في ليلة طُليت باللون الأزرق، واهتزت فيها شوارع نابولي على وقع هتافات الفرح، احتفل “الآزوري” بانتصاره التاريخي على كالياري (2-0) في معقلهم “دييغو أرماندو مارادونا”، ليتوج بـ السكوديتو الرابع في مشوارهم الكروي.
لم يكن هذا اللقب مجرد إضافة إلى خزانة الكؤوس؛ بل كان قصة إصرار وعزيمة استثنائية نسجها فريق المدرب أنطونيو كونتي، قصة تحدت كل التوقعات وأثبتت أن المستحيل ليس نابولياً.
“دعونا نغني!” هكذا صرخ كونتي في لحظة الفوز، مؤكداً: “الفوز هنا صعب للغاية”.
مفاجأة الموسم: من المركز العاشر إلى منصة التتويج
ما يميز هذا الإنجاز هو قدومه بشكل “مفاجئ” بعد موسم سابق مخيب للآمال، حيث أنهى الفريق الدوري في المركز العاشر.
التحديات لم تتوقف عند هذا الحد؛ فقد عانى نابولي من قلة في عدد اللاعبين وإصابات متكررة أثرت على أداء الفريق في الجزء الثاني من البطولة.
لكن، تحت قيادة كونتي، تحول الفريق إلى قوة لا يستهان بها، خاض مواجهات “مثيرة ومجهدة” مع إنتر ميلان، وتجاوز “سلسلة من التجاوزات والهجمات المضادة المثيرة” ليتربع على صدارة الدوري الإيطالي.

بطل إيطاليا في نابولي، أنطونيو كونتي: “إنها فرحة لا تصدق”
مارادونا: مسرح الشغف الأزرق الذي لا يهدأ

دخول نابولي إلى أرض الملعب في ملعب مارادونا
لم يقتصر احتضان الجماهير النابولية لفريقها على تواجدهم في مدرجات ملعب فوريجروتا (مارادونا).
في الواقع، وصلت عشرات الآلاف إلى منطقة الملعب في الساعات الأولى من بعد الظهر ليعيشوا مشاعر اللحظة، والتتويج بالسكوديتو الرابع، حتى من دون مشاهدة المباراة.
وفي الساحات الثلاث بالمدينة، حيث أقيمت شاشات عملاقة لنقل المباراة على الهواء مباشرة، كان حماس الجماهير في عنان السماء.
الملعب، الذي امتلأ بالكامل قبل عدة ساعات من بداية المباراة، تم طلاؤه بالكامل باللون الأزرق. في ساعات الصباح الأولى، انفجرت نابولي بالفرح مع الألعاب النارية، وشوهدت الدراجات البخارية والأعلام والأشخاص يرقصون في الشارع، كـ “شعلة نابولي للبطولة” لا تنطفئ.
لحظات الحسم: من "أشباح" القلق إلى هدفين تاريخيين
كانت المباراة عبارة عن احتفال، منظم حتى أدق التفاصيل، مع اعتبار نتيجتها مجرد جانب ثانوي، مع الأخذ في الاعتبار أن فوز الأزوري كان أمراً مفروغاً منه حتى قبل البداية.
إن فرصة تحقيق “المعجزة” التي تحدث عنها أنطونيو كونتي طوال الموسم كانت كبيرة ومغرية لدرجة أن لا أحد اعتقد أنها يمكن أن تمر دون استغلالها. وهكذا انتهت الأمور بالضبط. كالياري، الذي أصبح في مأمن منذ أسبوع، لم يملك القوة وربما حتى الرغبة في الوقوف بين نابولي والفوز بلقب الدوري الإيطالي.
شهد الشوط الأول من المباراة بعض “الأشباح الشريرة” على أرض ملعب مارادونا، خاصة مع تقدم إنتر ميلان في كومو وعدم قدرة الأزوري على كسر الجمود.
فوز الإنتر في كومو لم يكن كافياً لتغيير المعادلة، لكنه ألقى بظلال من التوتر على الأجواء.
لكن في الدقيقة 41، كان القدر على موعد مع سكوت ماكتوميناي الذي سجل هدف التقدم بـ”ركلة مقصية” رائعة على عرضية من بوليتانو، مبعثراً مخاوف الجماهير.

لم يعد أمام فريق كونتي، الذي عاد إلى صدارة جدول الترتيب بعد سلسلة من التجاوزات والهجمات المضادة المثيرة مع إنتر، أي خيار سوى إكمال المهمة، وتوسيع الفارق لتجنب “الوجه القصير” الذي اتسم به أداء الفريق في كثير من الأحيان هذا الموسم، مما أدى إلى أن يعيش الشوط الثاني بين المعاناة وحالات القلق.
وفي الدقيقة الخامسة من الشوط الثاني، حسم روميلو لوكاكو الأمور بهدف ثانٍ “آمن”، بعد انطلاقة فردية رائعة، مقاومًا هجمة أدوبو ومينا، ليدخل منطقة الجزاء ويسجل بتسديدة قطرية منخفضة.

كومو إنتر – الدوري الإيطالي 24/25 – هدف روميلو لوكاكو (لابريس)
من ناحية أخرى، ركزت كل الاستعدادات للمباراة، خلال الأسبوع، على الموقف الذي يجب الحفاظ عليه في الملعب، وعلى الجهد الذي يجب بذله لعدم منح كالياري أي راحة وتحقيق الفوز الذي، بغض النظر عن نتيجة مباراة إنتر ميلان في كومو، يمكن أن يعطي اليقين باللقب.
كل شيء كان يهدف إلى تحقيق الفوز الكبير، وهو الفوز باللقب الرابع في تاريخ الدوري، والذي حصده نابولي في نهاية واحدة من أكثر البطولات إثارة وإرهاقاً في السنوات الأخيرة. ومنذ تلك اللحظة، أصبح مارادونا عرضًا داخل عرض.
وسط أجواء من الأصوات والألوان، استمرت المباراة في انتظار صافرة النهاية التي يطلقها الحكم. أخفى نابولي الكرة وحافظ على الميزة الثمينة، وسمح بمرور الدقائق التي تفصل الفريق والمدينة بأكملها عن الفوز باللقب الرابع. انتهت المباراة وبدأ الحفل مباشرة بعد ذلك.
احتفالات لم تتوقف: نابولي في عيون العالم

المنظر البانورامي من الأعلى لساحات نابولي بعد النصر: المدينة تنفجر بالفرح
بعد صافرة النهاية، تحول ملعب مارادونا ومدينة نابولي بأكملها إلى مسرح للاحتفالات التي لم تتوقف.
الألعاب النارية، الدراجات البخارية، الأعلام الزرقاء، والناس يرقصون في الشوارع، كل ذلك رسم لوحة “لفرحة لا تصدق” كما وصفها المدرب كونتي.
نابولي: اللقب الرابع في الدوري الإيطالي على الصفحة الأولى للصحافة الأجنبية. أصبح انتصار نابولي في اليوم الأخير من بطولة الدوري الإيطالي بفوزه باللقب الرابع في تاريخه، والذي تم الاحتفال به منذ مساء أمس على مواقع وسائل الإعلام الأوروبية الرئيسية، الرياضية وغيرها، من بين عناوين الصفحات الأولى في الإصدارات الورقية اليوم.
وفي فرنسا، سلطت صحيفة “لو فيجارو سبورت” الضوء على إنجاز فريق أنطونيو كونتي، الذي تغلب على إنتر ميلان، بطل الدوري ووصيف دوري أبطال أوروبا، بفارق نقطة واحدة فقط.
وفي إسبانيا، كانت صحيفتا “موندو ديبورتيفو” و”سبورت” أول من استذكر فوز الأزوري، مؤكدين أنه اللقب الرابع للنادي النابولي، بينما من البرتغال كانت صحيفة “أ بولا” هي التي أهدت اللقب لنابولي.
وفي الأرجنتين، نشرت “أولي” تعليقات حماسية ولكن بنبرة “الألبيسيلستي”، متذكرة لاعب الأزوري السابق العظيم مارادونا، واللقب الثاني الذي حققه سيميوني في الخليج، وهزيمة لاعب الإنتر لاوتارو مارتينيز.
مستقبل نابولي: سؤال دي لورينتيس المحيّر
وسط هذه الأجواء الاحتفالية، لم يغب السؤال الأهم عن مستقبل المدرب أنطونيو كونتي. الرئيس دي لورينتيس، وفيما يتعلق ببقاء المدرب، صرح: “لا تقل أبدًا”. ثم أضاف: “إذا أراد أحد أن يجعل نفسه متاحاً ‘مرحباً‘”
هذا التصريح يلقي بظلاله على مستقبل الفريق، ويجعل الجماهير تترقب ما يحمله الموسم القادم لنابولي، البطل المتوج.