في تطور لافت للأحداث، كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن استمرار الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات عسكرية مكثفة في قطاع غزة، تتضمن تدميراً واسعاً للبنية التحتية باستخدام معدات هندسية ثقيلة. وبالتوازي مع هذه العمليات، أفاد موقع “واللا” الإسرائيلي عن استعدادات تجري لمناورة عسكرية “كبرى” تهدف إلى تقسيم قطاع غزة إلى شطرين.
ووفقاً للموقع، تتضمن الخطة المقترحة إنشاء مراكز لتوزيع المساعدات الغذائية مباشرة على المدنيين في غزة، على أن تتولى إدارتها شركات أمريكية مدنية. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتقويض نفوذ حركة حماس وسلطتها في القطاع.
وتشير التقارير إلى أن تنفيذ هذه المناورة العسكرية سيستدعي تعبئة واسعة لقوات الاحتياط، بالإضافة إلى نقل وحدات عسكرية نظامية من جبهات أخرى لتعزيز القوات المشاركة في العملية. وعلى الرغم من عدم تحديد موعد دقيق لهذه المناورة، إلا أن المصادر تصفها بأنها ستكون من بين أكبر العمليات العسكرية التي يشهدها القطاع.
تأتي هذه التقارير في أعقاب تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد فيها على رفض حركة حماس لمقترح جديد للإفراج عن جزء من المحتجزين، مشدداً على أن إسرائيل لن تقبل بأقل من عودة جميع المحتجزين.
واتهم نتنياهو حركة حماس برفض المقترح والمطالبة بإنهاء الحرب كشرط للإفراج عنهم، معتبراً أن القبول بهذه الشروط يعني “هزيمة إسرائيل”. وأوضح أنه على الرغم من إدراكه لمعاناة عائلات المحتجزين، فإن الجيش الإسرائيلي سيواصل “زيادة الضغط” على حماس لتحقيق كافة أهداف الحرب، معرباً عن “تأكده من إمكانية إعادة المختطفين دون تحقيق شروط حماس”.
كما أكد رئيس الوزراء على أن حكومته لن تستسلم لشروط حماس التي وصفها بأنها محاولة “لإخضاعنا”، محذراً من أن الاستسلام لهذه الشروط سيعرض أمن إسرائيل للخطر ويضيع “كل الإنجازات التي حققناها”. وشدد على أن بلاده تمر بمرحلة “حاسمة من المعركة” تتطلب “طول النفس للانتصار” وعدم الاستسلام لحماس.
وكان نتنياهو قد وجه في وقت سابق تعليمات للجيش الإسرائيلي باتخاذ “إجراء قوي” ضد حماس، وذلك رداً على رفض الحركة لإطلاق سراح المحتجزين وجميع مقترحات وقف إطلاق النار.
يُذكر أن إسرائيل استأنفت قصفها على قطاع غزة في 18 مارس الماضي، بعد توقف استمر نحو شهرين عقب اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في 19 يناير الماضي، وذلك بسبب تعثر المحادثات لتمديد الاتفاق أو الانتقال إلى مرحلته الثانية.

تحليل ما وراء المناورات المحتملة:
إن الكشف عن هذه التقارير المتعلقة بعملية عسكرية واسعة النطاق ومحاولة تقسيم قطاع غزة يثير تساؤلات حول الأهداف الحقيقية لإسرائيل وتوقيتها، خاصة في ظل جمود المفاوضات حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى:
الضغط على حماس في المفاوضات: قد تكون هذه التسريبات جزءاً من استراتيجية الضغط على حركة حماس للقبول بالشروط الإسرائيلية في مفاوضات تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. من خلال التلويح بعملية عسكرية واسعة النطاق، تسعى إسرائيل إلى إجبار حماس على تقديم تنازلات.
تحقيق أهداف الحرب المعلنة بالقوة: مع تعثر الحلول الدبلوماسية، قد تلجأ إسرائيل إلى محاولة تحقيق أهدافها المعلنة، وعلى رأسها “القضاء على حماس”، من خلال عملية عسكرية واسعة تهدف إلى تفكيك قدرات الحركة وتقويض سيطرتها على القطاع.
تغيير الواقع الجيوسياسي في غزة: إن تقسيم قطاع غزة وإنشاء مراكز توزيع مساعدات بإدارة أطراف خارجية قد يكون محاولة لتغيير الواقع الجيوسياسي في القطاع على المدى الطويل، وإيجاد بدائل لسلطة حماس أو إضعافها بشكل كبير.
الاستجابة للضغوط الداخلية: يواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة من الرأي العام الإسرائيلي وعائلات المحتجزين لتحقيق تقدم في ملف الأسرى. وقد تكون هذه الخطط محاولة لإظهار جدية الحكومة في هذا الملف، حتى وإن كان ذلك من خلال الخيار العسكري.
استغلال الدعم الأمريكي: إن إشراك شركات أمريكية في إدارة توزيع المساعدات قد يهدف إلى تعزيز الدعم الأمريكي للعمليات الإسرائيلية في غزة، أو على الأقل ضمان عدم معارضة واشنطن الشديدة لهذه الخطوات.
المخاطرة بتصعيد إقليمي: من الجدير بالذكر أن مثل هذه العمليات العسكرية الواسعة قد تحمل في طياتها خطر التصعيد الإقليمي، خاصة مع تزايد التوترات في المنطقة.
في الختام، تبقى التقارير حول العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في غزة قيد التداول، ولا يزال توقيتها ونطاقها الدقيق غير واضحين. ومع ذلك، فإن الإعلان عنها في هذا التوقيت الحساس يشير إلى تحول محتمل في الاستراتيجية الإسرائيلية، مع التركيز بشكل أكبر على الخيار العسكري لتحقيق أهدافها في القطاع، وما يحمله ذلك من مخاطر وتحديات إنسانية وسياسية كبيرة