكثر شيوعاً للمضايقات شملت التعليقات والرسائل المسيئة على منصات التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى التلاعب بالصور والفيديوهات باستخدام التحرير المضلل أو الذكاء الاصطناعي، وهو ما يضيف بعداً جديداً وأكثر تعقيداً للتهديدات.

وصلت المضايقات في بعض الحالات إلى تهديدات بالقتل واعتداءات جسدية فعلية، بل وأحيانًا بدت التعبئة منسّقة، حيث أشار بعض الصحافيين إلى أنهم “تصدروا الترند” على منصات التواصل الاجتماعي بسبب هذه الهجمات الموجهة.

أحد الصحافيين فُصل من عمله بعد تعرضه لهجوم إلكتروني شوه سمعته، مما أدى به إلى تحقيق من قبل مخابرات الدولة، و”لا يزال التسجيل موجوداً على يوتيوب، وحتى بعد سنوات، لا يزال يتم تداوله في التعليقات كلما قمت بنشر أي شيء”.

هذه الشهادات المروعة تؤكد الحاجة الماسة للتحرك.

كما أن أسباب المضايقات تتعدد وتتنوع، من موضوع الخبر الحساس، خاصة السياسية أو الحقوقية، إلى جنس المراسل وعمره وخلفيته الثقافية.

فقد رُويت قصص عن صحافيين تعرضوا للهجوم لمجرد تغطيتهم للعنف ضد المرأة، أو بث مباراة رياضية، أو حتى تغطية ضحايا الفيضانات في درنة.

وتواجه الصحافيات تحدياً خاصاً، حيث يتعرضن للمضايقة “بسبب كل ما نشرنه تقريباً – بغض النظر عن الموضوع”، فكما قالت إحداهن: “أن تكوني صحافية في المجتمع الليبي أمر صعب للغاية. لأنهم يستهدفون سمعة المرأة وشرفها – ويجعلون الأمور شخصية”.

كل هذه الروايات تُبرز واقعاً مؤلماً للصحافيين، فـ 86% من الصحافيات أكدن أن المضايقات أثرت على عملهن، و 30% من المشاركين قلصوا حضورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وفرضوا رقابة ذاتية أو خففوا من خطابهم لتجنب ردود الفعل السلبية.

لخص الصحافي محمد فوزي الحاجة الملحة بقوله: “يحتاج الصحافيون إلى مساحة آمنة للعمل بحرية ونزاهة.

فبدون ذلك، لا وجود لإعلام حُر”. هذا النداء هو جوهر ما تسعى إليه الأمم المتحدة في دعمها للصحافيين الليبيين.

أهمية المقالة والمشاركة عبر رابط الأمم المتحدة

تُبرز هذه المقالة أهمية تسليط الضوء على هذه القضية الحساسة، وتُقدم فرصة للصحافيين الليبيين للتعبير عن معاناتهم وتجاربهم الشخصية.

إن إقامة ورش عمل متخصصة، مثل تلك التي ستُعقد في 19 يونيو حول حماية الصحافيين من المضايقات الإلكترونية بقيادة خبراء من لجنة حماية الصحافيين، تُعد خطوة عملية نحو توفير الدعم والتدريب اللازم.

إن توفير رابط التسجيل الخاص بالأمم المتحدة في برنامج “بصيرة” وورشة العمل القادمة يمثل هدفاً استراتيجياً للبعثة، يتمثل في:

تمكين الصحافيين: من خلال توفير الأدوات والمعرفة اللازمة لحماية أنفسهم من المضايقات الإلكترونية، بما في ذلك التعامل مع التهديدات والتشويه الرقمي.

بناء القدرات: تطوير المهارات المهنية للصحافيين الليبيين، بما يضمن استمرارهم في أداء عملهم بفعالية وأمان.

تعزيز الوعي: رفع مستوى الوعي العام حول خطورة المضايقات الإلكترونية وتأثيرها على حرية الصحافة والمجتمع.

إنشاء شبكة دعم: توفير منصة للصحافيين لتبادل الخبرات والتجارب، وبناء شبكة دعم تساعدهم على مواجهة هذه التحديات بشكل جماعي.

لا تترددوا: بادروا بالتسجيل في برنامج "بصيرة" لحماية أنفسكم ومستقبل الصحافة!

إلى كل صحافي وإعلامي في ليبيا، هذه فرصتكم لاكتساب الأدوات اللازمة لمواجهة تحديات المضايقات الإلكترونية وحماية مستقبلكم المهني.

