بيان فتحي باشاغا: صوت العقل يدعم الشارع الغاضب ويُحيي المسار الأممي.. هل يمد يد العون لعودة قيادية ويفتح آفاق الحل في ليبيا المضطربة؟
طرابلس، ليبيا – 22 مايو 2025
في خضم التحديات الجسام التي تواجهها ليبيا، وفي توقيت يشهد فيه الشارع غلياناً شعبياً مطالباً بالتغيير وإسقاط الأجسام السياسية، برزت مواقف فتحي باشاغا، وزير الداخلية الأسبق ورئيس الوزراء السابق، لتُقدم رؤية إيجابية وبناءة. بيانه الأخير، المتزامن مع دعوات المظاهرات الحاشدة من قوى مؤثرة مثل المجلس الاجتماعي سوق الجمعة وشباب الزاوية والمنطقة الغربية، يُجسد نهجاً قيادياً يوازن بين دعم الحقوق الدستورية للشعب والالتزام بمسارات الحل السلمي.
هذه المواقف ليست مجرد بيانات سياسية، بل هي محاولة استراتيجية لدفع المشهد الليبي نحو آفاق أرحب من الاستقرار والتعافي.
يُشكل بيان باشاغا حول التظاهر السلمي دعماً قوياً ومسؤولاً للحراك الشعبي.
فبينما يُؤكد على أن “التظاهر السلمي حق مشروع ومكفول بموجب الإعلان الدستوري”، يُشير في الوقت ذاته إلى ضرورة “التزام المتظاهرين بالانضباط واحترام النظام العام، حفاظاً على الممتلكات العامة والخاصة”.
هذا النهج يُعلي من شأن حق التعبير، بينما يُحصّنه من أي انزلاق نحو الفوضى، مُرسلاً رسالة واضحة بأن التغيير المنشود يجب أن يأتي عبر القنوات السلمية والمسؤولة.
كما أن مطالبته “أبطال الداخلية ورجال الأمن ببذل أقصى ما في وسعها لحماية المتظاهرين” يضع على عاتق الدولة مسؤولية مباشرة في ضمان سلامة المحتجين، مما يُعزز الثقة ويُبعد شبح القمع الذي شهده الشارع الليبي مؤخراً.
ولم تقتصر إيجابية باشاغا على دعم الحراك الشعبي؛ فترحيبه السابق بتقرير اللجنة الاستشارية الأممية يعكس التزاماً راسخاً بالمسار الدستوري والانتخابي كبوابة للخروج من الأزمة.
إشادته بـ”مستوى رفيع من المهنية” في التقرير، وما تضمنه من “مسارات تسهم في كسر حالة الجمود السياسي”، يُظهر إيمانه بالحلول القائمة على الحوار والخبرة. هذه الخطوة تُقدمه كشخصية براغماتية تُدرك أن استشعار “معاناة المواطنين” يُحتم على الجميع “التحلي بروح المسؤولية والانخراط في حلول توافقية ومقاربات سلمية”.
هذا الترحيب بالجهود الأممية يُميز موقفه عن بعض التيارات التي ترفض أي تدخل خارجي في المسار الدستوري.
هل يُمهد باشاغا طريق عودته للواجهة؟
تُشير هذه التحركات المزدوجة من جانب فتحي باشاغا إلى استراتيجية واضحة لإعادة تموضعه بقوة في المشهد السياسي الليبي، مستغلاً الفراغ السياسي الحالي وحالة الغضب الشعبي. من خلال:
موقفه الداعم للشعب: يظهر باشاغا كصوت شعبي يؤيد مطالب الناس، لكنه يضع شروطاً لضمان سلمية الحراك ومسؤوليته، مما يجعله مقبولاً لدى شريحة واسعة.
تأييده للمسار الأممي: يُقدم نفسه كشخصية براغماتية ومسؤولة، تؤمن بالحلول الدستورية والانتخابية المدعومة دولياً، مما قد يجعله مرشحاً مقبولاً للأطراف الداخلية والخارجية.
الجمع بين الشعبية والدبلوماسية: هو يجمع ببراعة بين مخاطبة الشارع الغاضب والدعم للجهود الدولية، مما قد يجعله شخصية جامعة وقادرة على قيادة المرحلة القادمة.
بالمحصلة، تُجسد مواقف فتحي باشاغا في هذه المرحلة الحرجة نهجاً إيجابياً يسعى لمد جسور التواصل بين تطلعات الشارع وجهود الحل السياسي.
إنه يقدم نفسه كصوت عقلاني وقوي قادر على احتواء الغضب وتوجيهه نحو آفاق بناءة، مع التأكيد على أهمية الحلول الدستورية والانتخابية.
تزامُن هذه البيانات مع اشتداد الاحتجاجات الشعبية في المناطق التي لها فيها قاعدة شعبية قوية (مثل المنطقة الغربية)، يجعل من مواقفه محط أنظار.
هذه الإيجابية، الممزوجة بالخبرة القيادية والتواصل مع نبض الشارع الليبي، قد تُسهم بشكل فعال في إعادة الزخم للعملية السياسية وتهيئة ليبيا لمستقبل أكثر استقراراً وديمقراطية، وربما تُمهد الطريق لعودته كلاعب رئيسي في أي ترتيبات سياسية قادمة.