“النائب العام يقود جهوداً حاسمة لمكافحة تزوير بيانات الأحوال المدنية: تعزيز للنزاهة وحماية لحقوق الشعب”
في خطوة تعكس الدور المحوري الذي يوليه مكتب النائب العام في صون الحقوق العامة وضمان سلامة الإجراءات القانونية، عقد المستشار النائب العام، يوم الثلاثاء الموافق 16 أبريل 2025، اجتماعاً هاماً ضم السادة المحققين المختصين بواقعات تزوير بيانات الأحوال المدنية. هذا الاجتماع يُعد مؤشراً قوياً على الأهمية القصوى التي توليها النيابة العامة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة وتداعياتها على مختلف الأصعدة.
استهل المستشار النائب العام الاجتماع ببيان واضح ومفصل لأغراض مخطط تقصّي البيانات التي جاءت على خلاف الحقيقة. هذا المخطط يهدف في جوهره إلى الكشف عن حجم ونطاق عمليات التزوير التي طالت بيانات الأحوال المدنية، وفهم الأساليب والتقنيات التي استخدمها المتورطون في هذه الأفعال الإجرامية. كما أوضح دواعي التدابير المتخذة للحدّ من تبعات التزوير، مؤكداً أن هذه التدابير ضرورية لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطنين، والتي قد تتأثر بشكل كبير نتيجة لتلاعبات في بيانات الهوية والمواطنة.
إن هذه التدابير الاستباقية تعكس حرص النيابة العامة على معالجة المشكلة من جذورها ومنع تفاقم آثارها السلبية على المجتمع.
تطرق المستشار إلى نتائج مرحلة تمكين أعضاء النيابة العامة من مسك المجالات الإدارية المتعلقة بالسجل المدني.
هذه المرحلة تُعد خطوة استراتيجية هامة، حيث تهدف إلى تزويد أعضاء النيابة العامة بالمعرفة والفهم العميق للبيانات المدرجة على قاعدة مصلحة الأحوال المدنية. من خلال تحليل هذه البيانات وفق مرتكزات أعمال التحقّق من سلامة سجلاتها، يصبح أعضاء النيابة العامة أكثر قدرة على اكتشاف أي تلاعب أو تزوير قد يكون قد وقع.
هذا التمكين يعزز من قدرة النيابة العامة على ممارسة دورها الرقابي والإشرافي على سجلات الأحوال المدنية بكفاءة وفعالية أكبر.

استعرض المستشار مخرجات مرحلة تدقيق بيانات الإقامة؛ والانتقال؛ والاكتتاب في مائة وستين مكتباً من مكاتب المصلحة. هذا التدقيق الشامل يُظهر مدى جدية النيابة العامة في فحص دقة واكتمال البيانات في مختلف مكاتب الأحوال المدنية على مستوى البلاد.
كما تم عرض الإحصاءات التي ميزت بين الأخطاء الخارجة عن دائرة البحث الجنائي؛ وتلك التي سهَّلت تسجيل معلومات على خلاف الحقيقة. هذا التمييز الدقيق يعكس احترافية النيابة العامة في التعامل مع هذه القضايا، حيث يتم التركيز على الأخطاء التي قد تنطوي على فعل جرمي بهدف محاسبة المتورطين.
أوضح المستشار أغراض مراجعة بيانات الانتماء إلى الأصل الليبي؛ وتوافر شروط اختيار الجنسية الليبية؛ وسلامة إجراءات حصول الأجانب عليها في سياق كَفّ تبعات العبث ببيانات المواطنة.
هذه المراجعة الدقيقة تأتي في صميم جهود النيابة العامة للحفاظ على الهوية الوطنية وضمان عدم حصول أي شخص لا يستحق على الجنسية الليبية بطرق غير قانونية. ثم تم تناول نتائج مرحلة أرشفة مائتين واثنين وثمانين ألفاً وأربعمائة وسبعة وأربعين ملفاً تضمنت وثائق إجراءات الحصول على الجنسية الليبية. هذه الأرشفة الضخمة تُسهل عملية الرجوع إلى الوثائق الأصلية والتحقق من صحة الإجراءات المتخذة، مما يساهم بشكل كبير في كشف أي تلاعب قد يكون قد حدث وسهَّل تسجيل معلومات على خلاف الحقيقة.
في سياق مقتضيات ردّ الفعل الجنائي على أفعال تزوير البيانات، تناول المستشار الأدلة القوية التي أسفرت عنها إجراءات مرحلة المراجعة.
وقد حثَّ وكلاءه على تحريك الدعوى الجنائية، ورفعها في مواجهة العابثين ببيانات الأحوال المدنية – على اختلاف المادّيات المنسوبة إليهم. هذا التأكيد على ضرورة المساءلة القانونية يُظهر عزم النيابة العامة على تطبيق القانون بحزم على كل من تسول له نفسه التلاعب ببيانات المواطنين. كما شدد المستشار على ضرورة رفع هذه الدعاوى في أوقات تتلاءم مع واجب الحدّ من آثارها الماسّة بحقوق الشعب على الصُعُدِ الاقتصادية؛ والاجتماعية؛ والسياسية.
إن هذه الجهود الحثيثة التي يقودها مكتب النائب العام لمكافحة تزوير بيانات الأحوال المدنية تحمل في طياتها انعكاسات إيجابية عميقة على المجتمع الليبي بأكمله.
فعلى الصعيد الاجتماعي، تساهم هذه الإجراءات في تعزيز الثقة بين أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة، وتقوية الشعور بالعدالة والمساواة أمام القانون. كما أنها تحمي النسيج الاجتماعي من التصدعات التي قد تنجم عن الاختلالات في بيانات المواطنة.
أما على الصعيد الاقتصادي، فإن ضمان سلامة بيانات الأحوال المدنية يسهم في تحقيق الشفافية والنزاهة في التعاملات المالية والاقتصادية، ويقلل من فرص الفساد والاحتيال. وعلى الصعيد السياسي، فإن وجود سجل مدني دقيق وموثوق به هو أساس لعملية ديمقراطية سليمة، حيث يضمن حقوق المواطنين في المشاركة السياسية بشكل عادل ونزيه.
إن معالجة هذه القضية الحساسة تعزز من سيادة القانون وترسخ أسس دولة المؤسسات القادرة على حماية حقوق مواطنيها.