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) تدعوكم لبرنامج “بصيرة” للتطوير المهني، والذي يتضمن ورشة عمل قادمة في 19 يونيو ستركز على كيفية حماية أنفسكم من هذه المضايقات المتزايدة، بقيادة خبراء متخصصين في السلامة الرقمية من لجنة حماية الصحافيين.

لماذا يجب عليك التسجيل الآن؟

اكتساب مهارات حيوية: ستتعلم استراتيجيات عملية للتعامل مع التهديدات الإلكترونية، والتعرف على أساليب التشويه والتلاعب الرقمي، وكيفية حماية بياناتك الشخصية والمهنية.

الحماية من المخاطر: في ظل تزايد الهجمات الإلكترونية، لم تعد حماية نفسك خياراً بل ضرورة. هذه الورشة ستزودك بالمعرفة اللازمة لتجنب الأضرار المحتملة على سمعتك وحياتك المهنية.

كسر حاجز الخوف والرقابة الذاتية: عندما تكون مجهزاً بالمعرفة، ستشعر بثقة أكبر في أداء عملك دون خوف من التهديدات، مما يقلل من الحاجة إلى الرقابة الذاتية ويعزز من حرية تعبيرك.

دعم مجتمع الصحافة: مشاركتك ليست فقط فائدة لك، بل هي جزء من جهد جماعي لتقوية مجتمع الصحافة الليبي وتوفير بيئة عمل آمنة للجميع.

صوتك وتجربتك يضيفان قيمة للجهود المبذولة.

فرصة للتواصل: ستلتقي بزملائك الصحافيين وخبراء في المجال، مما يتيح لك بناء شبكة دعم وتبادل الخبرات والمعرفة.

لا تدع المضايقات الإلكترونية تُسكت صوت الحقيقة. بادر بالتسجيل الآن في برنامج “بصيرة” وورشة العمل القادمة عبر هذا الرابط: 

https://forms.office.com/pages/responsepage.aspx?id=2zWeD09UYE-9zF6kFubccPDBQzRzlRpDi7suPyVntdxUMjBQU0FRSVY3SVk4V1g4UlVTTlcwVFo0Mi4u&route=shorturl

إن مستقبلك المهني وحرية الصحافة في ليبيا يعتمدان على التزامنا الجماعي بالعمل بأمان ونزاهة. هذه فرصة لا تعوض لتعزيز قدراتك وحماية نفسك.

رأي نما نيوز في هذه المبادرة

ترى نما نيوز ، أن مبادرة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) ببرنامج “بصيرة” وتنظيم هذه الحلقة النقاشية وورشة العمل القادمة هي خطوة بالغة الأهمية وضرورية للغاية في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها الصحافيون الليبيون.

إن مجرد توفير منصة آمنة للصحافيين لمشاركة تجاربهم المروعة، والاعتراف بحجم التحديات التي تواجههم، هو بحد ذاته إنجاز كبير.

ما يعزز أهمية هذه المبادرة هو تركيزها العملي على بناء القدرات وتزويد الصحافيين بالأدوات اللازمة للحماية الذاتية في الفضاء الرقمي.

فالمشكلة لا تقتصر على المضايقات فحسب، بل تمتد لتشمل غياب الوعي والتدريب الكافي لمواجهة التهديدات المتطورة، خاصة مع ظهور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي في عمليات التشويه.

إن توفير الدعم من خلال خبراء دوليين مثل لجنة حماية الصحافيين يضفي مصداقية وقيمة إضافية للبرنامج، ويضمن أن الصحافيين الليبيين سيتلقون تدريبًا على أحدث وأفضل الممارسات العالمية.

والأهم من ذلك، أن هذه المبادرة لا تعالج الأعراض فحسب، بل تسعى إلى تمكين الصحافيين ليصبحوا أكثر مرونة وقدرة على الصمود في وجه هذه التحديات، مما يساهم بشكل مباشر في صون حرية الصحافة ودعم الشفافية في ليبيا. نأمل أن تتواصل هذه الجهود وتتوسع لتشمل المزيد من الصحافيين والإعلاميين في جميع أنحاء البلاد.

المزيد من الكاتب

“أنصار الله” تصعد بلا هوادة: صواريخ فرط صوتية على “بن غوريون” وتهديد بشل الملاحة الجوية الإسرائيلية!

عزف الرعب والدهشة: بواسون تُذهل رولان غاروس وسينر يواصل الزحف نحو المجد في بطولة فرنسا المفتوحة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *