زلزال في وزارة الصحة الليبية: رئيس الوزراء يعفي نائبه ويوقف مسؤولين في قرار مفاجئ

في خطوة مفاجئة هزت أروقة السلطة التنفيذية، أصدر رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، القرار رقم 185 لسنة 2025، الذي قضى بإعفاء نائب رئيس مجلس الوزراء من مهامه في تسيير وزارة الصحة، وإلغاء قرار سابق كان قد كلفه بهذه المسؤولية.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد ليشمل إيقاف عدد من كبار المسؤولين احتياطياً عن العمل وإحالتهم إلى التحقيق الإداري، وعلى رأسهم الوزير المكلف نفسه.

الدافع وراء هذه الإجراءات الحاسمة؟ مخالفة صريحة وواضحة لقواعد الاختصاص التي يمنحها قرار مجلس الوزراء رقم (963) لسنة 2022 للهيئة الوطنية لمكافحة السرطان.

هذا القرار يفتح الباب أمام تساؤلات هامة حول مدى الالتزام بالقوانين والإجراءات في قطاع حيوي يمس حياة كل مواطن ليبي.  

فك رموز القرار (الأسباب والتفاصيل):

ينص القرار رقم 185 لسنة 2025 في مادته الأولى بوضوح على إعفاء السيد رمضان أحمد أبوجناح، نائب رئيس مجلس الوزراء، من مسؤولية تسيير عمل وزارة الصحة، ليضع بذلك حداً لتكليفه الذي استمر قرابة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر بموجب القرار رقم 39 لسنة 2022.

لكن الصاعقة الحقيقية تكمن في المادة الثانية من القرار ذاته، والتي تقضي بإيقاف عدد من الأسماء البارزة في الوزارة عن العمل بشكل احتياطي، وإحالتهم جميعاً إلى التحقيق الإداري.

السبب المعلن لهذه الإجراءات الجذرية هو “مخالفتهم قواعد الاختصاص المسندة للهيئة الوطنية لمكافحة السرطان” فيما يتعلق باستيراد الأدوية.  

بالرجوع إلى قرار مجلس الوزراء رقم 963 لسنة 2022، نجد في المادة الثالثة، الفقرة السادسة، تحديداً واضحاً لاختصاصات الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان، حيث تهدف الهيئة إلى “اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير وتوريد الأدوية والمستلزمات والأجهزة والتقنيات المتخصصة والمتطورة لعلاج مرضى السرطان لجميع الجهات والمراكز والأقسام المتخصصة في مجال علاج الأورام بالقدر الذي يضمن توفرها بشكل دائم”.

هذا النص القانوني يؤكد بشكل قاطع أن مسؤولية استيراد هذه النوعية الحساسة من الأدوية تقع حصرياً على عاتق الهيئة المذكورة.

الموقوفون عن العمل والتحقيق الإداري:

وقد شملت قائمة المسؤولين الذين تم إيقافهم وإحالتهم للتحقيق الأسماء التالية:

السيد / رمضان أحمد أبوجناح – المكلف بتسيير مهام العمل بوزارة الصحة (وهو أيضاً نائب رئيس مجلس الوزراء).

السيد / توفيق عثمان أدريس – وكيل وزارة الصحة لشؤون المراكز الطبية.

السيدة / نادية محمد أبوصبع – مدير إدارة الصيدلة بوزارة الصحة.

السيدة / ناهد المكى – رئيس قسم التسجيل بإدارة الصيدلة بوزارة الصحة.

السيد / أكرم الفزاني – رئيس لجنة العطاء المحلي بوزارة الصحة.

السيدة / فاطمة الوافى – مدير إدارة التمريض بوزارة الصحة.

هل تم إيقاف نائب رئيس مجلس الوزراء عن العمل بشكل كامل؟

من خلال نص القرار، يتضح أن السيد رمضان أحمد أبوجناح لم يتم إعفاؤه فقط من مهامه في تسيير وزارة الصحة، بل تم إيقافه أيضاً عن العمل احتياطياً وإحالته للتحقيق الإداري ضمن المخالفين لقواعد الاختصاص.

هذا يعني أن القرار يشمل تعليق مهامه كنائب لرئيس مجلس الوزراء بشكل مؤقت لحين انتهاء التحقيق على الأقل فيما يتعلق بهذا الملف.  

تأثير القرار وانعكاساته:

لا شك أن هذا القرار المفاجئ سيترك تداعيات كبيرة على سير العمل في وزارة الصحة، خاصة في ظل حساسية ملف توفير أدوية ومستلزمات علاج السرطان.

قد يشهد القطاع الصحي فترة من الارتباك وعدم اليقين لحين تعيين مسؤولين جدد وتوضيح الإجراءات المستقبلية.

من جهة أخرى، يمكن اعتبار هذا الإجراء بمثابة رسالة قوية تؤكد على ضرورة الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة للعمل الحكومي، خاصة في الملفات ذات الأهمية القصوى لحياة المواطنين.

أهمية القرار وهل هو جرئ؟

يحمل هذا القرار أهمية بالغة لعدة أسباب:

تأكيد سيادة القانون: يشدد على أن جميع المسؤولين، مهما علت مناصبهم، يخضعون للقانون ويجب أن يلتزموا بالاختصاصات الممنوحة لهم.

مكافحة الفساد وسوء الإدارة: يشير إلى وجود جدية في محاسبة المسؤولين عن أي تجاوزات أو مخالفات قد تؤثر على الخدمات الأساسية للمواطنين، وخاصة مرضى السرطان الذين هم في أمس الحاجة لتوفير العلاج بشكل دائم.

تعزيز دور الهيئة الوطنية لمكافحة السرطان: يعزز من مكانة ودور الهيئة كجهة مسؤولة بشكل أساسي عن ملف مكافحة السرطان وتوفير علاجاته.

أما بالنسبة لكون القرار جريئاً أم لا، فبالنظر إلى أن القرار طال نائب رئيس مجلس الوزراء المكلف بتسيير وزارة الصحة، بالإضافة إلى عدد من القيادات العليا في الوزارة، يمكن وصفه بالجرأة.

مثل هذه القرارات غالباً ما تكون لها تبعات سياسية وإدارية كبيرة، إلا أن اتخاذها في سبيل تطبيق القانون وضمان سير العمل الصحيح في قطاع حيوي يعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة.

يمثل قرار رئيس الوزراء رقم 185 لسنة 2025 منعطفاً هاماً في إدارة قطاع الصحة في ليبيا.

وبينما يثير تساؤلات حول الفترة القادمة وتأثيرها على توفير العلاج لمرضى السرطان، إلا أنه يحمل في طياته رسالة واضحة بضرورة الالتزام بالقانون ومحاسبة المقصرين، وهو ما قد يساهم في نهاية المطاف في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتعزيز ثقتهم في مؤسسات الدولة.

المزيد من الكاتب

السويحلي يكتسح الاتحاد برباعية تاريخية ويُعلن عن نفسه قوة ضاربة في سباق اللقب!

في ليلة كروية مجنونة، شهدت الجولة الثالثة من دوري السداسي الليبي قمة الإثارة والنتائج غير المتوقعة التي قلبت الطاولة على التوقعات!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *