طرابلس – في خطوة تعكس اصطفافاً سياسياً واضحاً، أصدر المجلس الأعلى للدولة في ليبيا بياناً رسمياً يعلن فيه عن دعمه الكامل للموقف الذي عبر عنه عضوا المجلس الرئاسي، موسى الكوني وعبد الله اللافي، في بيانهما الصادر بتاريخ 4 مايو 2025.
يأتي هذا الإعلان في ظل مرحلة دقيقة تشهدها البلاد وتتطلب، بحسب البيان، الحفاظ على وحدة المؤسسات السيادية والتمسك بالإطار الشرعي للاتفاق السياسي.
تحليل مضمون البيان: تأكيد على التوافق ورفض الأحادية
ركز بيان المجلس الأعلى للدولة بشكل أساسي على النقاط التالية:
الدعم المطلق لبيان الكوني واللافي: يمثل هذا الدعم إشارة قوية إلى وجود تنسيق أو توافق في وجهات النظر بين المجلسين حول القضايا الرئيسية التي تواجه ليبيا.
التأكيد على أهمية الاتفاق السياسي: يشدد المجلس على ضرورة احترام الاتفاق السياسي القائم وعدم تجاوز أطره الشرعية، وهو ما يمكن تفسيره على أنه رفض لأي خطوات أو إجراءات أحادية قد تتخذها أطراف أخرى في المشهد السياسي الليبي.
التمسك بمبدأ التوافق: يعتبر المجلس التوافق قاعدة أساسية للخروج من الأزمة الراهنة، مما يعني ضمناً رفضه لأي محاولات لفرض حلول أو اتخاذ قرارات دون مشاركة وتوافق جميع الأطراف المعنية.

الإشادة بالحرص على وحدة الوطن: يثني المجلس على ما ورد في بيان الكوني واللافي من تأكيد على وحدة ليبيا ورفض أي ممارسات أحادية الجانب قد تؤدي إلى مزيد من الانقسام.
الدعوة إلى تغليب المصلحة العامة: يجدد المجلس دعوته لجميع الأطراف الوطنية إلى التحلي بالمسؤولية ووضع المصلحة الوطنية فوق أي اعتبارات حزبية أو شخصية ضيقة.
التشديد على إنهاء الانقسام والوصول إلى الانتخابات: يختتم البيان بالتأكيد على أن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود لإنهاء حالة الانقسام المؤسسي والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن إرادة الشعب الليبي.
الهدف وراء إصدار البيان: تعزيز موقف الرئاسي وإرسال رسائل سياسية
يمكن تحديد الأهداف الرئيسية وراء إصدار هذا البيان فيما يلي:
تعزيز موقف عضوي المجلس الرئاسي: يأتي البيان كدعم معنوي وسياسي للكوني واللافي، وقد يكون ذلك في مواجهة ضغوط أو تحركات من أطراف أخرى داخل المجلس الرئاسي أو في المشهد السياسي بشكل عام.

إظهار وحدة الصف بين المجلسين: يسعى المجلس الأعلى للدولة إلى إظهار وجود جبهة موحدة مع بعض أعضاء المجلس الرئاسي في التأكيد على مبادئ الاتفاق السياسي والتوافق، وهو ما قد يهدف إلى تقوية موقفهما التفاوضي في أي حوارات أو مفاوضات مستقبلية.
توجيه رسالة إلى الأطراف الأخرى: يمكن اعتبار البيان بمثابة رسالة واضحة إلى الأطراف السياسية الأخرى في ليبيا، مفادها أن أي خطوات أحادية أو تجاوز للإطار السياسي المتفق عليه لن تحظى بدعم المجلس الأعلى للدولة.
التأكيد على الدور المحوري للمجلس الأعلى للدولة: من خلال هذا البيان، يعيد المجلس الأعلى للدولة التأكيد على دوره كمؤسسة سيادية أساسية في العملية السياسية وضرورة أخذ مواقفه بعين الاعتبار.
الضغط من أجل الانتخابات: يختتم البيان بالدعوة إلى إجراء انتخابات، وهو هدف مشترك لمعظم الأطراف الليبية، وقد يكون هذا التأكيد محاولة للضغط على جميع الأطراف لتسريع وتيرة التحضير للانتخابات.
تأثير البيان على الوضع في ليبيا: تعزيز الاستقطاب أم الدفع نحو التوافق؟
من المحتمل أن يكون لبيان المجلس الأعلى للدولة تأثيرات متعددة على الوضع في ليبيا:
تعزيز الاستقطاب السياسي: من الممكن أن يزيد هذا البيان من حالة الاستقطاب بين الأطراف السياسية المختلفة، خاصة إذا كان هناك توجهات أو تحركات لا تتفق مع رؤية المجلس الأعلى للدولة وأعضاء الرئاسي المدعومين.
تقوية موقف الرئاسي المدعوم: من شأن الدعم العلني من قبل المجلس الأعلى للدولة أن يعزز من قوة ونفوذ الكوني واللافي داخل المجلس الرئاسي وخارجه.
تأثير على الحوارات والمفاوضات المستقبلية: قد يؤثر هذا البيان على شكل ومضمون أي حوارات أو مفاوضات سياسية مستقبلية، حيث سيكون من الصعب تجاهل موقف المجلس الأعلى للدولة وأعضاء الرئاسي المدعومين.
احتمال ردود فعل من الأطراف الأخرى: من المتوقع أن يصدر عن الأطراف السياسية الأخرى في ليبيا ردود فعل تجاه هذا البيان، وهو ما قد يزيد من حدة التوتر أو يدفع نحو مزيد من التوضيحات والمناقشات.
تأثير محدود على الأرض: على الرغم من الأهمية السياسية للبيان، قد يكون تأثيره المباشر على الوضع الأمني أو الاقتصادي على الأرض محدوداً.

تحليل شامل: اصطفاف سياسي في مرحلة حرجة
يعكس هذا البيان حالة من الاصطفاف السياسي بين المجلس الأعلى للدولة وبعض أعضاء المجلس الرئاسي في ليبيا. ويأتي في توقيت حساس يتطلب من جميع الأطراف تجاوز الخلافات والعمل المشترك من أجل تحقيق الاستقرار والوصول إلى انتخابات. من الواضح أن المجلس الأعلى للدولة يسعى من خلال هذا البيان إلى التأكيد على موقفه الداعم للاتفاق السياسي ومبدأ التوافق، وإرسال رسالة قوية إلى جميع الأطراف بضرورة تغليب المصلحة الوطنية وتوحيد المؤسسات من أجل مستقبل أفضل لليبيا. يبقى السؤال حول مدى استجابة الأطراف الأخرى لهذه الدعوة وتأثير هذا الاصطفاف السياسي على مسار الأزمة الليبية.