أصدرت محكمة جنايات طرابلس حكماً بالإدانة في القضية المتعلقة بواقعة تزوير واستلام معدات ومستلزمات طبية غير مطابقة للمواصفات في وزارة الصحة.
وقد أقامت النيابة العامة الدعوى العمومية في مواجهة أربعة عشر متهماً، من بينهم موظفون مخولون بمهام المطابقة والتسلم في الوزارة ومفوضو أدوات تنفيذ تعاقدت معها الوزارة.
وقد استندت النيابة العامة في دعواها إلى أدلة قاطعة أثبتت قيام جهة الإدارة بتسلم معدات ومستلزمات طبية لا تستوفي المعايير والمواصفات المطلوبة، بالإضافة إلى وضع وثائق رسمية خلافاً للحقيقة تفيد بتسلم مستشفيات غدامس وجندوبة ونسمة والشقيقة لمعدات ومستلزمات طبية بشكل وهمي.
وبعد استماع المحكمة إلى مرافعات النيابة العامة ودفاع المتهمين، أصدرت حكمها بإدانة ثلاثة عشر متهماً وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة خمس سنوات لكل منهم، مع تغريم كل واحد منهم مبلغ ألف دينار ليبي.
وعلاوة على ذلك، ألزمت المحكمة المحكوم عليهم من الأول حتى الثامن برد مبلغ إجمالي قدره أحد عشر مليوناً وثمانمائة وواحد وثمانين ألف دينار ليبي بالتضامن مع مفوضي أدوات التنفيذ، تعويضًا عن الأضرار التي لحقت بالمال العام. وشمل الحكم أيضاً حرمان المحكوم عليهم جميعًا من حقوقهم المدنية طيلة مدة تنفيذ العقوبة وسنة إضافية بعد انتهائها.
وفيما يتعلق بالمتهم الرابع عشر، فقد قضت المحكمة بمعاقبته بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل والنفاذ، نظراً لدوره في الوقائع محل الدعوى.
يعد هذا الحكم الصادر عن محكمة جنايات طرابلس تأكيداً على الدور المحوري الذي تضطلع به النيابة العامة في مكافحة الفساد المالي والإداري وحماية المال العام. فمن خلال تحقيقاتها الدقيقة وتقديم الأدلة القاطعة، نجحت النيابة العامة في إثبات تورط المتهمين في وقائع تشكل جرائم يعاقب عليها القانون الليبي، من بينها التزوير في محررات رسمية والإضرار بمصالح الدولة والمواطنين.
ويعكس إلزام المحكوم عليهم برد المبالغ المالية المتحصلة نتيجة لهذه المخالفات حرص القضاء الليبي على استرداد الأموال المختلسة وتحقيق العدالة الناجزة.
كما أن عقوبة الحرمان من الحقوق المدنية تبعث برسالة قوية مفادها أن التهاون في أداء الواجب الوظيفي والمساس بالمال العام سيقابل بعقوبات رادعة تطال الحقوق الأساسية للأفراد.

العبر المستخلصة:
سيادة القانون: يؤكد هذا الحكم على أن القانون فوق الجميع وأن المساءلة القانونية ستطال كل من يثبت تورطه في ارتكاب جرائم الفساد، بغض النظر عن موقعه الوظيفي.
أهمية الرقابة والنزاهة: يشدد الحكم على ضرورة تفعيل آليات الرقابة الداخلية والخارجية في المؤسسات الحكومية، وخاصة فيما يتعلق بإجراءات التعاقد والتسلم، لضمان النزاهة والشفافية ومنع وقوع مثل هذه المخالفات.
مسؤولية المتعاقدين: يبرز الحكم مسؤولية الأطراف المتعاقدة مع الدولة عن ضمان جودة الخدمات والمستلزمات المقدمة، وعدم التواطؤ مع أي محاولة للتلاعب أو التحايل على القانون.
دور القضاء في مكافحة الفساد: يمثل هذا الحكم خطوة إيجابية في تعزيز دور القضاء الليبي في مكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح في القطاع العام، مما يعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.
ختاماً، يؤكد هذا الحكم القضائي على عزم النيابة العامة والقضاء الليبي على مواصلة جهودهما في ملاحقة ومحاسبة المتورطين في جرائم الفساد، سعياً نحو بناء مؤسسات أكثر شفافية ونزاهة تخدم مصلحة الوطن والمواطن.