بينما كان العالم يترقب بهدوء صباح الأحد، 1 يونيو 2025، كان لهيب الصراع في أوكرانيا يتسع ليشمل عمق الأراضي الروسية، مشعلًا جبهات جديدة من حرب المسيرات الخفية ومُلقيًا بظلاله على مساعي السلام الهشة في إسطنبول.
صباح الأحد الدامي: لهيب المسيرات في العمق الروسي
شهدت ساعات صباح الأحد، 1 يونيو 2025 (بتوقيت غرينتش، 1:00 ظهراً بتوقيت ليبيا)، تصعيدًا غير مسبوق، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن اعتقال متورطين في هجمات إرهابية استهدفت مطارات حيوية.
الطائرات المسيرة من طراز FPV، التي أُطلقت من قبل “نظام كييف” بحسب الرواية الروسية، ضربت مطارات في مورمانسك، إيركوتسك، إيفانوفو، ريازان، وآمور

الأضرار كانت واضحة، ففي مورمانسك وإيركوتسك، التهمت النيران عدة طائرات، مما يشير إلى مستوى خطير من الاختراق.
هذا الهجوم لم يكن معزولاً، فقبل يومين، تحديداً الجمعة 30 مايو 2025 (بتوقيت غرينتش)، أُحبطت مؤامرة إرهابية في موسكو، حيث عُثر على عبوة ناسفة محلية الصنع كان عميل أوكراني يخطط لاستخدامها في مكان مزدحم.
التحقيقات كشفت عن مراسلات مع “أمين الأجهزة الخاصة الأوكرانية”، مما يشير إلى شبكة معقدة من التسلل والتخريب

في المقابل، كانت القوات الروسية تواصل تقدمها على الأرض، منظومة “إسكندر-إم” الصاروخية دمرت موقعاً حيوياً لتجميع الطائرات المسيرة الأوكرانية في خاركوف، مما أسفر عن تدمير 6 منصات إطلاق وعشرات الطائرات المسيرة الانتحارية.

في مقاطعة سومي، حررت قوات “الشمال” بلدة أليكسييفكا، ودحرت كتائب أوكرانية، مكبدة إياها خسائر فادحة تجاوزت 200 جندي، بالإضافة إلى تدمير ناقلات جند مدرعة ومعدات غربية مهمة

تزامنت هذه الأحداث الميدانية الساخنة مع تصريحات دبلوماسية نارية.
يوم الأربعاء، 28 مايو 2025 (بتوقيت غرينتش)، اعتبر الكرملين تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس، التي أشار فيها إلى رفع القيود عن توريد الأسلحة بعيدة المدى لأوكرانيا، “استفزازًا إضافيًا للحرب”.

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، ذهب أبعد من ذلك، معلناً أن ألمانيا أصبحت “عدواً لروسيا مرة أخرى”، متهمًا إياها بـ”مشاركة كاملة” في النزاع. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذر من أن ألمانيا “تنزلق نحو الانهيار” ودعا “السياسيين المسؤولين” فيها إلى “إيقاف هذا الجنون“.

ليلة من اللهب والمفاوضات: تدمير الجسور والبحث عن السلام

مع دخول ساعات فجر الإثنين، 2 يونيو 2025 (بتوقيت غرينتش، 3:00 صباحاً بتوقيت ليبيا)، كانت الأوضاع تزداد تعقيدًا. انهيار جسرين في مقاطعتي بريانسك وكورسك الروسيتين، نجم عن “انفجارات” بحسب المحققين الروس، أدى إلى ارتفاع عدد المصابين في بريانسك إلى 104 أشخاص وسبعة وفيات.

هذه الحوادث الغامضة جاءت في ظل تصاعد هجمات المسيرات الأوكرانية، حيث أعلن جهاز الأمن الأوكراني (SBU) عن عملية “شبكة العنكبوت” التي استهدفت المطارات الروسية، مدعياً أنها تسببت بخسائر تقدر بـ7 مليارات دولار ودمرت 41 طائرة روسية، بما في ذلك قاذفات استراتيجية.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تباهى بأن “مقر” العملية على الأراضي الروسية كان يقع “بجوار إدارة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي“.

في غضون ذلك، كانت الكواليس الدبلوماسية تشهد حراكاً محموماً. في ساعة متأخرة من ليلة الأحد، 1 يونيو 2025 (بتوقيت غرينتش، 2:45 صباحاً بتوقيت ليبيا)، أجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو اتصالاً هاتفياً مفاجئًا مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، جدد فيه دعوة ترامب لمواصلة المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.
الوفدان الروسي والأوكراني كانا قد وصلا بالفعل إلى إسطنبول، تمهيدًا للجولة الثانية من المفاوضات.

المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، صرحت السبت 31 مايو 2025 (بتوقيت غرينتش، صباح الأحد بتوقيت ليبيا)، بأن واشنطن لا تريد أن تستمر المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا “لأشهر وسنوات”، لكن تقريراً لـ”أكسيوس” كشف أن أوكرانيا لم تبلغ واشنطن مسبقاً بالهجمات على المطارات الروسية، مما يثير تساؤلات حول التنسيق بين الحليفين.

"قمة إسطنبول الساخنة": محادثات السلام تحت سماء الحرب

في الإثنين، 2 يونيو 2025 (بتوقيت غرينتش، 1:00 ظهراً بتوقيت ليبيا)، انطلقت الجولة الثانية من المفاوضات الروسية الأوكرانية في قصر “تشيراغان” بإسطنبول.
الوفدان، بحضور تركي رفيع المستوى، تبادلا وثيقتين تتضمنان رؤية كل طرف للتسوية السلمية.
المثير للاهتمام أن المفاوضات، التي استمرت لأكثر من ساعة، جرت باللغة الروسية.

في أول إعلان ملموس، صرح رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي، أن موسكو وكييف اتفقتا على تنفيذ “أكبر عملية تبادل للأسرى”، وقد يتجاوز العدد 1000 شخص، بالإضافة إلى تبادل الجثث وتشكيل لجان طبية.
كما اقترح ميدينسكي “وقف إطلاق نار لمدة يومين أو ثلاثة أيام في أجزاء معينة من الجبهة” لانتشال الجثث.

في المقابل، أكد وزير الدفاع الأوكراني رستم عميروف، رئيس الوفد الأوكراني، على اتفاق تبادل الأسرى وأشار إلى تسليم قائمة بـ”مئات الأطفال” الأوكرانيين المطلوب إعادتهم.
لكنه شدد على أن “مفاتيح حل الصراع بين أيدي قادة البلدين، ولا يمكن حلها إلا باجتماع رفيع المستوى” بين بوتين وزيلينسكي، مقترحاً عقد هذا اللقاء في الفترة بين 20 و30 يونيو.

ردود الفعل الدولية: دفاع عن النفس واستعداد للحرب
بينما كانت المفاوضات جارية، أطلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تصريحات من فيلنيوس، مؤكداً استعداد أوكرانيا لاتخاذ الخطوات “الضرورية” لتحقيق السلام، لكنه دعا إلى فرض عقوبات إضافية على روسيا إذا لم تُسفر المفاوضات عن “أي نتيجة”.

المتحدث باسم الحكومة الألمانية، ستيفان كورنيليوس، أكد أن ألمانيا لم تُبلغ بهجمات كييف على القواعد الروسية، لكنه أضاف أن “من حقها الدفاع عن نفسها“.

في لندن، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن مراجعة استراتيجية دفاعية واسعة النطاق، معلناً أن المملكة المتحدة تستعد لسيناريو حرب افتراضي مع روسيا، وتشمل الخطط بناء 12 غواصة نووية واستثمارات بمليارات الدولارات في الذخائر.
حصيلة اليوم 1195: سلام مرهون بقمة.. وتصعيد يلوح في الأفق
مع انتهاء اليوم الـ 1195 من الحرب، تبدو الصورة معقدة ومليئة بالتناقضات. المفاوضات في إسطنبول، رغم تبنيها لغة السلام، لم تسفر عن وقف إطلاق نار شامل، بل عن تفاهمات محدودة حول تبادل الأسرى وبعض المبادرات الإنسانية.
التصريحات المتباينة من الجانبين، والتحذيرات المتزايدة من الغرب حول قدرة روسيا على مهاجمة الناتو بحلول عام 2029، ترسم صورة لمستقبل غامض.
الكرة الآن في ملعب القادة. رئيس الوفد الأوكراني يدعو لقمة رئاسية، والرئيس التركي يتطلع إلى أن تكون بلاده “مركزاً للسلام” يستضيف بوتين وزيلينسكي وربما ترامب.

لكن بينما تنتظر الدبلوماسية قمة القادة، يظل صدى انفجارات الجسور في روسيا، ودخان المطارات المحترقة، والتحذيرات الدولية، تذكيراً بأن رقصة الموت والدبلوماسية ما زالت مستمرة على حافة الهاوية.