يؤكد مكتب النائب العام أن هذه الإجراءات والتحقيقات ليست مجرد حملة مؤقتة، بل هي جزء لا يتجزأ من خطة استراتيجية مستمرة تهدف إلى ضمان النزاهة الكاملة لسجلات الأحوال المدنية. وتتضمن هذه الخطة تطوير آليات رقابة وتحقق دورية ومستمرة، بالإضافة إلى تحديث الأنظمة والإجراءات المتبعة لمنع أي محاولات للتلاعب بالبيانات في المستقبل.
إن النيابة العامة ملتزمة بمتابعة هذا الملف الهام بكل جدية ومثابرة حتى تحقيق الأهداف المرجوة.
تؤكد النيابة العامة على الدور الهام والفاعل الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني ووسائل الإعلام في دعم هذه الجهود الوطنية. فمن خلال التوعية بأهمية الحفاظ على سلامة بيانات الأحوال المدنية وخطورة التهاون مع أي محاولات للتزوير، يمكن لهذه الجهات المساهمة في خلق رأي عام مناهض لهذه الأفعال الإجرامية.
كما أن الشفافية في عمل النيابة العامة وإطلاع الجمهور على مستجدات التحقيقات ونتائجها يعزز من الثقة في المؤسسة القضائية ويشجع المواطنين على التعاون وتقديم أي معلومات قد تساعد في كشف الحقائق.
تدرك النيابة العامة حجم التحديات والمعوقات التي قد تعترض طريق هذه المهمة الوطنية، والتي تشمل ضخامة حجم البيانات المطلوب مراجعتها وتدقيقها، وقدم بعض السجلات التي قد تتطلب جهوداً مضاعفة في التعامل معها، فضلاً عن إمكانية وجود محاولات للتستر والتضليل من قبل المتورطين.
إلا أن هذه التحديات لن تثني النيابة العامة عن المضي قدماً في تحقيق أهدافها، مستندة إلى كفاءة محققيها وتعاون الجهات ذات العلاقة.
يوجه مكتب النائب العام رسالة طمأنة إلى كافة المواطنين الكرام، مؤكداً لهم حرصه الشديد على حماية حقوقهم المدنية وعدم التهاون مع أي محاولات للمساس بهذه الحقوق من خلال التلاعب ببياناتهم الشخصية أو بيانات أسرهم.
إن النيابة العامة تعمل بكل قوة لضمان أن تكون سجلات الأحوال المدنية دقيقة وموثوقة، وأن يتم محاسبة كل من يثبت تورطه في عمليات التزوير وفقاً للقانون.

تولي النيابة العامة اهتماماً خاصاً للإطار القانوني المنظم لعمل مصلحة الأحوال المدنية وإجراءات تسجيل البيانات.
وفي ضوء النتائج والتحديات التي تظهر خلال هذه التحقيقات، قد يتم اقتراح مراجعة وتطوير القوانين والتشريعات ذات الصلة بما يضمن توفير إطار قانوني أكثر قوة وفعالية لمكافحة جرائم تزوير البيانات وحماية سجلات المواطنين من أي عبث أو تلاعب.
في الختام، يؤكد المستشار النائب العام على أن الهدف الأسمى لهذه الجهود هو اطلاع المجتمع على الحقيقة وتدعيم جهود إحلال الاستقرار والسلم المجتمعي، مشدداً على أهمية التعاون بين كافة الجهات والمواطنين